منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. اسماعيل الحكيم يكتب : فتنة جنوب السودان .. رسالة إلى قادة البلدين

0

د. اسماعيل الحكيم يكتب :

فتنة جنوب السودان .. رسالة إلى قادة البلدين


في خضم الصراع الدائر في السودان بين الجيش الوطني ومليشيا الدعم السريع، تبرز أزمة جنوب السودان كجزء من مشهد معقد تقوده قوى خفية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وإطالة أمد حرب الكرامة. هذه الفتنة التي ظهرت في الجنوب ليست سوى حلقة جديدة من مخطط كبير يسعى لإبقاء السودان وجنوبه رهينين للفوضى، وتحقيق أطماع من لا يريدون لأهل هذه الأرض أن ينعموا بالاستقرار والازدهار.
ولا يمكننا قراءة أحداث جنوب السودان بمعزل عن الصراع المستمر في السودان. فقد أصبحت الحرب الدائرة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع ساحة مفتوحة لتدخلات إقليمية ودولية، تسعى إلى تقسيم السودان وإضعافه عبر إشعال فتيل الفتن الداخلية والخارجية على حد سواء .
فإن جنوب السودان ، الذي نال استقلاله في 2011 بعد سنوات من الحرب والنضال ، يعاني اليوم من تحديات داخلية تتغذى على التدخلات الخارجية. فبعض القوى الخبيثة ارادات أن تستغل الانقسام بين الشمال والجنوب كوسيلة لإطالة أمد الحرب في السودان الشمالي ، مستخدمة الجنوب كمنصة لزعزعة استقرار المنطقة بأكملها لهدف واحد ألا وهو إضعاف السودان الشمالي واستنزاف قدراته البشرية والاقتصادية لصالح أجندات لا تخدم شعوب المنطقة عامة وشعب السودان خاصة .
فإلى قادة البلدين نقول إن ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة عابرة ، بل هو اختبار حقيقي لحكمتكم وقدرتكم على وضع مصلحة شعوبكم فوق كل اعتبار. السودان وجنوبه ليسا دولتين منفصلتين إلا جغرافياً ، بل يجمعهما تاريخ طويل، ومصير مشترك، وروابط جغرافية واقتصادية واجتماعية لا يمكن تجاهلها.
وإن الاستقرار في السودان لا يمكن تحقيقه دون استقرار جنوبه، والعكس صحيح. هذه العلاقة التكاملية هي ما يجب أن يدفع قادة البلدين إلى تجاوز الخلافات والعمل معاً لإجهاض المخططات التي تستهدف شعوبهم.
وإذ نخاطبكم اليوم بضرورة استعادة البوصلة نحو السلام، وتوجيه كل الجهود نحو تحقيق التنمية الشاملة التي تعود بالنفع على الجميع. وإن من يزرعون الفتنة اليوم هم أنفسهم الذين يتاجرون بدماء الأبرياء ويستغلون ضعفنا لخدمة مصالحهم الخاصة.
ولا شك أنّ ما بين السودان وجنوبه أكبر من أن تفرقه فتنة أو أطماع خبيثة. شعوب هذه الأرض تستحق أن تنعم بالسلام والاستقرار، وتاريخها العريق يشهد بأنها قادرة على تجاوز كل المحن إذا ما توحدت الإرادة بإذن الله تعالى .
عليه آن الأوان لقيادات البلدين أن يدركوا أن الطريق إلى مستقبل أفضل يبدأ من وحدة الصف وصدق النوايا. كما يجب أن تكون هناك خطوات جادة لإنهاء الحرب من حكماء دولة الجنوب ، ومبادرات حكيمة لإعادة بناء الثقة بين الطرفين، والعمل على معالجة جذور الأزمات بدلاً من الاكتفاء بعلاج أعراضها.
ولا ننسى فإنّ السودان وجنوبه أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن ينتصروا على الفتنة معاً، أو يتركوا المجال مفتوحاً أمام أعدائهم لتحقيق أطماعهم. والخيار لكم، ولكن الشعوب تنتظر منكم موقفاً حازماً وشجاعاً يضع حداً للفتنة ويعيد للمنطقة استقرارها وأمنها. ولنعلم أن
مصيرنا واحد، وأعداؤنا لن يرحموا ضعفنا، فلنكن على قدر المسؤولية التي وضعها التاريخ على عاتقنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.