✒️ صهيب حامد *الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!.(١-٥)*
✒️ صهيب حامد
*الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!.(١-٥)*
هل قالت الجغرافيا وبجانبها التاريخ كلمتيهما في ثنايا الحرب التي إندلعت في ١٣ يونيو ٢٠٢٥م لصالح الدولة الإيرانية ، أم سوف تحسم العجرفة والصفافة الإمبريالية المعركة لصالح إسرائيل!!؟.. وهل مجرد رؤية الأدخنة المتصاعدة من بنايات طهران وتبريز وكرمنشاه ونتنز وفوردو في الصباح الباكر من ذلك اليوم كانت وحدها كفيلة لتدوير روليت اليانصيب لصالح (الكيان المحتل) كما فعل الكثيرون في وسائط التواصل الاجتماعي ، أم أدرك هؤلاء فيما بعد أن إيران ليست مجرد شريحة من الأرض المغتصبة على الساحل الضيق للمتوسط يقطنها بضع ملايين لا تملأ اليدين من مغتصبي الشتات مقابل الفضاء الإيراني الذي يوازي مليون وسبعمائة الف كيلومتر يحتشد به ٩٠ مليون من الأنفس بما يوازي أكثر من ١٠ أضعاف الأنفس التي تحتشد بها تلك الرقعة الضيقة من أرض الإغتصاب!!. وأنها (أي إيران) أكبر من أن ينكسر كبرياؤها لمجرد إرتقاء بضع من قادتها شهداء وهي سليلة إرث الشهادة من لدن (كربلاء) إلى الثورة الإيرانية (١٩٧٩م) هذه الأخيرة التي كسرت أنف الإمبريالية ومرّقتها في التراب!!؟
هل يتوجب التنويه أولاً لحملة الخداع الإستراتيجي (Strategic deception) التي مارستها كل من الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ، وقد بنوا حملتهم على عمودين.. الأول وهو أن أمريكا على خلاف مع إسرائيل(!!) بخصوص نية الأخيرة توجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني حيث صرّح الرئيس ترمب أن بلاده لن تشارك في هذه الضربة. العمود الثاني الذي إنبنت عليه حملة الخداع الإستراتيجي هو التأكيد على عدم توجيه ضربة لإيران قبل إستنفاد جولات التفاوض التي تتوسط فيها كل من سلطنة عمان وبعض دول الإتحاد الاروبي. لقد إتضح كذب كل ذلك بل التواطؤ المشترك بين كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وهو ما إنكشف بعد توجيه الضربة الإسرائيلية ، حيث إنتقل التواطؤ بعد ذلك إلى توحيد رسالتيهما الإعلامية عبر كافة وسائل الإعلام بكافة اللغات لخلق شَرَك للملتقى (Audience) لمنحه إحساس بكسب (العدو الإسرائيلي) المعركة من الضربة الأولي وقد أدّى الرئيس ترمب دوره في هذه اللعبة ببراعة يحسد عليها إلى جانب المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو!!.
ما هي أهداف هذه الحرب التي إبتدرتها إسرائيل في الخيوط الأولى من صباح يوم ١٣ يونيو ٢٠٢٥م؟. الهدف الأساسي والمعلن هو التحييد الكامل للمشروع النووي الإيراني ، حيث كان على خريطة الإستهداف لتحقيق ذلك أولاً التخلص بالقتل على (٢٥) عالم نووي إيراني منخرط في المشروع النووي ، ثم ثانياً ضرب كافة المنشآت النووية وكذلك تعطيل كافة أجهزة الطرد المركزي (٢٠ الف جهاز) مع تدمير مخزون اليورانيوم المخصب من خلال ضرب كل من منشأة نطنز(Natanz) و منشأة فوردو (Fordow) وباقي المنشآت النووية ، إلى جانب ضرب جميع القدرات الصناعية وعلماء القدرات الصناعية لأجهزة الطرد المركزي. كذلك إستهدفت الضربة تدمير منشآت المشروع الصاروخي وعلى رأسها منشأة كرمنشاه التي تحتوي الصواريخ المنتجة عبر هذا المشروع. ولكن بالطبع للولايات المتحدة أهداف أخرى لم يخفيها الرئيس ترمب وهي إخضاع النظام الإيراني سياسياً من خلال طاولة المفاوضات (بالطبع الضربة الإسرائيلية هي إحدى الوسائل) بهدف التخلي عن حلفائهم في المنطقة ومن ثم التخلي عن سياسة معاداة دولة إسرائيل كدولة معتدية ومغتصبة!!. بالطبع أن خضوع النظام الإيراني للولايات المتحدة هو المدخل المناسب للسيطرة على الإمكانيات الإقتصادية الإيرانية في مجال النفط (بإحتياطي ١٣٧ مليار برميل كثالث احتياطي في العالم) والغاز (بإحتياطي ٤١ ترليون متر مكعب الأولى عالمياً). لقد كان إسقاط النظام السياسي الإيراني هو الهدف الذي سعى له كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية من لدن الرئيس جيمي كارتر والي اليوم.
