منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. نجلاء حسين المكابرابي  ✳️✳️✳️✳️✳️✳️ *منح الجنسية عبر القضاء: رؤية قانونية مقارنة وتطبيقات محتملة في السياق السوداني الاستثنائي* ✳️✳️✳️✳️✳️✳️

0

د. نجلاء حسين المكابرابي

✳️✳️✳️✳️✳️✳️

*منح الجنسية عبر القضاء: رؤية قانونية مقارنة وتطبيقات محتملة في السياق السوداني الاستثنائي*

✳️✳️✳️✳️✳️✳️

*مقدمة*

✳️تُعد الجنسية الرابط القانوني الأسمى الذي يربط الإنسان بدولته وبوابة المواطنة التي يُبنى عليها كيان الفرد الحقوقي والواجباتي داخل المجتمع.

✳️ومن حيث الأصل فإن مسألة منح الجنسية تُصنف ضمن أعمال السيادة التي تمارسها السلطة التنفيذية إلا أن تطور المفاهيم القانونية وازدياد التحديات الإنسانية والاجتماعية، دفع بالعديد من الدول إلى إعادة النظر في هذا الحصر التنفيذي وإفساح المجال للسلطة القضائية لتكون شريكًا في إرساء العدالة في هذا المجال الحساس.

✳️وفي ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان، وما يشهده من نزاعات ونزوح وضياع للوثائق الرسمية، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة صياغة أدوات التعامل مع قضايا الجنسية بما يضمن حماية حقوق الإنسان ويكفل الإنصاف ويمنع الظلم والتهميش.

✳️ ومن هنا تأتي هذه الدراسة لتُسلط الضوء على تجارب عدد من الدول التي خوّلت القضاء صلاحيات مباشرة في منح الجنسية أو مراجعة قرارات منحها أو سحبها، مع استخلاص الدروس التي يمكن تطبيقها سودانيًا.

أولًا: التجربة الأمريكية – القضاء مسار رسمي للانتماء

✳️تُشكل الولايات المتحدة نموذجًا رائدًا في تمكين القضاء من منح الجنسية عبر إجراءات قانونية واضحة. إذ أن المتقدم لطلب التجنيس وبعد اجتياز المتطلبات القانونية، يمثل أمام محكمة فيدرالية حيث يُمنح القرار القضائي النهائي بالتجنيس.

ويمثّل هذا المسار مثالًا على تفعيل مبدأ سيادة القانون، ويعكس الثقة العميقة في حياد القضاء وقدرته على حماية الحق في الانتماء.

ثانيًا: تجارب أوروبا وكندا – القضاء كحصن للمساواة ومكافحة التمييز

فرنسا: تلعب المحاكم الإدارية دورًا محوريًا في تصحيح قرارات رفض الجنسية أو سحبها، لا سيما حينما يشوبها التعسف أو التمييز، ما يعزز الرقابة القضائية على القرارات السيادية.

كندا: تعد المحكمة الفيدرالية المرجع النهائي في النزاعات المتعلقة بالجنسية، مما يتيح الإنصاف للفئات الهشة، كعديمي الجنسية أو المولودين في ظروف استثنائية.

ألمانيا: أكدت المحكمة الدستورية أن الجنسية لا تُمنح أو تُسحب إلا وفق إجراءات صارمة تحترم حقوق الإنسان وتمنع الإقصاء التعسفي، وهو ما جعل من القضاء درعًا قانونيًا في وجه التجاوزات الإدارية.

ثالثًا: الهند وإيطاليا – القضاء كرافعة إنسانية

الهند: شكّلت المحكمة العليا صمام أمان أمام محاولات حصر الجنسية على أسس دينية أو عرقية وأعادت التوازن لمبادئ المواطنة المتساوية.

