خبر وتحليل : عمار العركي *بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي حول السودان.. قراءة في الدلالات والأبعاد*
خبر وتحليل : عمار العركي
*بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي حول السودان.. قراءة في الدلالات والأبعاد*
▪️رحبت وزارة الخارجية السودانية بالبيان الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي أدان بشكل واضح إعلان مليشيا الدعم السريع وتابعيها إنشاء حكومة موازية، محذرًا من المخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها هذه المحاولات، ومؤكدًا التزامه بالمحافظة على سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه.
▪️واعتبرت الخارجية السودانية أن هذا البيان يمثل التزامًا واضحًا بالمبادئ الأساسية للاتحاد الأفريقي، التي تقوم على صيانة سيادة الدول ووحدتها ورفض التدخلات الخارجية. كما أشارت إلى أن الموقف الأفريقي يتسق مع مواقف الأمم المتحدة، مجلس الأمن، الجامعة العربية، المؤتمر الدولي لإقليم البحيرات العظمى، والدول الفاعلة في المجتمع الدولي، مما يعزز من عزلة أي كيان يسعى لفرض أمر واقع جديد في السودان.
*دلالات البيان وتعزيز الموقف السوداني*
▪️بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي لم يكن مجرد إعلان بروتوكولي، بل مثل تحولًا جوهريًا في طريقة تعاطي الاتحاد الأفريقي مع الملف السوداني. تزامن هذا الموقف مع الترحيب الرسمي من وزارة الخارجية السودانية، التي لم تكتفِ بالإشادة به، بل عملت على ترسيخه ضمن سياق دبلوماسي أوسع، يبرز مدى اتساقه مع القرارات الدولية الأخرى الرافضة لأي محاولات لتقسيم السودان أو الاعتراف بأي حكومة موازية.
▪️هذا التفاعل المتكامل بين الدبلوماسية السودانية والمؤسسة الأفريقية يعكس قدرة السودان على إعادة تشكيل الموقف الاقليمية والدولية ، ليكون ذلك دعمًا لوحدته وسلامة أراضيه، وذلك بعد فترة من التراجع خلال عهد المفوضية الإفريقية السابقة، التي أدت إلى فقدان الأمل في إمكانية لعب الاتحاد دورًا إيجابيًا يراعي مصالح السودان كدولة عضو .
*_استثمار البيان أفريقيًا ودوليًا_*
▪️من خلال الربط بين بيان الاتحاد الأفريقي وموقف الخارجية السودانية، يمكن القول إن السودان حقق مكسبًا دبلوماسيًا مزدوجًا. فمن جهة، استطاع توحيد الموقف الأفريقي الرسمي ضد أي مشاريع سياسية موازية تهدد وحدة أراضيه، ومن جهة أخرى، تمكن من توظيف هذا الموقف كـ ورقة ضغط دبلوماسية يمكن البناء عليها في المؤسسات الدولية الأخرى، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لضمان استمرار الحصار السياسي على القوى الساعية لفرض واقع سياسي جديد في السودان.
*_بداية تغيير إيجابي داخل الاتحاد الأفريقي_*
▪️يمثل هذا التطور إحدى بشريات التغيير الإيجابي داخل مفوضية الاتحاد الأفريقي في نسختها الجديدة، التي بدأت تتبنى مواقف أكثر توازنًا تجاه القضايا الأفريقية، وعلى رأسها الملف السوداني. يختلف هذا التوجه بشكل واضح عن النهج السابق للمفوضية في عهد موسى فكي، الذي دفع العلاقة بين السودان والاتحاد الأفريقي إلى مرحلة الجمود وفقدان الأمل في إمكانية لعب الاتحاد أي دور إيجابي لصالح السودان.
▪️لكن هذا البيان يعكس تحولًا ملموسًا، حيث يبدو أن الاتحاد الأفريقي يستعيد دوره كمنصة فاعلة للدفاع عن وحدة الدول الأعضاء، بعيدًا عن أي حسابات سياسية منحازة، وهو ما يتطلب من السودان تعزيز تواصله مع هذه النسخة الجديدة من المفوضية لضمان استمرار هذا النهج الداعم لقضاياه وقضايا المنطقة بشكل يستعيد فيه السودان تأثيره ونفوذه الإقليمي داخل منظومة الإتحاد الإفريقي، وارسال رسالة بان السودان رغم ازماته ، لكن يستصحب معه أزمات المنطقة الإفريقية .
*_الرسائل السياسية للداخل والخارج_*
▪️بيان الاتحاد الأفريقي وما تبعه من دعم رسمي من الخارجية السودانية يحمل رسائل سياسية قوية على أكثر من صعيد. فمن ناحية، يعزز الثقة الداخلية بأن السودان ليس معزولًا، بل يحظى بدعم قاري واضح ضد أي تهديد لوحدته. ومن ناحية أخرى، يضع الجهات الدولية التي قد تفكر في التعامل مع الكيان الموازي في موقف سياسي حرج، حيث أصبح لديها إجماع إقليمي يمنع أي محاولة للاعتراف بحكومة غير شرعية داخل السودان.
خلاصة القول ومنتهاه
▪️يمثل البيان الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي، والترحيب الذي صدر عن وزارة الخارجية السودانية، نقطة تحول جوهرية في إدارة الأزمة السودانية على المستوى الإقليمي والدولي. هذا الموقف جاء نتيجة تحركات دبلوماسية ذكية ومركزة، استهدفت إعادة السودان إلى قلب الاهتمام الأفريقي، ومنعت محاولات فرض أمر واقع جديد على الأرض.
▪️لكن هذا النجاح يجب ألا يكون نهاية المسار، بل بداية لاستثماره على نطاق أوسع، عبر تكثيف التحركات الدبلوماسية والإعلامية لضمان تعزيز هذا الموقف أفريقيًا ودوليًا، والعمل على تحييد أي جهود معاكسة تهدف إلى تقويض سيادة السودان. فالدبلوماسية ليست فقط تحقيق انتصار لحظي، بل هي عملية مستمرة تتطلب البناء على المكاسب وتعزيزها في المحافل المختلفة.