هل إستطاعت إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية تحقيق أهدافهما من وراء ضربة ١٣ يونيو ٢٠٢٥م؟. بخصوص التخلص من ال٢٥ عالم نووي في قائمة الإستهداف ، فلقد وصلت صواريخ إسرائيل ل ٦ منهم وإستطاعت إيران الأخفاء النهائي لباقي علمائها وهي المهمة التي أعطيت الأولوية في إيران حتى قبل التأهب العسكري للرد على الضربة الموجعة التي وجهتها لهم إسرائيل!!. أما بخصوص تدمير المنشآت النووية ، فلقد أكدت مراكز الدراسات الإستراتيجية المحايدة (بعضها أوروبية) بأن الضربات على كل من (نتنز) و(فوردو) كانت سطحية لأن إسرائيل لا تمتلك القنابل الخارقة للتحصينات المناسبة ، فهي تمتلك قنابل GBU19 وهي لا تتجاوز أعماق ٣٠ متر. يقول (خبراء) أنه حتى القنابل الأكثر قدرة على الإختراق وهي GBU39 وGBU28 والتي لا تتوفر إلا للولايات المتحدة الأمريكية ليست حتى هي كافية لإختراق تحصينات كل من (فوردو) و(نتنز) وذلك لأنه قد تم أخيرا إكتشاف أن العمق الذي وضعت فيه أجهزة الطرد المركزي هناك يبلغ ٨٠٤ متر بينما أن القنبلة الأكثر دماراً لدى الولايات المتحدة GBU28 لا يبلغ مداها التدميري أكثر من ٦٠ متر داخل التحصينات وهو ما يعني ضرب عشرات القنابل في نفس المكان في نفس اللحظة ما يحتاج عشرات القاذفات (B52) وهو ما لا يتوفر للولايات المتحدة في نفس اللحظة. هل يبدو أن المشروع النووي الإيراني قد وصل إلى نقطة اللا عودة!!؟ وهو ما لا يمكن لا لإسرائيل أو الولايات المتحدة التسليم به خصوصاً في ظل تصريح نتينباهو أمس أنه لا يمكن لإسرائيل والإسرائيليين البقاء في المنطقة في ظل إمتلاك إيران السلاح النووي!!. ذلك بخصوص المشروع النووي ، ولكن ماذا بخصوص المشروع الصاروخي!!؟.. كذلك وبنفس صور الأقمار الصناعية التي تم بها إستكشاف كل من سطح منشأتي (نطنز) و(فوردو) فلقد تم إستكشاف منشأة (كرمنشاه) كذلك فوُجد أن القنابل قد ضربت فوهات الكهوف التي بها الصواريخ البالستية والفرط صوتية دون المساس الكهوف نفسها والتي تقع أسفل الصخر الجبلي الذي لم يُخْترق ، حيث إتضح للخبراء أنه لم يكن الهدف من وراء تدمير الإسرائيليين للفوهات القضاء على الصواريخ بل كان الهدف هو منع الإيرانيين من إستخراج الصواريخ من كهوفها وإطلاقها على المطارات الإسرائيلية قبل وصول الطائرات ال F35 و F16 الى مهابطها!.إذن لذلك فلقد صرّح العدو الإسرائيلي لإحتمال دخول الولايات المتحدة الأمريكية المعركة في المرحلة القادمة وهو ما يفسّر فشلهم في مهمة تدمير تحصينات كل من المشروع النووي والمشروع الصاروخي ، ولكن مع نجاح طفيف في التخلص من قادة الجيش والحرس الثوري الإيراني و ٦ من علماء المشروع النووي.. نواصل.