منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

صهيب حامد يكتب : *هل سيتقيأ ترمب الرشوة الإماراتية ويرجع كما يفعل الآن أمام إيران.. أم أنه لا يمتلك ترف فرض عقوبات على بلادنا ولا غيرها!!؟ (٢-٥)*

0

 

صهيب حامد يكتب :

*هل سيتقيأ ترمب الرشوة الإماراتية ويرجع كما يفعل الآن أمام إيران.. أم أنه لا يمتلك ترف فرض عقوبات على بلادنا ولا غيرها!!؟ (٢-٥)*

صهيب حامد

حسناً..وكما أسلفنا في الحلقة السابقة فلقد صارت الأحداث تتسارع اليوم بعيداً عن الولايات المتحدة ولم تعد العقوبات الأمريكية تؤدي أغراضها في ظل وضع جيوسياسي متغير من وضع القطبية الأحادية (Monopolarity) إلى عالم متعدد الأقطاب (Polypolarity). فلم يعد ممكناً اليوم خنق الدول المارقة أمريكياً خنقاً مُحكَماً كما كان يحدث في السابق ، بل هناك العديد من الفرص للهروب من شِراك العقوبات بل الاستفادة من العقوبات الأمريكية عبر الإندماج في التكتلات الجديدة (New conglomerates) كالبريكس التي ضمَّت مؤخراً كوبا (Cuba) التي تعد عميدة الدول المعاقبة أمريكياً لستة عقود حسوماً منذ حقبة الرئيس الأمريكي جون كنيدي. فلقد دعت روسيا في أيامها الأخيرة كرئيسة لمجموعة بركس ١٣ دولة من ضمنها الجزيرة الكاريبية المغضوب عليها أمريكياً التي تقع على مرمى حجر من سواحل ولاية فلوريدا ، حيث تم قبولها كعضو شريك (partner country) وهو ما سيؤهلها للاستفادة من حزمة من الامتيازات ليس أقلها تلقى الاستثمارات من بنك التنمية الجديد (New Development Bank) لتحريك اقتصاد الجزيرة خصوصاً في مجال الصناعات الدوائية والسياحة العلاجية التي تتميز بها الجزيرة الكاريبية الساحرة. وبالطبع فإن ضم كوبا لتكتل بريكس (وهو تكتل بقيادة الصين يقابل مجموعة ال G7) يؤشر لتحول جيوسياسي خطير لا يمكن مجرد تخيله قبل عقد من الزمان وهو ما يؤكد أن الشأن الدولي لم يعد صناعة أمريكية خالصة.

هل تفاجأت قيادة الجيش في السودان بالعقوبات الأمريكية؟ وهل هناك مؤشرات بإنحراف بوصلة السودان بعيداً عن التهافت على الولايات المتحدة حتى قبل صدور العقوبات الأمريكية؟ هل كان رد الفعل الأمريكي الضعيف إزاء الضربات التي تلقتها بورتسودان مؤشرا كافياً بالنسبة للسودان كي يدرك أن أيامه الودية أصبحت معدودة مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل ممكناً التحرك فوق البحر الأحمر بالنسبة للإماراتيين لضرب سواحلنا هناك دون معرفة مسبقة من الولايات المتحدة ، خصوصاً في ظل تواجد أمريكي بحري كثيف امتداداً من قاعدة (دييغو غارسيا) مروراً بباب المنتدب إنتهاءاً الأسطول الخامس الذي سحب لتوه قبل عدة أسابيع؟. وهل هذه الشكوك هي التي حدت بقيادة الجيش السوداني إبتعاث وزير دفاعها إلى كوريا الشمالية مباشرة بعد الضربات التي تلقتها عاصمتنا الإدارية (بورتسودان) ، في ظل الإحاطة التامة للقيادة السودانية بعواقب قانون كاتسا (CAATSA) وهو قانون أمريكي يهدف إلى معاقبة الدول التي تتعامل مع كل من إيران وكوريا الشمالية وروسيا. القانون يعرف رسمياً بإسم (إجراءات مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات) وقد تم تشريعه في العام ٢٠١٧م. إذن فلقد حزم السودان أمره للتوجه بعيداً عن الولايات المتحدة المعسكر الغربي حتى قبل صدور العقوبات الأمريكية لمعرفة السودان انه لا يستطيع تحييد هذه الأطراف في ظل تأثير الإمارات عليها.

