*أضواء ونوافذ* عامر حسن يكتب… *هل نكتب جميعآ في دفتر الحضور؟*
*أضواء ونوافذ*
عامر حسن يكتب…
*هل نكتب جميعآ في دفتر الحضور؟*
جاء خطاب رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس أمس كلحظة فارقة في مسار الانتقال السياسي في السودان، لم يكن الخطاب مجرد تقديم تقليدي أو حديث إنشائي، بل بدا واضحآ أنه خطاب من طراز مختلف، حمل ملامح خطة عمل واقعية، ومؤشرات تؤسس لحكومة تمتلك رؤية متماسكة وأهدافآ قابلة للتنفيذ.
الخطاب ورغم أنه لم يتضمن تصريحآ مباشرآ بتشكيل حكومة كفاءات أو إشارة صريحة إلى الصلاحيات الممنوحة، إلا أن المضمون العام وما احتواه من تفاصيل دقيقة حول محاور العمل، يشي بوضوح بأن الرجل يتجه نحو تشكيل جهاز تنفيذي على درجة عالية من الاحترافية والخبرة. إن طبيعة البرامج التي طرحها، والواقعية التي اتسم بها في حديثه، تؤكد أن رئيس الوزراء قد مُنح فعليآ صلاحيات واسعة من *رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان* التي أشار إليها حينها وبدأ البعض مشككآ في ذلك، هذه الصلاحيات الواسعة تؤكد توفر العزيمة والإرادة الحقيقية للنهوض بالبلاد، حيث ستمكنه من المضي قدمآ في تنفيذ رؤيته، وفق ما ذكرها في خطابه، هذه القراءة المتأنية لخطاب الأمس تقودنا إلى فهم أعمق لمسار المرحلة المقبلة، والتي يبدو أنها ستركز على بناء مؤسسات قوية، وتفعيل أدوات الحكم الرشيد، والانطلاق من مربع الخطط النظرية إلى ساحات التنفيذ العملي.
لقد كانت الإشارات واضحة بأن الدكتور كامل إدريس يعي حجم التحديات، ويملك من الخبرة والرؤية ما يؤهله لقيادة مرحلة مختلفة، يتطلب نجاحها الاعتماد على أصحاب الكفاءة والمعرفة، وليس على الولاءات الضيقة أو الترضيات السياسية.
ما طرحه رئيس الوزراء من محاور، كان بمثابة دعوة صريحة لكل القوى الوطنية والأحزاب السياسية والقوى المدنية، سواء داخل السودان أو خارجه، إلى ضرورة إعادة قراءة الواقع ومواكبة المتغيرات، إذ بات من الضروري لكل جهة أن *توائم رؤيتها وبرامجها مع الإطار العام الذي بدأ يتشكل لحكومة جديدة*، تسعى لبناء دولة مؤسسات حقيقية، لا مكان فيها للمحاصصة أو العشوائية، وكما أشرت في حديثي السابق، بتاريخ 31 مايو، المعنون بـ السودان بين الإغاثة العاجلة إلى التنمية المستدامة، كنت قد أشرت إلى أن الدكتور كامل إدريس، بخلفيته الدولية وعلاقاته الممتدة، يمكن أن يحدث اختراقآ حقيقيآ في ملف التنمية، وجذب التمويل الدولي للمشروعات الكبرى، وها هو يشير، في أول خطاب له، يضع التنمية المستدامة ضمن أولوياته، ويؤكد ما ذهبنا إليه من توقعات وإرهاصات نبعت من خلفيته، وهو ما يفتح الباب واسعآ أمام فرص الشراكة مع مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، لتنفيذ برامج حقيقية تعالج جذور الأزمات، لا مجرد أعراضها.
إذن، نحن أمام لحظة جديدة، لا تتعلق فقط ببداية حكومة، بل ببداية تفكير مختلف، كل المؤشرات تقول إننا أمام فرصة نادرة للنجاح، ولكنها لن تكتمل ما لم تستشعر كل الأطراف الوطنية مسؤوليتها، وتسجل حضورها في دفتر العمل الوطني، وتتجاوز مربع المواقف القديمة التي لم تعد صالحة لمتطلبات المرحلة.
فالتاريخ لا ينتظر المترددين، والفرص لا تُمنح مرتين… *فهل يأتي الجميع؟*
*عامر حسن*
*2 يونيو 2025*