د. خالد البلولة يكتب : بين البرهان و عبد الحي يوسف ماذا هناك ؟
د. خالد البلولة يكتب :
بين البرهان و عبد الحي يوسف ماذا هناك ؟
التقيت بشاب آسيوي، فساءلته عن معلومة تخص بلاده دون أن يسهب في الحديث، فقال: “مافي معلوم”، ثم ذهب في حال سبيله. وقد اعتقدت أن هذا السلوك يعكس حرصًا ووعيًا بالحماية والوقاية، لأن “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”. نحن السودانيين بحاجة إلى أن نتعامل بوعي كبير عند الحديث عن القضايا التي تتعلق ببلادنا وأمننا القومي مع الآخرين، وإن اضطررنا لذلك، يجب أن نوضح وفقًا للمعلومات الصادرة عن الجهات المختصة في بلادنا. للأسف،نحن السودانيين نميل إلى الثقة الزائدة بالآخرين والانفتاح في تعاملاتنا اليومية دون تروي. كما نفتقر إلى الحس الأمني في تعاملنا مع الآخرين، مما يجعلنا أقل يقظة في بعض المواقف،خاصة في أوقات الأزمات أو التحديات الكبرى، حيث نفتقر إلى الحساسية الأمنية العالية. استمعت إلى حوار نظمه “مركز مقاربات للتنمية السياسية”،وهو مركز يُعنى بالتأهيل والتدريب والتثقيف، وفتح مساحات للحوار بين الناشطين في العمل السياسي وتطوير المشاريع السياسية الوطنية، وتمكين الطاقات الشابة وتطوير أدواتها المعرفية. يقع مقر المركز في إسطنبول بتركيا، مع الدكتور عبد الحي يوسف، الداعية المعروف والأستاذ الجامعي في جامعة الخرطوم. وقد أثار حديثه جدلًا واسعًا في الأوساط السودانية في وقت تمر فيه البلاد بحرب ضارية، في البداية،كنت أظن أن حديثه مجرد “ونسة” عابرة تم تسريبها للوسائط الحديثة دون علمه، ولكن بعد أن شاهدت الفيديو، تبين لي أنه كان حديثًا معدًا له، حيث بدا الدكتور عبد الحي مرتبًا واثقًا من معلوماته، وملمًا بالشأن السياسي السوداني منذ فترة الإنقاذ الوطني حتى ثورة ديسمبر،كما كانت هناك مداخلات من الحضور الذين بدوا جمهورًا نوعيًا منتقى بعناية.في تقديري، جمع حديث الدكتور عبد الحي بين معلومات متاحة للجميع ووجهات نظر تعكس مواقفه الشخصية، رغم أنه تحدث بلسان الحركة الإسلامية في بعض المواقف،ولا أدري ما المقصود بـالحركة الإسلامية في حديثه:هل يقصد التيار الإسلامي العريض؟ أم يقصد أنصار السنة؟ أم المؤتمر الوطني المحلول بأمر السلطات السودانية منذ 2019؟ أم يقصد الإخوان المسلمين؟ فقد تشظت الحركة الاسلامية إلى عدة تيارات وحركات.
وفي سياق حديثه، وصف الدكتور عبد الحي رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني بأنه “شخصية غير محترمة”،ودعا للتعامل معه بناءً على ذلك،مبررًا رأيه بتردده في اتخاذ قرارات هامة رغم موافقته عليها ثم التراجع عنها،ثم قال:(رجل ما عنده دين) وهي عبارة تُستخدم في السودان مجازًا للتعبير عن شخص غير ملتزم بتعاليم الدين في سلوكياته اليومية، مثل الأمانة والصدق ،وعلى الرغم من أن هذا التعبير قد يختلف في تفسيره، أعتقد أن الدكتور عبد الحي لم يقصد بذلك أنه لا يؤمن بأي دين، بل ربما أراد الإشارة إلى أنه لايلتزم بالعهود والمواثيق التي يوقعها، فالرئيس البرهان هو شخص مسلم، ينطق بالشهادة ويصلي ويصوم، وربما قصد الدكتور عبد الحي أن البرهان لا يلتزم بتعهداته.
