الشفيع أحمد عمر يكتب: سلام .. النهايات…العظيمة
كانت خطوط المؤامرة و حجمها يمضي باشكال مختلفة و بخطى متسارعة ..و الشواهد و الحكايات تطل تفاصيلها اليومية ..لتتعدى حدود المنطق والمعقول . و المعتاد ..و علامات الدهشة مرسومة على كل الطرقات و محطات السكن ..على امتداد البلاد وعرضها في المدن والأرياف والأصقاع البعيدة ..وكانت الأسئلة الحيرى ..تتقافز في أذهان جميع الشعب .. كلما شاهد تحركا للأرتال العسكرية أو جماعات ترتدي ذلك الغطاء المعلوم الوصف والجهة.. تراها و هي تغزو المدن فتطير القلوب و توجف الأنفس … فعاد همس المدن جهرا و قولا لا يقبل التأويل و بدأ التفسير الوحيد أن الحرب تدق الأبواب بعنف .. حتى من غير ما استئذان أو اعتبار …وفي الساعات الأولي من ليل الخامس عشر من أبريل ..كانت النقاشات قد وصلت منتهاها ..و العقول الخربة قد أسكرتها نشوة الفرح المنتظر .. والأسماء قد تم مهرها وطبعها باللون الأسود (لجماعة) كان مأمول لها أن تكون هي الفاعل السياسي الرئيسي و المتحكم الأول في أمر البلاد ..كل (موصوف) (بمحل) كرسيه الجديد في الوزارة الجديدة …من عمر السودان الجديد ..وكان الإنقلاب الذي (خططت) له دول الإقليم المحيط ..و تكره الأن أن تأتي بسيرته … جميعهم (تبع) جدد في دائرة الخيانة الحديثة ..وعار الممارسة الفضيحة ..ممارسة ابتدروها .. هم .. استكمالا لشعارات جوفاء تحمل (عناوين) عريضة للحقبة المرسومة .. وهي .. (إنهاء سيطرة دولة ال 56) ..و (حماية حقوق الهامش) و (تحطيم سيطرة التيار النيلي علي مقاليد الحكم و السلطة) ..شعارات باطلة كذوبة..لكنها الأماني الحالمة بالجلوس علي كرسي المبنى العتيق قبالة النهر العظيم …و ينسى الجميع أن من يسوس الناس حكما وملكا ..لا يأتيه التفويض إلا من عند السموات السبع و إن (كثر) العتاد .. و انهمر سيل المال الحرام .. و غابت العقول خلف النشوة و (ملذة) الانتصار الخذول …
ودخلنا مباشرة في عمق المأزق التاريخي (كؤود المرتقي و المصعد) ..و حضرت (الحرب) بكل خراباتها و مصائبها و مواجعها المؤلمة.. و (أثقلت) كف الوطن ضراعات النجاة و (مال) (كتفيه) من حمل الهم و مصاعب القادم المجهول …و دخلت البلاد أتون الخراب و الدمار ..و (احترقت) الخرطوم بكل إرثها و تراثها و تاريخها المديد .. و غاب الأمن عن الجنينة و نيالا ..وذهبت منارات دارفور و مدنها الودودة . وسقطت مدني حاضرة الوسط كله (عشق) (المغنين) و ملهمة (الشعراء) ..والأدباء ولحقتها . سنجة و الدندر و (جبل موية) ..الجبل الأسطورة .. مهد الحضارة . ومكان (إلتقاء) (رجال) تأسيس الدولة المدنية الحديثة وقيام السلطنة الرمز و العزة . و (الإنعتاق الفخر الأصيل) مملكة سنار …
و تحقق المراد (الأول) ..لحاملي (قلم) اللوح و الكتاب ..و عبثت أيدي المليشيا الحاقدة . بجسد الوطن المكلوم .. و اكتملت (الحلقات) (المعدة) لافتراس أمة الكبرياء العظيم ..
و برغم الرهق الطويل لم تنكسر شوكة (جيشنا وقواتنا) و من خلفهم بقية المقاتلين.. و سطروا (خوالد) من التضحيات الكبار ..و شجاعة قهرت المليشيا . و (أودعت) قادتها الي الدرك السحيق و مجاهيل النسيان .. و بدأ العمل النوعي المضاد المدروس ..لكن كلما علت للوطن هامة و تحقق للجند الصابر نصر .. (عض) (الراسمون) بنان الحسرة والندم ..و هرعوا لمحطات (إستراتيجية ..الانتظار ) ..حتي (يشكلون) توازنا جديدا للقوى .. وبناء (لهدن) خبيثة المحتوي و الغرض ..ليستثمروا في ذلك مزيدا من الوقت و الدعم و تجديد الحياة .. ويلحقوا الهزيمة النفسية بقيادة الجيش و الدولة ..ذلك شأنهم على امتداد التاريخ الإنساني ..يجملون (حروف) السلام .. نغما يسايرون . به تقلبات الميدان و المعركة ..لكنا هنا نتوقف .. وهنا لا بد لنا من مدارسة التاريخ جيدا . و نقرأ في (صفحاتة) القريبة . ونتأمل. حرب (النكسة) 67 ..حينما تحطم (الجيش العربي) في ستة أيام فقط … في مصر وسوريا و الأردن ..و دخل الصهاينة ..بلادا ومواقع جديدة .. و في غمرة اليأس العربي ..تدخلت (الأيدي العابثة) بمصير الأمم وشعوبها …و أعلن مجلس الأمن وقتها وبعد أن تأكد من أن الجيش الإسرائيلي قد عبر الي غرب القناة ..فعليا ..وفي اليوم السادس للحرب مباشرة أصدر المجلس قرار ملزما بوقف الحرب بين الأطراف نهائيا ..و تم نصب الشرك الكبير (لأم الدنيا) و خسر العرب الحرب بكاملها .. و لم تزل اختلالات توازن القوى متحكمة في معادلات الصراع العربي و الإسرائيلي ..و امتدت ذات الأيادي القذرة لتنهش في جسد الأمة العربية . في الصحراء الغربية . و جبهة البلوساريو .. و الأمازيق فضلا عن اليمن و سوريا والعراق ..
