محمد التجاني عمر قش يكتب *دكتور كامل إدريس… المهمة ليست سهلة!*
محمد التجاني عمر قش يكتب
*دكتور كامل إدريس… المهمة ليست سهلة!*
بصراحة هذا العنوان لا يستدعي التشاؤم، ولكن في بعض الأحيان يجد الإنسان نفسه في وضع يتطلب قدرا من الروية والتحمل والمقدرة على تقدير المواقف وتحليلها من أجل الوصول إلى مخارج تمكنه من تحقيق أفضل النتائج حتى يستطيع المضي قدما فيما أوكل إليه من مهام ولعل السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إدريس هو من هذه الشاكلة فقد تسنم المنصب التنفيذي الأول في السودان في وقت تتعرض فيه البلاد لهجمة شرسة أتت على الأخضر واليابس وتركت الدولة أمام خيارات صعبة للغاية ولذلك فإن رئيس الوزراء يجب عليه الخوض في بحر لجي من المعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي من المؤكد أنها ستلقي بظلال كثيفة على مهمته ولكن بما أن الرجل قد قبل التحدي وشمر عن ساعد الجد عليه أن يضع في الحسبان معايير دقيقة لاختيار من يسند إليهم تولي الحقائب الوزارية والمناصب الدستورية الأخرى. وفي ذات الوقت ينبغي على الدكتور كامل إدريس توخي الحكمة البالغة في التعامل مع المتاريس التي تضعها أمامه تركة السنوات الماضية من اتفاقيات ترتب لتقاسم السلطة والثروة بموجب مواقف سابقة ليس للرجل فيها ناقة أو جمل بل ورثها كهذا ولكنها سوف تؤثر حتما على حريته في اختيار طاقمه الوزاري المزمع تشكيله في الأيام القليلة القادمة ومع هذا يتطلع المجتمع السوداني لتشكيلة حكومية من شأنها انتشال الوطن مما ألم به من انقسام حاد جدا جراء تجربة الفوضى والفشل المريع خلال سنوات التيه والتخبط في عهد قحت حتى أدخلت البلاد في أتون هذه الحرب الماحقة. السيد رئيس مجلس الوزراء عليك الإلتزام بشعرة معاوية في التعامل مع فسيفساء السياسة في السودان فهي أحدى التحديات الكبرى في واقعنا وتأتي بعدها مصيبة الجهوية والقبلية والفساد فكل هذه عوامل سالبة تتطلب من سيادتك توخي الحكمة وعدم الركون إلى مطالب أصحاب النظرة الضيقة والأطماع الشخصية فقد حاول من كان قبلك إرضاء هؤلاء دون طائل. وليتك تضع نصب عينيك مبدأ أن خير من استأجرت القوي الأمين وتختار أصحاب الكفاءة والنزاهة مع السعي لحفظ التوازن بين التزامات الدولة مع الحركات الموقعة على سلام جوبا شريطة إلزامها بتقديم من تتوفر فيهم شروط الاستوزار . في المرحلة القادمة يحتاج السودان حكومة متجانسة ومخلصة أساسها التكنوقراط خاصة في الوزارات ذات الطابع الفني والمهني مثل المالية والخارجية والصحة والتعليم وغيرها. والكل يعلم أن نجاح الحكومة المقبلة يتوقف بشكل أساسي على وجود برنامج وطني مجمع عليه ومن ثم إسناد تنفيذه إلى مجموعة من ذوي الخبرة والإخلاص والوطنية والكفاءة مع مراقبة لصيقة من لدن رئيس مجلس الوزراء ومساعديه المخلصين. ومن جانب آخر لابد من التعامل مع الخارج وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل وتبادل المصالح من أجل المحافظة على أمننا القومي وسلامة أراضينا من غدر العملاء.
السودان وطن يسع الجميع وهو بلد غني بمصادره الطبيعية وموارده البشرية والمادية وكل ما هو مطلوب في الظروف الراهنة قيادة رشيدة تجعل من دحر التمرد أهم القضايا الملحة ومن بعد ذلك الشروع في إعادة البناء والتعمير وترميم النسيج الاجتماعي الذي أضرت به النعرات العنصرية والانقسامات الحزبية التي أورثت وطننا ما نعانيه الآن من تردي في المجالات كافة. نسأل الله لك التوفيق والسداد في كل خطوة تخطوها في سبيل الله وخدمة الوطن العزيز الذي قعدت به تشرذمات نشطاء السياسة. باختصار شديد فإن من الضروري تشكيل حكومة قوامها التكنوقراط تجعل من أولوياتها استقرار البلاد ومعالجة أثار الحرب وفرض هيبة الدولة والأمن والأمان بموجب القانون وبسط العدالة حتى نضمن نجاح الفترة الانتقالية ومن ثم التمهيد لانتخابات عامة يختار عبرها الشعب السوداني من يحكمه وكيف يحكم وفق دستور يستوعب كل مكونات المجتمع السوداني سياسيا واجتماعيا وعرقيا وثقافيا واقتصاديا حتى تعبر البلاد نحو بر الأمان بشكل مستدام.
١١ يونيو ٢٠٢٥