زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة فإن خان الأمانة فقد سبقه إخوته وخانوا الوطن
زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة
فإن خان الأمانة فقد سبقه إخوته وخانوا الوطن
خرجنا من ديارنا كسائر السودانين الذين فروا بأعراضهم من غدر الأوباش وأستودعنا الله بيتنا ومافيه وأستأمّنا عليه من عاش بيننا واكل وشرب معنا من إناء واحد وعرفناه والفناه حتى أطفالنا يؤانسونه ويفتقدونه عند غيابه ، غادرنا شرق النيل حي النصر وقت ذاك على أمل العودة بعد العيد لظننا أن الأحداث عابرة وستعود المياه إلى مجاريها ولم يكن في خُلدنا أن المؤامرة أكبر من أن تُطوى في أيام ، غادرنا بيتنا في حي النصر ولم نحمل معنا سوى قليل المقتنيات تكفي لأيام العيد وكالعادة سلمنا المفتاح لأمين الدار وحاميها الذي أضحى فيما بعد حراميها.
طيلة عامي الحرب كان شقيقي في تواصل مع من استأمناه كحارس وحامي حمى الدار يرسل إليه راتبه الشهري ومصروفه الجاري فيسأله عن الحال فيجيبه أن كل شيء كما تركه والبيت بأمان لم تطاله يد المليشيا أو الشفشافه وأن وجوده وحركته في الشارع حالت دون سرقته ، كنت لا اخفي هواجسي على اخي كغيري من افراد الأسرة وقلت له أخشى أن فلان باسمه يجمع بين الإثنين يستلم راتبه الشهري ويشفشف البيت ، فدائما يرد علينا لا لا فلان دا أمين لا يعرف الغدر بالإضافة لكونه شخص متدين ، مرت السنة الأولى والثانية والرجل الذي لايعرف الغدر يغدر بدارنا ومابها ونحن نصدقه فيما يقول وهو يقبض الثمن نظير حراسته حتى بعد أن بسط الجيش سيطرته على كامل شرق النيل ظل متواصلاً مع شقيقي يطلب المال لترتيب الحال .
بعد إكتست شرق النيل بالأخضر الكامل وبعد إكتمال عمليات التمشيط بدأت بتفتيش قوائم الهاتف بحثاً عمن يأتيني بالخبر اليقين والنبأ القاطع ويصف لي حال بيتنا فأتصلت على احد الإخوة الأفاضل من المجاهدين الاماجد فاستفسرته عما إذا كان موجوداً بالمحور وطلبت منه أن يذهب إلى بيتنا وإن كان بعيداً فليرسل رسولا يقص علينا مابه أو أن يرسل صوراً ومقاطع تطمأننا عليه فوعدني خيراً .
السبت الثاني والعشرون من رمضان أوفى المجاهد بوعده وبعث لي فيديو من داخل المنزل الذي تمت سرقته والعبث بكل محتوياته وتحويل واحدة من غرفه كمطبخ ، والمؤسف أن هذا الحارس المؤتمن قبل أسبوع من الآن يتصل ويؤكد أن البيت ومابه في الحفظ والصون ويطلب مبلغا من المال لمأكله ومقابلة إحتياجته الأخرى فنال ماطلب كيف لا وهو من حافظ على بيتنا سالما ، ونحن لا ندري حال البيت الذي كشفه لنا الفيديو اليوم وكما يقول المثل الشعبي( زولنا المؤتمن “كاتل الجدادة وخامي بيضها”… ‘وكاتل المكتول وماشي في جنازتو”).
ليس غريبا على هذا الحارس مابدر منه من تصرف فهو موقف يشبهه تماما فقط نحن تعاملنا معه بحسن ظن ووفقاً لأخلاقنا التي لا تُخون ولا تأخذ أحد بجريرة مافعله أبناء جلدته نعم ليس مستغرباً عليه أن يذهب في طريق الخيانه فقد سبقه إلى ذلك إخوته فخانوا الوطن ولم يراعوا حرمة الشهر الفضيل فغدروا بأقرب الناس إليهم وغدروا بجميع أهل السودان.
نعم في بيتنا ذكريات واغراض ومستندات كسائر البيوت السودانية ولكن ليست بأعز من الوطن ولا أغلى من دماء الشهداء والجرحى وليست بأفضل من كل يوم أو ساعة أو سنة في الأسر والفقدان فنحن وبيتنا فداءً للسودان…عش عزيزا ياوطني دونك المهج والأرواح….لنا عودة .