هو التفكير ..و الخبث يخرج من نفس (الصعيد) و (الوجهة)..ليجعل من المليشيا .. طرفا سياسيا وعسكريا يعامل بذات طريقة المعاملة مع الجيش النظامي . وله حضور في الواقع السوداني برغم كل (الفظاعات) التي ارتكبتها المليشيا .. لأن ذلك هو (مراد) الفئة التي تدعي أنها الجيش الذي لا يقهر ..مما يستوجب أخذ الحيطة ..و الإعتبار ..فهم يجددون فقط (تواريخ) الفعل .. ويمضون علي ذات النهج ….
إن السلام الذي (نرتجيه) سيدي البرهان ..سلاما يتجاوز حتي العواطف لاولئك (العاهات) (المشوهة) من العاقين الذين يتسولون في طرقات بلاد الدنيا وليس في وجوههم (ذرة) حياء .. بأن يكون الخطاب لهم واضح (القسمات) و صريح العبارة واللغة بأن لا دور لكم (البتة) في الشأن العام الداخلي حتي يقول الشعب كلمته غفر لكم أو أنزل فيكم العقاب المبين ….
السلام الذي نبتغيه سيدي القائد ..هو سلاما يعيد البسمة لأهل دارفور . و (يرجع) راحة الخرطوم . و تعود سنجة و قريباتها (تسبح) في الأزرق الهادر ..ولا تخاف حتي من تيار (الغرق) …. سلاما يمنح أهل الجزيرة الخضراء (ماعون) (التعويض) الكافي ..بالطمأنينة و السكينة . و أن (تسترجع) الأرض التي ملأها الدم و الدمع و عذابات الانكسار .. تعود خضراء كما كانت و نفسها بيضاء (كلوزات) قطنها وبياض (حليب) نوقها ..
السلام الذي نرجوه سيدي القائد سلاما عزيزا يملؤنا كبرياء وعزة وشموخ ..بلا منقصة أو تجني أو احتقار فلم يعد لدينا ما نخسره . بعد إذلال الحرب وقهر شعبنا الكريم ..فالأصوات الباردة التي تتعالي الآن وتنادي بقول (لا) للحرب وترفع الشعارات السمجة هي ذات الأصوات التي (غنت) طويلا وهامت (بحب) المليشيا ولم تزل ..في تجن مفضوح و تغبيش للحقائق و تجيير للمواقف …
السلام الذي نطلبه هو أن تخرج هذه (المليشيا) من حياة الناس وذاكرتهم . و ألا يكون لها أي دور في مقبل الدنيا .. وأن تكون مؤسساتنا الوطنية مبرأة من (وساوس) شياطين (المتلونين) أصحاب الأغراض و المصالح والأوجه المتعددة ..و (كارتيل) الفساد و (مواخير) الريبة والضلال ..ليحصد الوطن أهدافه و مصالحه الكبري .و يعم الآستقرار و إعادة البناء وفقا لمشروع وطني متكامل يحمل الوحدة الوطنية نبراسا وهدي …
السلام الذي نحتاجه سلاما يجعل الشعب بمقاومته الثورية . ذراعا أيمنا ومقاتلا في قلب المعركة الكبرى . يحمل السلاح و لا يبالي ..و لا يأبه لمنصات الدنيا بأجمعها و ما تقوله ..فله من ثابت القول ما يقول . وعيناه منصوبة في سماء العزة لا يهزها جبان ..و لا ترعبها تهديدات (خيابا) آخر الزمان ..
السلام الذي نرجوه سلاما يوثق للحرب و(تداعياتها) ويبني (إرشيفا) متكاملا لها .. لتتدارسه الأجيال القادمة وتعرف كيف (ضحت) هذه الأمة ونالت شرفها دونما آنكسار و تبقي أدبياتنا الحاضرة تأسيسا لمشاريعهم الثقافية القادمة فخرا و إنتماء .. إنه سلام ..النهايات العظيمة .. سلام يكون بردا و سلاما على أمتنا و شعبنا .. لا إنقاصا فيه لحقوق و لا مزايدة لجماعة .. و لا انتكاسة من درب تاريخنا الوضئ ……
….
#منصة-اشواق-السودان