رجال حول القوات المسلحة (31) العميد م. د. محمد الزين محمد يكتب : *العميد الركن عمر باشري جسارة قلب… ورجاحة عقل*
رجال حول القوات المسلحة (31)
العميد م. د. محمد الزين محمد يكتب :
*العميد الركن عمر باشري جسارة قلب… ورجاحة عقل*
*جاءت به بربر وما أدراك ما بربر، أشياخ كدباس، رجال الدين والفراسة، وفيها ترعرع، ونهل من معينها الذي لا ينضب، والتي أنبتت الرجال تلو الرجال، وعلّمت الشجاعة والإستبسال، ثم المكابراب التي سقته لبان الصلابة والفتوة، والشهامة، ثم الكلية الحربية ( الدفعة 42)، ومنها الى بحر الغزال* *التي بزغ فيها نجْمَه ونجمته. ثم عاد للخرطوم وتنقل في الوحدات العسكرية بما في ذلك وحدات المنطقة الغربية*.
*هو من الرجال الذين ما إن تراهم حتى تعمل على صداقتهم .. ومؤآخاتهم* .. *وصحبتهم، ففيهم ترى الإخلاص ساطعا* .. *والمجد شامخا، وما إن تقترب منهم ، حتى ترى صدق حدسك فيهم فالمؤمن ينظر بعين الله* .
*والعميد باشري من عِلية هؤلاء الرجال العظماء، والذين تسعد بمعرفتهم، وتُصادقه ، قال إبن عطاء الله السكندري في حكمه: (لا تَصْحَبْ مَنْ لا يُنْهِضُكَ حالُهُ وَلا يَدُلُّكَ عَلَى اللهِ مَقالُهُ). فهو من نفائس *معادن الرجال الخلصاء، بل الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: *الرجال معادن كالذهب والفضة*.
*عرفته في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت البدايات، وانبسط* *الحبل بعدها في دروب الخرطوم، وحنين بحر الغزال، وعرقُ الأيام الطوال و ظللنا على وصال حتى يومنا هذا. هو إسم له وقعه ورسمه في نفوس من عرفوه، وخبروه من اصدقائه، و مجايليه، وقد أزداد سعدي حين علمت أنّ أواصر الرحم تجمعني به، فوق واشجات المودة، وفخرت لذلك أيما فخار، وذاك لجميل خلاله، ولطيف خَلاقة ثم عظيم نبله، وشجاعته وسديد رأيه، وجميل أنسه. ملامحه وقسماته تُنبيك عن رجل عظيم ترى فيه شرف، و شموخ الجندية الفتية*.
*فارع الطول، وسيماً، قسيماً، حباه الله صفات وفضائل جمّة، فهو ليس فقط قائداً عسكرياً؛ بل أديب، أريب، وكاتب مطبوع له مقالات منشورة تخبرك من هو. شفيف السماع يستمع إلى الفنان الرائع أحمد الجابري، الزهور بسمت لينا، وحكمة والله ، الزهور صاحية، وما في حتى رسالة واحدة. هذه الأغاني الحسان وغيرها من الخرائد شكلت وجدان باشري، بالاضافة إلى أماديح الصوفيه. فهو بكل تفاصيل الجندية الصارمة والتي تبدو في صفحات وجهه جلية هو رقيق الحواشي وذو ذائقة عالية، ورياضي مطبوع يشجع* (*الهلال*).
*لعل ما يميّزه ليس فقط كفاءته العسكرية، بل حسه الاستخباري الدقيق ، وفراسته العميقة وأراءه الصائبة الثاقبة. عمل في ادارة المنظمات الدولية كممثل للاستخبارات، لذا يعرف من أين تأتي المعلومة لماح وفطن. وتحتار أكثر لو علمت أنه مازال يدير المعركة مع زملائه من على البعد ذلك لدربته ومعرفته بتكتيكات العدو، بالاضافة الى خبرته بالارض وقوة شبكته الاجتماعية*.
*في إطار حركة التنقلات التي أجرتها القيادة العامة، ضمن مساعيها لسد الثغور برجالها، دُفع به إلى الفاشر، حيث عُيِّن ضمن الفرقة السادسة، ثم أسندت إليه قيادة اللواء (21) كبكابية، وكأن القدر يعيده إلى النقطة ذاتها، لا ليستأنف، بل ليكتمل*.
*لم تكن هذه المرة الأولى التي يخدم فيها “باشري” في كبكابية. لقد عاد إليها للمرة الثالثة، لا غريباً ولا ضيفاً، بل عائداً إلى قدرٍ محتوم يشبهه. ثم (جئت على قدر ياموسى) عمل بها رائداً، مقدما فعقيدا ، ثم عميداً، وكأن هذه الأرض تحفظ وداده، وتشتاقه، وتحن إليه، في الحديث الشريف (أحد جبل يحبنا ونحبه)، ولكم حفظت الذاكرة العسكرية إرث اللواء 21 الذي تأسس منذ زمن الإنجليز، وبقي رمزاً للهيبة والمكانة في غربي السودان*.
*في اليوم الأول من المواجهة وخيانة مليشيا الدعم السريع، إرتفعت بندقيته وقاتل برجالة، وشراسة كعهدنا به، مواجهة الموت لا يستطيعه إلا الأقوياء الشرفاء وعمر منهم، أصيب فلم يتراجع ولم يتقهقر، وظل واقفا شامخا كالطود الأشم، لا تلين له عريكة ولا تتضعف له عزيمة. كنت أتابع معه المعركة من على البعد، لكن ذات لحظة اشتدت اصابته وصار ينزف دماً، تم إخلاءه باعجوبة. وحتى الآن مازال يتعالج ليعود سريعاً ويقود معركة الاعمار بعد النصر باذن الله*.
*زرته في القاهرة قبل نحو عام للإطمئان عليه ووجدته كما هو صابراً محتسباً متابعاً وعاملاً وباذلاً للنصح. رعى الله أيامنا بالبركات وسقاها بالخيرات و كساه الله برد الصحة والعافية، وأعاده الى عرينه ليكمل ما بدأه من جلائل الأعمال*.