منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د.إسماعيل الحكيم يكتب : *اليوم عرس نهضتك .. يا خرطوم*

0

د.إسماعيل الحكيم يكتب :

*اليوم عرس نهضتك .. يا خرطوم*

بعد ٧٩٠ يومًا من التوقف القسري ، والصمت الذي خيم على صدر مؤسسات الدولة، تُعلن الخرطوم اليوم عودتها إلى الحياة، باستئناف العمل في وزاراتها المختلفة ومؤسساتها الرسمية، في مشهد يفيض بالرمزية والتحدي والصمود. إنها عودة العز بعد الذل والقوة بعد الضعف فلم تكن عودة العمل اليوم عودة مكتبية إدارية والسلام ، بل لحظة تاريخية تعكس إصرار العاصمة الجريحة على النهوض من تحت الركام، وبدء فصل جديد من فصول البناء والإعمار للضمير الإنساني قبل الطرق والمباني .
لقد خاضت الخرطوم أقسى امتحانات الألم، ودفعت ثمناً باهظاً لحرب عابثة خلّفت وراءها دماراً هائلاً ، وشبكات خدمات ممزقة ، وأحياء أضناها العطش والظلام ودب فيه اليأس . ومع ذلك فإن العودة إلى العمل اليوم هي الرافعة التي يستند إليها البناء وما كانت العودة هذه مغامرة في الفراغ، بل تجسيد حي لعقيدة وطنية راسخة وثابته مفادها أن الإرادة تصنع المعجزات، وأن الأوطان تُبنى حين يقرر أبناؤها أن يشمّروا عن سواعد جدّهم رغم الجراح.
ففي ظروف غير مواتية تماماً ، ونقص حاد في ضروريات الحياة من كهرباء ومياه وأمن وخدمات، تصرّ حكومة ولاية الخرطوم على إطلاق صافرة البداية، مستنفرة موظفيها والعاملين في مؤسساتها كافة، وموجهةً نداءها الصادق للجميع هلموا لنتشارك الهمّ، ولنرسم معاً خارطة لمستقبل مختلف، ينعم فيه المواطن بالأمان والكرامة والخدمات.
إنها الطوبة الأولى في مدماك الإعمار، وقد لا تكون الأعمدة جاهزة بعد، لكن النية انعقدت والعزيمة انطلقت. فالذين قرروا اليوم أن يفتحوا أبواب الوزارات، وسط أنقاض الماضي، هم أنفسهم من سيمهدون طريق الغد، ليقيموا مكان كل طلقةٍ نهضة، ومكان كل دمارٍ سقفًا من الطموحات والآمال لا حدود لها .
إن استئناف العمل في قلب الخرطوم العاصمة لا يعني استعادة الخدمة فحسب، بل يعني استعادة رمزية العاصمة كمركز القرار، وعصب الدولة، وقلب الأمة النابض. هو إعلان أن السودان لم يسقط، ولن يُهزم، وأن الخرطوم – رغم كل ما واجهته – قادرة أن تبعث من رماد الحرب مدينةً للحياة، للسلام، وللمستقبل وهي تدعو مواطنها بالعودة وانتهاء عهد النزوح والتشريد .
هذا التحرك يحمل رسالة بالغة الأهمية داخليًا وخارجيًا أن الدولة السودانية ماضية نحو غاياتها ، وإن اهتزّت أركانها لم تتهاوَ، وأن مؤسساتها قادرة على العودة والنهوض في أحلك الظروف ، ما دام خلفها شعب يعرف كيف يُقاوم، ويؤمن أن التحديات لا تُواجه باليأس، بل بالعمل، والإخلاص، والتضحية.
اليوم، تتشابك الأيادي من جديد، وتتلاقى الإرادات على هدف واحد أن نعيد للعاصمة بريقها، وللمواطن كرامته، وللدولة هيبتها. هي دعوة مفتوحة لأن نكون جميعًا شركاء في التأسيس لوطن جديد، أكثر عدلاً، وأكثر أمنًا، وأعمق إيمانًا بأن الغد لا يُنتظر… بل يُصنع بإرادة وطنية خالصة مشفوعة بتوكل على رب العالمين ..بإذن الله تعالى …تحية إجلال وتقدير لحكومة ولاية الخرطوم .. والياً ومواطنين ..

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.