سطور علي الرمال
عبدالرحيم علي جارالنبي يكتب :
الإعلام و الأمن القومي
الإعلام هو أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات الحديثة، حيث يلعب دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام وتوجيهه وفي ظل التطورات التكنولوجية الهائلة، أصبح للإعلام تأثير أكبر وأوسع على الصعيدين الداخلي والخارجي، خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي. يساهم الإعلام في تعزيز الأمن القومي من خلال دوره في توجيه الوعي المجتمعي، والتصدي للشائعات، وتقديم المعلومات الدقيقة التي تمنع ترويج الأفكار الهدامة.
أحد أهم أدوار الإعلام هو ترسيخ قيم الولاء والانتماء للوطن، وتعزيز الوحدة الوطنية. عندما يتناول الإعلام القضايا الوطنية بروح من المسؤولية، فإنه يسهم في توحيد المجتمع حول أهداف مشتركة تتعلق بأمنه واستقراره. وفي ذلك تكون التغطيات الإعلامية للأحداث الوطنية الكبرى، مثل الانتخابات أو الكوارث الطبيعية، وكذلك مثل التغطية لاحداث الحرب في السودان تكون فرصة لتوحيد الصف الداخلي، وإبراز مدى تلاحم الشعب مع قيادته.
وفي جانب آخر وفي عصر المعلومات، تنتشر الشائعات بشكل سريع، وتكون هذه الشائعات عاملًا مهددًا للأمن القومي إذا تم استغلالها لزرع الفتنة أو تأجيج الصراعات الداخلية. يلعب الإعلام دوراً مهماً في مواجهة هذه الشائعات من خلال تقديم المعلومات الصحيحة وتفنيد الأكاذيب. والتغطيات الصحفية الدقيقة، المدعومة بالمصادر الموثوقة، تعتبر خط الدفاع الأول ضد أي محاولة لزعزعة الاستقرار.
وكذلك يمكن للإعلام أن يساهم بشكل كبير في توعية المواطنين حول التهديدات التي تواجه أمنهم القومي، سواء كانت تلك التهديدات داخلية أو خارجية. من خلال البرامج الوثائقية والتحقيقات الصحفية، يمكن تقديم نظرة معمقة حول أهمية الحفاظ على أمن الدولة، والطرق التي يمكن للمواطنين من خلالها المساهمة في دعم هذا الأمن. كما يساعد الإعلام في تعزيز الثقافة الأمنية بين المواطنين، مما يجعلهم أكثر وعياً بأدوارهم وحقوقهم في حماية الوطن.
الإعلام الوطني القائم علي أسس علمية ومهنية يعتبر سيلة فعالة لتعزيز صورة الدولة على الصعيد الدولي. ويمكن للإعلام أن يعمل كأداة دبلوماسية ناعمة، تنقل رسالة الدولة إلى العالم وتقدم صورة إيجابية عنها. هذه الدبلوماسية العامة تساعد في تعزيز علاقات الدولة مع الدول الأخرى، وتساهم في خلق بيئة دولية داعمة لمصالحها القومية.
مع تطور وسائل الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح التأثير الإعلامي أكثر تعقيداً، حيث تتداخل المعلومات من مصادر متعددة. الإعلام الرقمي يوفر فرصة كبيرة لنشر المعلومات بسرعة وفعالية، ولكنه في الوقت ذاته يشكل تحدياً فيما يتعلق بالتحقق من صحة تلك المعلومات. ولذلك، أصبح لزاماً على المؤسسات الإعلامية وأن تطور آلياتها لضمان مصداقية الأخبار التي تنشرها على هذه المنصات، والقدرة على مواجهة الحملات الدعائية التي تستهدف الأمن القومي.
بينما تعتبر حرية الإعلام ركناً أساسياً في أي مجتمع ديمقراطي، فإن الحفاظ على الأمن القومي يتطلب في بعض الأحيان فرض نوع من الرقابة على المعلومات التي تتعلق بالأمن القومي. هذا التوازن بين حرية الإعلام والمسؤولية الوطنية يتطلب من الصحفيين التحلي بأعلى مستويات المهنية والأخلاق، وضمان أن يكون هدفهم الأول هو خدمة الصالح العام.
لا شك أن الإعلام يلعب دوراً محورياً في الحفاظ على الأمن القومي، سواء من خلال تعزيز الوحدة الوطنية أو التصدي للشائعات والمعلومات المغلوطة. ولكن لتحقيق هذا الدور على النحو الأمثل، يتطلب الأمر تعاوناً وثيقاً بين المؤسسات الإعلامية والأجهزة الحكومية، لضمان أن تكون الرسائل الإعلامية داعمة لاستقرار الدولة وأمنها.
▪️قضايا في الصحافة والإعلام ▪️
سلسلة مقالات نخصصها لمختلف القضايا والموضوعات المتعلقة بالاعلام والممارسة الصحفية بشكل عام نهدف من خلالها للمساهمة في الارتقاء بمهنة الصحافة والإعلام قدر المستطاع … ولنا عودة بإذن الله
