د.إسماعيل الحكيم يكتب : ملحمة الاستقلال ومعركة الكرامة ، إرث الرجال وصمود الأجيال
-
- د.إسماعيل الحكيم يكتب :
ملحمة الاستقلال ومعركة الكرامة ، إرث الرجال وصمود الأجيال
- د.إسماعيل الحكيم يكتب :
-
*قبل 69 عاماً،* خرج المستعمر الإنجليزي من السودان تحت وطأة وإرادة شعب صلب، واجه التحديات بعزيمة الرجال ووحدة الصف الداخلي. فجاء استقلال السودان في الأول من يناير عام 1956 إعلاناً لسيادة وطن أراده أبطاله، كالمهدي والأزهري والمحجوب، حراً مستقلاً، يجمع تحت رايته كل أبناء الشعب السوداني.
واليوم، يجد السودان نفسه في معركة جديدة لا تقل أهمية عن معركة الاستقلال، حيث يواجه عدواً خفياً يسعى لاستعباد هذا الشعب العظيم من جديد، متخفياً خلف عباءة العملاء والخونة الذين باعوا وطنهم لصالح مشروع تآمري كبير.
الاستقلال لم يكن مجرد حدث عابر ، بل كان رسالة خالدة بأن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع بالإرادة والدماء. واليوم، يتكرر المشهد ذاته، مع اختلاف الأعداء والأساليب. فالعدو الذي يطمع في أرض السودان وشعبه يستخدم أدوات داخلية من الخونة والمليشيات المأجورة لتنفيذ أجندته الاستعمارية، مستهدفاً السودان ككيان موحد وذو مكانة إقليمية راسخة ، وسبق نضالي بيّن. وكما واجه الأجداد المستعمر الإنجليزي بتوحيد الجبهة الداخلية، فإن معركة اليوم تستدعي نفس الروح النضالية. إنها معركة “حرب الكرامة” التي يخوضها الجيش السوداني، مدعوماً بشعب وفيّ يدرك أن الدفاع عن الوطن هو مسؤولية الجميع .
ففي هذه اللحظة التاريخية، يقف الجيش السوداني كعادته، حصناً منيعاً أمام المؤامرات. إنه ذات الجيش الذي صان استقلال السودان قبل عقود، واليوم يعيد كتابة صفحات من المجد بتضحياته في ميادين القتال، دفاعاً عن الأرض والشعب.
إن هذه الحرب ليست مجرد نزاع داخلي بين الجيش والميلشيا ؛ إنها معركة وجودية تحاول قوى الشر عبرها تفكيك السودان وسلب إرادته. لكن الجيش، ومن خلفه الشعب، ظل يقدم ملاحم بطولية تؤكد أن السودان الذي هزم الاستعمار بالأمس لن يُهزم أمام مليشيات خائنة أو مخططات استعمارية جديدة بإذن الله تعالى .
السودان ليس أرضاً عابرة في خارطة التاريخ، بل هو وطن الرجال العظماء الذين أرسوا أسس الحرية والكرامة. المهدي الذي قاد ثورة التحرير، والأزهري الذي أعلن الاستقلال، والمحجوب الذي كان رمزاً للوحدة الوطنية والدبلوماسية الواثقة ، جميعهم تركوا إرثاً من العزة والسيادة .
اليوم وبعد ٦٩ عاماً ، تستلهم الأجيال الجديدة روح هؤلاء القادة، لتقف أمام مشروع تقسيم وتدمير السودان. إنها معركة بين إرادة الحياة الحرة وإرادة الهيمنة الوارثة للصَغار والخضوع ، بين شعب يرفض الذل وأعداء يسعون لتمزيق صفه.
ولكل من خان وطنه وأراد أن يبيعه بثمن بخس دراهم معدودة ومحدودة ، نقول لك ، إن السودان الذي لفظ الاستعمار ورفض الذل لن يقبل بخيانة أبنائه مرة أخرى. وسيبقى عصياً على كل من يحاول النيل منه، وسيظل الشعب السوداني واعياً بالمخططات التي تستهدف أرضه وهويته.
في ذكرى استقلال السودان الـ69 ، حري بنا أن نقف إجلالاً لتاريخ مشرق ونستلهم من الماضي قوة للمستقبل. فمعركة اليوم ليست فقط للدفاع عن الحدود والجغرافيا ، بل هي معركة للحفاظ على هوية الوطن، وعلى إرث شعب لم يعرف الهزيمة ولا الانكسار ولن يعرفهما أبداً بإذن الله تعالى.
السودان سيبقى كما أراده أبطاله وكماته ، حراً، قوياً، شامخاً. ومع كل جندي يدافع عن الوطن ، وكل مواطن يدعم جيشه، تُكتب صفحة جديدة في تاريخ هذا الوطن العظيم، عنوانها: الكرامة لا تُساوم، والسيادة لا تُباع.