رصد وتحقيق صحفيي : عبدالرحمن محمد عثمان : *إلى سعادة وزير التعليم العالي.. أدرك حرب إدارة جامعة كردفان على منسوبيها*
رصد وتحقيق صحفيي :
عبدالرحمن محمد عثمان :
*إلى سعادة وزير التعليم العالي.. أدرك حرب إدارة جامعة كردفان على منسوبيها*
*إشادة مستحقة*
في البدء لا بد من الإشادة بكل الجهود الكبيرة التي بذلها المخلصون من أبناء السودان لأجل تماسك الدولة السودانية وبقائها في كل الميادين التي تكاملت فيها المجهودات المؤسسية “عسكريا ومدنيا داخليا وخارجيا” في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد
*لا تفريط في مكتسبات البلاد*
لا يخفى على كل المهتمين بشأن البلاد وسط زحام المهام والتكاليف الصعبة المبذولة لأجل الحفاظ على الدولة في كل نواحيها؛ أنه قد كان من ضمن هذا السعي العريض توجه الجهات السيادية والتنفيذية العليا إلى الحفاظ على مكتسبات هذه البلاد المتراكمة على امتداد عقود من الزمان، والتي من بينها نظامه التعليمي الذي يمثل قمة هرمه التعليم العالي وما أودعته الدولة فيه من بناء حسي ومعنوي، يشكل رأس رمحه ومحرك عجلته ثلة مؤهلة من الأساتذة والمحاضرين الأكفاء في المجالات كافة والتخصصات المختلفة؛ قد أنفقت الدولة على تأهيلهم عبر وزارة التعليم العالي وبرامجها التدريبية غالياً من رصيد هذا البلد، ولا يشك عاقل في أن فقد هذه الثروة العلمية يعد خسارة عظيمة وهدماً لركن من أركان هذه الدولة التي تتجه الحرب القائمة لهدمها وتدمير مكتسباتها، كما أظهره التدمير والتخريب الممنهج لبنية البلاد التحتية ومن بينها مؤسسات التعليم العالي..
*وتمضي مسيرة التعليم العالي مع تحديات الحرب*
بفضل الله ثم بجهود وزارة التعليم العالي مسنودة بتوجيهات مجلس السيادة وجهود وزارة المالية المقدرة في هذا الظرف الحرج؛ مضت المسيرة التعليمية والبحثية في هذه المؤسسات بتخطيط إداراتها وإشرافها على إيجاد الخيارات والبدائل المناسبة لظرف البلاد الآني، وقد أتت ثمارها بنسبة كبيرة من النجاح، لتشهد نهاية فصولها الدراسية جلوس الطلاب للامتحانات في مراكز عقدت في المدن الآمنة داخل البلاد وخارجها بعد استيفاء المطلوبات الدراسية حضورياً، أو عن بعد Online عبر الوسائل والوسائط المناسبة لبرامج دراسية محددة.
*جامعة كردفان خلال الحرب وحصار الأبيض*
لقد كانت جامعة كردفان إحدى الجامعات التي سارت على ذات النهج المذكور، فانتظمت دراستها حضوريا بنسبة تستوعب ما أمكن سيره بهذا الخيار، في ظل عدم تمكن بعض الطلاب والأساتذة الذين حاصرتهم الحرب في مدن ومناطق بعيدة مع ما تشهده مدينة الأبيض من حصار مضروب على كل الطرق من المليشيا المحاربة؛ لا يأمن معها الإنسان على نفسه ولا عرضه ولا ماله.. فانطلقت وفق هذه المعطيات المسيرة التعليمية لكثير من البرامج الدراسية عبر وسائل التعليم عن بعد المناسبة لتستكمل النسبة المتبقية من مجموع البرامج التعليمية بالجامعة، وقد أكملت فصولاً دراسية ختمت بامتحانات جلس فيها الطلاب في مراكز خارج السودان “مصر .. ليبيا .. السعودية.. الخ ” ومراكز أخرى داخل البلاد “بورتسودان .. دنقلا.. شندي.. كوستي .. الخ ” ، وقد أشرف على هذه المراكز أساتذة من الجامعة اضطرتهم ظروف الحرب للذهاب إلى تلك الأماكن، فباشروا رسالتهم في مواطن وجودهم مع تدريسهم لما أسند إليهم من مقررات عن بعد كما درس آخرون من زملائهم بذات الطريقة في أماكن أخرى، وقد كانت إدارة الجامعة تشرف على سير هذه الأعمال عبر عمداء الكليات لا يخفى عليها شيء من هذه الجهود، بل كانت المنشورات الإعلامية الصادرة عن إعلام إدارة الجامعة تنشر تقارير إعلامية مصورة لما يتم داخل البلاد وخارجها من مسيرة تعليمية لجامعة كردفان خلال الحرب..
