منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

أمواج ناعمة د. ياسر محجوب الحسين *حكومة الخونة.. اقطع العرق وسيح دمه*

0

أمواج ناعمة

د. ياسر محجوب الحسين

*حكومة الخونة.. اقطع العرق وسيح دمه*

إن إعلان جهة متمردة عن تشكيل حكومة موازية، واحتمال تسابق بعض الدول المعادية للسودان للاعتراف بها، يحمل في طياته مخاطر جسيمة تهدد استقرار البلاد. ورغم أن نجاح أو فشل هذه الحكومة الموازية يعتمد على عدة عوامل، منها قوة الحكومة الشرعية وموقف المجتمع الدولي من الأزمة، إلا أنه يتوجب علينا أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة جميع التهديدات، مهما بدت صغيرة أو بعيدة الاحتمال.
ومن بين هذه المخاطر، تقويض سيادة الدولة من خلال إضعاف سلطة الحكومة المركزية، ومنح شرعية زائفة للمتمردين وعملاء الخارج، مثل جماعات (قحت)، (تقدم)، (صمود)، وهلم جرا، مما يهدد وحدة البلاد واستقرارها. كما أن هذه الخطوة تعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية، وقد تؤجج صراعات عرقية وجهوية، مما يزيد من تعقيد الأزمة. علاوة على ذلك، قد تشجع هذه الخطوة جماعات أخرى على الانضمام إلى موجة التمرد، خاصة إذا نجح كيان متمرد في إقامة حكومة موازية. هذا بالإضافة إلى أن مثل هذه الخطوة ستفتح الباب أمام تدخلات خارجية أكثر جرأة وسفورا، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
ولا يمكن إغفال الآثار الاقتصادية السلبية التي ستترتب على ذلك، حيث ستتراجع الاستثمارات، وتقل القدرة على الحصول على القروض والمساعدات الدولية، مما يفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين. وأخطر ما في الأمر هو احتمال نشوء نزاع مسلح طويل الأمد، حيث أن مثل هذه الحالات غالبًا ما تؤدي إلى حروب أهلية ممتدة، خاصة إذا توفرت دعومات خارجية، مما يحول المتمردين إلى أطراف في حرب بالوكالة.
لذا، فإن مقاومة إعلان هذه الحكومة الموازية و”قطع عرقها وتسييح دمها” أصبحت ضرورة ملحة. وهذا يتطلب استراتيجية شاملة تجمع بين الحلول السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية.
على المستوى الداخلي: يجب تعزيز الشرعية الوطنية من خلال تشكيل تحالف وطني يضم الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والقوى الاجتماعية، مما يعزز من قوة الحكومة الشرعية. كما ينبغي معالجة القضايا الوطنية التي تستغلها مليشيا الدعم السريع الارهابية وأعوانها من السياسيين، عبر تنفيذ إصلاحات تعيد ثقة المواطنين في الدولة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تحسين الخدمات العامة وتلبية احتياجات المواطنين، خاصة في المناطق التي قد تتعاطف مع المتمردين، مما يسد الطريق أمام أي محاولات للتمرد.
عسكريا وأمنيا: يجب تعزيز قدرات القوات المسلحة وتجهيز الأجهزة الأمنية لمواجهة أي تهديدات محتملة. كما يجب تنظيم وتقوية الاستنفار الشعبي وهيكلته ليكون قادرًا على الدفاع عن البلاد. ولا بد من تعزيز العمليات الاستخباراتية لجمع المعلومات حول تحركات المتمردين وقطع مصادر تمويلهم ودعمهم اللوجستي. ويمكن استخدام استراتيجيات مكافحة التمرد، مثل العزل الجغرافي والضغط المستمر على المليشيات الإرهابية، لتقويض قدرتها على التوسع والسيطرة.
دبلوماسيًا: يجب تحشيد الدعم الدولي عبر التواصل مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لضمان استمرار الاعتراف بالحكومة الشرعية ومنع الاعتراف بالحكومة الموازية. كما يمكن استخدام القنوات الدبلوماسية لكشف الدول الداعمة للتمرد وفضح دورها في زعزعة الاستقرار. بالإضافة إلى ذلك، يجب تنشيط دور المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لإدانة هذه الخطوة واتخاذ إجراءات ضد الجهات المتمردة.
اقتصاديا: يجب حماية الاقتصاد الوطني من خلال منع المتمردين وأعوانهم من السيطرة على الموارد الاقتصادية التي قد يستخدمونها لتمويل أنشطتهم. كما يجب فرض عقوبات داخلية على الشركات أو الأفراد المتعاونين مع المتمردين، والتنسيق مع الحلفاء لفرض عقوبات دولية على داعميهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز الاقتصاد عبر التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لجذب الاستثمارات والمساعدات، مما يساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإضعاف قدرة المتمردين على كسب الدعم.
إعلاميا: يجب تفنيد مزاعم المتمردين عبر استخدام الإعلام المحلي والدولي لنشر الحقائق حول الوضع وكشف زيف ادعاءات الحكومة الموازية. كما يمكن تعزيز الخطاب الوطني من خلال وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية، لترسيخ وحدة الشعب وإظهار قدرة الحكومة الشرعية على حماية البلاد. وفي الوقت نفسه، يجب مراقبة الحملات الإعلامية الموالية للمتمردين والعمل على تقويض تأثيرها من خلال حملات مضادة.
باختصار، إن النجاح في مقاومة الحكومة الموازية يعتمد على الاستجابة السريعة، والجمع بين القوة والمرونة، والتحرك المتوازن داخليًا وخارجيًا. وقد أثبتت التجارب أن الدول التي لم تتعامل بجدية مع مثل هذه التهديدات وجدت نفسها في حروب أهلية طويلة أو تفكك سياسي واقتصادي. لذا، فإن الوقت الآن هو وقت الحسم والعمل الجاد لإنقاذ السودان من براثن الفوضى والتمرد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.