هيثم بابكر يكتب : اليهم في يوم عيد
هيثم بابكر يكتب :
اليهم في يوم عيد
الي الذين توسدوا تراب الخرطوم ووضعوا شقهم الايمن تجاه القبلة .. ثم حثي عليهم رفقاء الخنادق والبنادق حفنة من تراب وانصرفوا.. لتبقي مع الشواهد والشواخص سطورا في سفر التاريخ محفورةً في وجدان كل سوداني غيور ..
الي الذين خالطت دموعهم دماءهم وعرقهم وهم يحثون التراب علي الاكفان المبتلة بالدماء في حوش القيادة العامة، وارض سلاح الاشارة، وموقف شندي.. فاختلطت سُقيا الدم القاني بغبار القبور لتنبت من بين طين الارض وبذرة العطاء شجرة الكرامة التي اظلت سماء السودان اليوم فرحا وبهجة..
لله درّكم ايها الذين رجعتم تحت صوت القصف وبين زخات الرصاص، مُثقلي الخُطي تسابقون الشوق للحاق بموكب الاحبة وبين يديكم واجبات سد الثغور .. ورفع الراية .. وتقديم المثال.
يامن عُدتم الي المعارك بالشحيح والقليل والمعدم، من اسباب الحياة والبقاء، والكثير المثير المُلهم ، من الايمان والتوكل واليقين، تغسلون الشوق بالدموع، والمواقف بالثبات، والحزن بالبشارة، واليأس بالعهد والبيعة .. عزاؤكم ان وعد الله حق.. وان رفقاء دربكم وحصاركم رغم الرحيل الا انهم احياء عند ربهم يرزقون .. وشهادتكم فيهم شهادة صدق .. فقد عاشوا شهداء على الناس وكان الرسول عليهم شهيدا..
الي الذين امتلأت رئتيهم برائحة البارود وعبق البنادق ، وغبار المعارك فما زادهم ذلك الا حُبّا للشهادة، وعشقاً للوطن ، ورغبة في اللحاق بالاحبة..
الي الذين سالت دماءهم غزيرة لاجل ان نكون.. ولاجل ان نعيش عيشة كريمة، ولاجلنا نحن القاعدون .. المُخلّفون.. المُبعدون.. المشرّدون…
يا من كتمتم انين الجراح حتى لايُسمع صوت لجلجة .. لمن في عنقه بيعة لله على الموت في سبيل الدين والوطن .. ولقائده بطاعة الاوامر ولو ادى ذلك للمجازفة بحياته ..
الي زوجات الشهداء والمحاصرين ممن ودّعن ازواجهن وديعة الرحمن، وارضعن فلذات اكبادهن حليب الصبر من بين فرث الترقب ودم المعارك.. فكُنّ خير خلف.. يهدهدن الصغار بعودة الاباء والاحباب ، ويغلبن الصبر بالتّصبُّر..
الي الامهات اللائي ولدن الرّجال، كبارا، كراماً منذ المولد والنشأة ، وربينهن على الجد والاجتهاد والبسنهن ثوب الرجالة والشجاعة والبسالة والشهامة والكبرياء والاقدام، يهدهدنهن بترنيمة بنونة بت المك نمر ”
ما دايرالك الميتة أم رماداً شح
دايراك يوم لُقى بدميك تتوشّح
وقت الخيل تتدعكك والسيف يسوي التح
الميت مسولب والعجاج يكتح
أحيّ علي سيفو البسوي التح”
الي سيوف الله المسلولة .. القائد العام وقادة الجند والبراؤون.. اسود العرين.. واشبال الشهيد عرديب.. ابطال القوات المسلحة وفرسان العمل الخاص ونمور الشهيد مأمون.. والمستنفرين وكلنقة الاحتياطي، وفهود المشتركة.. جوارح عين الصقر ونسور الجوية..ومعلمي المدفعية .. وجليبيبين كُثر .. صنعوا في هذا اليوم المبارك قطرات من عرق ودماء .. سالت من شمعة النصر التي اشعلت شعلة الفرح لتوقد شمس الكرامة ..
اليكم جميعا .. يا من اثلجتم صدورنا وشفيتموها بفضل الله وتوفيقه .. يا من اخرجتم دموع الفرح عنوةً من مُقل الرجال قبل النّساء، واطربتم الزمان بزغاريد النصر الصادقة العذبة التي خرجت من قلوب المستضعفات المُهجَرات المقهورات.. قبل ان تعانق السماء عبر التقاء سبابة وابهام توسدتا الشفاه بعد التسبيح والتحميد .. لتلفت انتباه العالم بصوت النصر وطعم النصر وحلاوة النصر..
اليكم جميعا .. ارسل رسالة تعجز الحروف عن كتابتها كما تستحق، استرق بعض حروف لاقول
“جزاكم الله خيرا .. وسدد رميكم ووحد صفكم وجعلكم خير مقدم لخير امة اخرجت للناس .. شكرا لكم فقد اثلجتم صدورنا، وبعثتم في نفوسنا الامل، وجددتم معنى الوطنية والبسالة، واعدتم لنا كرامتنا ..شكرا لكم “