*إدارة الجامعة والحرب الأخرى على منسوبيها*
مع بدء السنة الجديدة وعند انتهاء شهر يناير تفاجأ منسوبو الجامعة وخاصة أعضاء هيئة التدريس بقرار إدارة الجامعة القاضي بوقف صرف مرتبات من حبستهم الحرب خارج مدينة الأبيض ابتداء من مرتب شهر فبراير، وطالبت الإدارة الموقرة الجميع بتوفيق أوضاعهم في موعد أقصاه 15/ 2 إما بالحضور إلى مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان التي يقيم واليها خارجها بسبب حصار الحرب للمدينة ويباشر مهامه من مكان إقامته، أو بطلب إجازة سنوية أو إجازة بدون مرتب.
قد لا نحتاج إلى شرح المعاناة التي لحقت بكل السودانيين المتضررين من الحرب، لأن من لم يصبه شيء منها رأى آثارها على غيره، فأساتذة الجامعات الذين شردتهم الحرب إلى مدن أخرى وهم يتقاضون قرابة السنتين 60% من مرتبهم الذي ابتلعه التضخم؛ لا يكفي هذا المرتب أحدهم لإيجار منزل متواضع في قرية من قرى السودان الآمنة ناهيك عن مدنها، وهم صابرون مستمرون في أداء رسالتهم بما أمكن من وسائل وخيارات متاحة، لتخرج جامعة كردفان بهذا القرار الذي تخالف فيه نظيراتها من الجامعات السودانية التي شملتها رقعة الحرب، وتوجه بذلك حربا أخرى على منسوبيها تضاف إلى الحرب القائمة وتزيد من معاناتهم.
*ازدواجية المعايير*
من التناقضات العجيبة في هذا السلوك الإداري لجامعة كردفان أنها لم تلزم طلابها الذين سجلوا للدراسة عن بعد online بنسبة الحضور المنصوص عليها في اللوائح الأكاديمية مراعاة لسلامتهم في ظرف الحرب، بينما تتجه إلى إلزام أساتذتهم بالحضور دون مراعاة لمخاطر الحرب التي تترصدهم في طرقات السفر المحاصرة بالمليشيا المعتدية ودونما بحث عن سلامتهم والمحافظة على رصيدهم المعرفي!!
*تساؤلات وهمهمات*٠ج
كل ذلك دفع إلى تساؤلات عما وراء القرار من حيثيات ودوافع، يدندن البعض حول تصريحات إدارة الجامعة بضرورة تجنيب أموال بغرض تسيير العمل تضاف إلى الأموال المقرشة ممن مات ومن نزل المعاش ومن أخذ إجازة بدون مرتب وغيرها، فهي كتلة نقدية لا راجع منها إلى وزارة المالية مهما بلغت أرقامها، ولا تحكم بتشريع غير التصرفات الإدارية الداخلية، ويهمهم آخرون عن مواطن خلل إداري مالي في تنفيذ مشروعات وإجار عقارات وحوافذ ونثريات يراد لها الاستمرار والمزيد .
*هذه ليست المرة الأولى*
هذا السلوك الإداري لم يكن فلتة من بين سلوك إدارة جامعة كردفان تجاه منسوبيها فقد انتهى العام 2024م والعاملون بالجامعة لم يصرفوا مرتب شهر نوفمبر إلا في آخر العام بعد صرفهم لمرتب شهر ديسمبر مع أن سائر الجامعات قد التزمت صرف مرتبات العاملين في اليوم الأول من شهر نوفمبر بلا تأخير .. ولا أحد يجد مبررا كافيا لحبس مرتبه لمدة شهرين كاملين تضاعف عليه معاناته.
*في بريد وزير التعليم العالي*
هذه رسالة مناشدة لسعادة وزير التعليم العالي لوقف حرب السلوك الإداري التي تطال منسوبي جامعة كردفان فتزيدهم معاناة على معاناتهم من الحرب التي فرضت على هذه البلاد.