إذن وبمعزل من كل ذلك فهل يمتلك السودان رؤية إستراتيجية للإستفادة من الكتلة الأوراسية المعادية للولايات المتحدة (الصين ، روسيا ، كوريا الشماليه إيران) ، وكذلك الاستفادة من تكتل بريكس (BRICS) المعادي للكتل الجيوسياسي الذي تقوده الولايات المتحدة (مجموعة G7)؟. وكما ذكرنا في سلسلة أُخرى فإن السودان لا يمتلك وزناً إقتصادياً يؤهله لموازنة الثقل الإماراتي سواء كشريك تجاري للصين أو كعضو كامل العضوية في تكتل بريكس (BRICS). إذ تضاعف حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات و الصين ، حيث وصل حجم التبادل التجاري إلى 95 مليار دولار أمريكي في العام 2023. ومن المستهدف أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 200 مليار دولار في عام 2030. لقد بلغت عدد العلامات التجارية الصينية المسجلة في دولة الإمارات 6591 علامة، إلى جانب أكثر من 327 وكالة تجارية. كذلك فدولة الإمارات أكبر شريك للصين في المنطقة العربية، حيث أن حوالي 60% من التجارة الصينية يعاد تصديرها عبر موانئ دولة الإمارات إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يجعلها من أهم منافذ التجارة الصينية.
تقوم دولة الإمارات بدور محوري في مبادرة الحزام والطريق للتعاون الدولي ، وكذلك نظراً لبيئة الأعمال التنافسية والبنية التحتية تجاوز عدد الزوار الصينيين إلى دولة الإمارات أكثر من 1 مليون زائر، ومن المتوقع أن تستقبل دولة الإمارات مليوني زائر صيني بحلول عام 2023.

ورغم صحة كل ما ورد أعلاه ، وهو ما سيجعل الصين تعطي أذناً صاغية للموقف الإماراتي و المصالح المرتبطة به (مثلاً موقف الصين الممالئ للإمارات في حرب السودان) ولكن من جانب آخر فإن الإمارات تمثل خصماً إستراتيجياً ضخماً على المدى المتوسط والطويل للصين. فلقد إستفادت الصين من شراكتها مع مؤسسات التقنية الإماراتية في سرقة التقنية الأمريكية في الفترة من ٢٠١٨ إلى ٢٠٢٤م خصوصاً عبر مبادلة (Mubadala) وذراعيها القويتين (إنجاز) و(خزانة) ، إلى جانب (42X) واجهة الأعمال التقنية الإماراتية في الصين. فلقد إستخدمت مجموعات التقنية الإماراتية بنية تحتية من عملاق التقنية الصينية (هواوي) وهو ما مكّن الصينيين من الوصول إلى قاعدة بيانات الذكاء الإصطناعي والبرمجيات الغربية ذات العلاقة الجيدة تاريخياً مع المؤسسات الإماراتية وقد وضعت (CIA) يدها على خيوط هذه السرقات كما ذكرت نيو يورك تايمز ذلك في العام ٢٠٢٣م. لقد حدث تباعد خليجي مع الولايات المتحدة في حقبة الرئيس بايدن وهو ما تجلى في مجالات عدة منها التقارب الروسي الخليجي في أوبك بلس والتنسيق في خفض الإنتاج العالمي للنفط مما أحدث توتراً متعاظماً مع الإدارة الأمريكية ، كذلك فهذا التباعد كان سانحة للتشبيك بين الصينيين والإماراتيين عبر واجهة هؤلاء الأخيرين التقنية في السوق الصيني (42X) والتي تم حظرها أمريكياً ومجموعتها الأم (G42) في أواخر حقبة الرئيس بايدن!!..نواصل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.