إيطاليا: لجأت المحاكم المدنية إلى اعتماد معايير “الانتماء الواقعي” في حالات المقيمين لمدد طويلة خصوصًا عديمي الجنسية في خطوة تعكس مرونة القضاء في التعامل مع الاعتبارات الإنسانية.

رابعًا: الإيجابيات الجوهرية لإسناد مهمة منح الجنسية إلى القضاء

1.التحرر من التسييس والمحسوبية:
القضاء يضمن حياد القرار، بعيدًا عن تقلبات الأهواء السياسية أو الضغوط الأمنية والإدارية.

2.حماية الحقوق الأساسية والكرامة الإنسانية:

✳️السلطة القضائية أكثر تمسكًا بالمواثيق الدولية، وتولي أهمية قصوى لمبادئ العدالة والإنصاف.

3.الاستجابة للواقع الإنساني المعقّد:

✳️خاصة في سياق ما بعد النزاع، مثل السودان، حيث تنتشر حالات فقدان الوثائق، وتُطرح قضايا الانتماء بصورة ملحة.

4.إرساء مبدأ سيادة القانون:

✳️بتكريس القضاء كضامن للحقوق، يُعاد بناء الثقة في مؤسسات الدولة، ويُرسّخ الشعور بالمساواة بين المواطنين.

خامسًا: الوضع السوداني – الفرصة الاستثنائية لإصلاح قانون الجنسية

✳️يمر السودان بمرحلة دقيقة تتسم بتداخل المعاناة الإنسانية مع إشكاليات قانونية وإدارية معقدة.

✳️ومن هذا المنطلق تبرز الحاجة إلى استحداث آلية قانونية تمنح القضاء دورًا مباشرًا في حسم مسائل الجنسية، لا سيما:
وأن معالجة أوضاع الأطفال فاقدي الأبوين أو الوثائق أيضا أمرا شرعيا وهام وخاصة بعد الاغتصابات الممنهجة التي طالت الكثير من الضحايا ولا تجد معالجة إلا بوضع الإطار القانوني الشرعي لذلك.

✳️تمكين المهجرين والمشردين داخليًا من إثبات انتمائهم.

✳️إنصاف من أسهموا في المجتمع السوداني لعقود، دون أن يُعترف بهم قانونيًا.

✳️ويُمكن أن تُنشأ محاكم مختصة بالجنسية أو أن تُمنح دوائر مختارة في القضاء الوطني صلاحيات للفصل في هذه القضايا وأن قيمة مراعاة مبادئ الإنصاف والتقدير الإنساني وحماية المجتمع من التهديدات المحتملة من غزو بشري يعجل أمر عدم كفاية الكادر القضائي ليس مبرر لانجاذ هذا العمل الوطني الاستراتيجي وهو ما يشكّل خطوة تاريخية في مسار بناء دولة القانون.

*خاتمة*

✳️لقد آن الأوان لأن يتجاوز مفهوم “منح الجنسية” إطاره الإداري الضيق ليصبح شأنًا قانونيًا تحكمه المعايير الدستورية والمبادئ الإنسانية. والتجارب الدولية تثبت أن تمكين القضاء من هذا الدور لا يضعف الدولة، بل يعزز مكانتها ويحصّن شرعيتها.

✳️في السودان حيث تتقاطع الجراح الإنسانية مع الحاجة لإعادة بناء مؤسسات الدولة يُعد تفعيل دور القضاء في منح الجنسية أداة إنصاف وجسر عبور نحو سودان جديد يتساوى فيه الجميع تحت مظلة العدالة والكرامة والانتماء الحق مع احترامنا المتناهي للشرطة السودانية حارثة الأمن والأمان في البلاد ولا احد يزايد عليها فهي تاج في راس السودان وفي خدمة الشعب.

✳️دكتور إبراهيم عبدالله إبراهيم حسين

✳️قاضي المحكمة القومية العليا

✳️والأستاذ المتعاون بكليات القانون في بعض الجامعات السودانية

✳️✳️✳️✳️✳️✳️

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.