ورغم ذلك، نجد أن هذا التوصيف الذي أطلقه الدكتورعبد الحي على الرئيس البرهان، من زوايا متعددة، يُعد تطاولًا غير مقبول من داعية إسلامي أو أستاذ جامعي، فوصفه بانه غير محترم وما عنده دين يعد تشهيرًا غير مبرر،خاصة إذا كان يتعلق بشخص يمثل رمز سيادة البلاد وقائد جيشها،من الناحية القانونية،يعتبر هذا نوعًا من القذف الذي يعرض قائله للمسؤولية القانونية ومن الناحية الشرعية، يجب أن يكون النقد بنّاءًومحترمًا و أن يتجنب التجريح أو الإهانة.واذا النقد حول الاداء التنفيذي او السياسي لرئيس البلاد فلا حرج في ذلك ويعد من اساليب التقييم والتقويم للاداء.
وفي المقابل وجه رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان حديثا غاضبا ردا على تصريحات الدكتور عبد الحي يوسف قائلاً:”نطمئن الشعب السوداني بأن جميع القوات المساندة للجيش متوحدة على قلب رجل واحد، ومن يشكك في ذلك، ندعوه إلى أن يأتي إلى السودان”. وأضاف البرهان: هناك من قال إنه لا يوجد جيش، ونحن نقول له: اقعد في بلادك الساقطة،نحن منتصرون رغم أنف أي شخص، وربنا معنا وسينصرنا” وأكد البرهان أن الجيش هو جيش السودان، وأنه ملتزم بحماية الوطن والدفاع عنه مهما كانت التحديات.
أراد الرئيس البرهان بهذا الحديث أن يؤكد للجميع أن القوات المساندة للجيش متوحدة ومتفقه على هدف واحد هو القضاء على قوات الدعم السريع المتمردة لذلك يعملون في القوات المسلحة ككتلة واحدة، وهو رد على أي إشاعات أو شكوك حول تباين أو انقسام داخل القوات المسلحة.
ويُطرح سؤال ملح هنا: لماذا لم يترك الفريق عبد الفتاح البرهان الرد على تصريحات الدكتور عبد الحي يوسف لمستشاريه أو الناطق الرسمي باسم الحكومة أو حتى لوزير الشؤون الدينية؟ بدلاً من ذلك،اختار البرهان الرد بنفسه، وكان رده كانه انتصار شخصي له، لكن في تقديري، فإن رد البرهان يعكس قدرًا كبيرًا من الحزم والثقة بالنفس. فالرد من القائد قد يكون ناتجًا عن شعوره بضرورة الدفاع عن موقفه وسمعة الجيش في وقت حساس، حيث أن الهجوم على الجيش السوداني قد يُعتبر هجومًا على سيادة البلاد.
(اعتقد) أن الحديث الذي ادلى به د.عصام احمد البشير هو الذي يمثل غالبية اهل السودان الان وخلاصته( ان بلادنا تخوض حرب وجود تستهدف هويته وجغرافيته وموارده وقيمه اذا كان هناك واجب مؤجل و واجب معجل فان الواجب المعجل ان ينتظم الجميع مع الجيش والمستنفرين والمجاهدين حتى يردعوا هؤلاءالمتمردين ويردوهم على اعقابهم وبعد ذلك البلاد في الانتخابات العامة تقدم من تقدم وتؤخر من تؤخر ويحترم الناس الاختيار الشعبي العام لكن الان لابد من درء الفتنة التي تستاصل شافة السودان وتدمر موارده واضعاف جيشه).مهم الان أن يتم تعزيز الوعي الأمني والنقد الموضوعي والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع السوداني لتقدم الوطن وحمايته من المخاطر.