امير يحي هرون يكتب : *بين استشهاد مهندسي الكهرباء وغياب ضوابط السلامة الأمنية*
امير يحي هرون يكتب :
*بين استشهاد مهندسي الكهرباء وغياب ضوابط السلامة الأمنية*
طالعت خبر استشهاد اثنين من مهندسي الكهرباء اول ايام عيد الأضحى المبارك أثناء تأدية واجبهم، فاولا نترحم عليهم ونحسبهم من الشهداء
نسأل المولى عز وجل أن يتقبلهم جميعا ويربط على قلوب ذويهم ويفرغ عليهم الصبر الجميل.
ولكن استوقفتني مجموعة من التساؤلات الحيري، تجاه هذه الحادثة التي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة تقي كل العاملين في المؤسسات ذات طبيعة العمل الخطيرة لتحصنهم من مثل هكذا مصير ، خاصةً وأننا نستشرف عهدا جديدا بتعيين رئيس الوزراء ونتطلع لحكومة تعي دورها في أحداث التحول الكبير في المفاهيم قبل أحداثه في مجال التنمية الاقتصادية فحسب إذ يجب أن تكون كل القطاعات مشمولةً بنهوض وطني ومفاهيمي وتنظيمي وتخطيطي وثقافي متسق ومتقارب ووعي والمام تام بالاستراتيجية التي يُبني عليها هذا النهوض المترابط بل يجب أن تكون استراتيجيتنا معلقة في المكاتب ومحفوظة في الصدور وملهمة لكافة قطاعات العمل بالدولة مؤمنين ومبشرين بها واثقين من تحققها قادرين على معالجة انحرافاتها وعىٌ مجتمعي متكامل بها ومضامينها كل في مجاله .
ومن أولى هذه الملاحظات وبكل أسف لا توجد أنظمة حماية وسلامة للمنشآت وللعاملين في القطاعات الخطيرة ، تقي مواردنا المادية والبشرية من الهدر والضياع متى حدث ما لا يحمد عقباه، فاجراءات تأمين هذه المنشآت مهمة أصيلة لمؤسسات الدفاع المدني عند انشاءها سوى كانت تتبع للقطاع العام أو مؤسساته أو القطاع الخاص .
ثاني هذه الملاحظات انه لا توجد نظم دفاع مدني بمواصفات تتسق مع حجم المخاطر المتوقعة من أي قطاع خطر، إذ كل اجراءاتنا تهتم فقط بتشييد المنشأة واحتفالات افتتاحها على يد مسوؤل كبير في حفلٍ أولى بنفقاتهِ مشروعات خيرية تمس حاجة المجتمع المحيط في تعليم أبنائه أو استشفاءهم عند المرض أو اصحاح بيئتهم وغير ذلك من ضروب المسؤولية الاجتماعية .
ثالث هذه الملاحظات عدم اهتمام مؤسساتنا بتضمين أدارات تُعنى بالسلامة والمخاطر في هياكلها وان وجدت فهي بلا مقومات ولا إمكانيات ولا كوادر مؤهلة لها القدرة على خلق بيئة آمنه لممارسة العمل التي تعنى بالسلامة والتي تبدأ من الوحدة الطبية للإسعاف الأولى وترتقي تدرجا لحماية متكاملة للمنشأة والعامل معا.
رابع هذه الملاحظات فقر الوعي التوعوي والإعلامي للجمهور والمواطنين الذين يتعاملون مع المؤسسات الخطرة ، كيفية دخولها بتدابير محكمة والتعامل مع منتوجها بوعي ويقظة لتحقيق أعلى معدلات الاستفادة منها، وهنا نتوقف عند إدارات إعلامنا في هذه المؤسسات التي تكتفي فقط بالردود على النقد وإصدار بيانات المعايدة ونعي ضحايا قصور المنشأة على التمام وتتبع المسؤول الأول واخبار حركته اليوميه.
خامس هذه الملاحظات انعدام مبدأ التحقيق الشفاف في مثل هذه الأحداث، لمعرفة الأسباب التي أدت للخلل الكارثي بما يمكن من تلافيها بمزيد من الإجراءات الوقائية والتامينية وهذه واحدة من أسباب كارثية تقود إلى تزايد وتفاقم مثل هذه الكوارث خاصة إذا تعلقت بخطأ بشرى لصاحب نفوذٍ أو سلطة أو ذو شبكة علاقات رأسية راسخة.
سادس هذه الملاحظات اننا لا نمتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ، ولا نمتلك القدرة على تحمل المسؤولية أو حتى تقديم استقالتنا لنفسح المجال لآخرين أكثر علما ودراية ومهنية ويأتي ذلك لاعتبار أن الوظيفة مصدر رزق وكسب شخصي بتعيين الأقارب والأصدقاء وجني المصالح الذاتية وليس مهمة لا تقل عن حمل السلاح في معركة الكرامة.
سابع هذه الملاحظات نعم انه القضاء والقدر، وزي ما بقولو المعدودة تمت، ولكن أين نحن من (اعقلها وتوكل) .
وحتى لا يكون النقد هكذا منداحا دونما أفكار تنتج استقامة مستقبل وتجويد أداء فإننا نقول :
اولا : ضرورة اتخاذ القرارات المناسبة من أعلى سلطة تنفيذية للدولة لحماية العاملين خاصة إجراءات السلامة كاللبس الواقي ونوعية التغذية المناسبة وغيرها..
ثانيا يا حبذا لو صدر تشريع سامي أو دليل يوضح كافة إجراءات منح التراخيص للمنشآت كافة المدنية والإنشائية والصناعية والزراعية وغيرها ويلحق بالقانون هذا أو الدليل آليات متابعة مستقلة للتأكد من تنفيذ هذه الإجراءات قبل منح الترخيص التشغيلي للمنشأة المعنية.
ويضاف إلى ذلك عقوبات مغلظة لكل من يخالف بما في ذلك إغلاق المنشأة حتى تستوفي متطلبات التشغيل ، وتصنف هذه العقوبات وفقا لدرجة المخاطر، على المنشأة حفاظا على سلامتها ووسائل إنتاجها والعامل بحمايته والجمهور المتعامل معها بتوعيته وكذلك البئية حتى تكون نظيفة وآمنه.
لن ترتقي بلادنا وفي كل يوم تفقد كوادرا بشرية ماهرة، ومسئول المؤسسة لا يرمش له جفن، وسعادته فقط يوجه بنعي تنتقي له العبارات المنمقة وجوال سكر وباقة زيت تودع في سرادب العزاء، ولا عزاء لرأس مال بشرى يهدر أو تضرر مواطن أو إهدار وقت.. ولا عزاء لوطن نهض أو سقط