منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خبر وتحليل  عمار العركي *رغم التحديات… منطق المصالح يدفع السودان وإثيوبيا نحو شراكة استراتيجية*

0

خبر وتحليل

عمار العركي

*رغم التحديات… منطق المصالح يدفع السودان وإثيوبيا نحو شراكة استراتيجية*

▪️تشهد العلاقات السودانية الإثيوبية مؤشرات إيجابية تُمهّد لإعادة ضبط العلاقة على أسس جديدة، تستند إلى منطق المصالح المشتركة وضرورات الأمن الإقليمي، لا إلى مجاملات دبلوماسية مؤقتة أو ردود أفعال ظرفية.
▪️ففي أديس أبابا، التقى سفير السودان لدى إثيوبيا، السفير الزين إبراهيم، بوزير الدولة بوزارة الخارجية الإثيوبية، السيد حضرة أبيرا، بحضور مسؤولين كبار، يتقدمهم مدير عام الشؤون الإفريقية، السفير زرهون أبابا. وقد جاء اللقاء في وقت تتزاحم فيه الملفات الأمنية والإنسانية والسياسية بين البلدين، وسط محيط إقليمي يزداد تعقيدًا.
*من مؤشرات الانفتاح إلى احتمالات التقارب*
▪️يُقرأ اللقاء الأخير – وغيره من التحركات الفنية والدبلوماسية – كجزء من سلسلة خطوات متبادلة تُبدي فيها الخرطوم وأديس أبابا رغبة حذرة في إعادة بناء العلاقة، دون قفز على الوقائع أو تجاهل للتحديات العالقة.
▪️ويُضاف إلى ذلك أن تعيين السيد “حضرة أبيرا” في هذا المنصب الحساس – مع خلفيته وخبرته الطويلة بملف السودان – يبعث برسالة إثيوبية ذكية، بأن السودان لا يزال حاضرًا بثقل في أولويات السياسة الخارجية الإثيوبية، وأن إدارة العلاقة معه تتطلب فهمًا عميقًا، لا حلولاً شكلية.
*السفير الزين: واقعية دبلوماسية ومسؤولية إنسانية*
▪️في اللقاء، نقل السفير الزين تهنئة السودان للوزير الإثيوبي الجديد، مستعرضًا في الوقت ذاته التطورات السياسية في السودان، وعلى رأسها تعيين رئيس وزراء مدني، وعودة بعض مؤسسات الدولة إلى العاصمة الخرطوم، في إشارات إلى تحوّل تدريجي نحو الاستقرار.
▪️كما أثار السفير قضايا الجالية السودانية في إثيوبيا، خاصة المتضررين من الحرب، مشيرًا إلى خطوات عملية يجري الإعداد لها مثل إطلاق مركز الجوازات السودانية في أديس أبابا، لخدمة الجالية والمسافرين العابرين، بالنظر إلى أهمية العاصمة الإثيوبية كمركز عبور دولي.
▪️وفي سياق إنساني واضح، طالب السفير بإلغاء رسوم الإقامة على السودانيين الراغبين في العودة الطوعية، ما يعكس توجهًا سودانيًا لربط السياسة الخارجية بالبعد الإنساني، خاصة في أوقات الأزمات.
*مصالح متقاطعة… وضرورات تتجاوز الخلافات*
▪️من جانبه، عبّر الوزير الإثيوبي عن تضامن بلاده مع السودان، مشيدًا بالعلاقات التاريخية التي تربط الشعبين، ومؤكدًا على أهمية التنسيق المستقبلي في ظل التحديات الإقليمية والداخلية المتراكبة.
▪️ورغم أن التباينات السياسية السابقة لا يمكن إنكارها، فإن واقع الجغرافيا والتاريخ والمصالح المتشابكة يجعل من تجاوز الخلافات ضرورة أكثر منه ترفًا سياسيًا. فالسودان يظل شريكًا محوريًا في قضايا أمن الحدود، إدارة اللاجئين، ومحاربة شبكات الجريمة العابرة، وكلها ملفات ذات أولوية لإثيوبيا.
*في الفضاء الإفريقي… أين يقف السودان؟*
▪️هذا الحراك الثنائي لا يمكن عزله عن تطورات أوسع داخل الاتحاد الإفريقي و”الإيغاد”، حيث ظهرت مؤخرًا إشارات إيجابية من مسؤولين أفارقة – منهم مفوضون بارزون – تتفهم تعقيدات الموقف السوداني وتسعى لمقاربته بعيدًا عن الضغوط السياسية الآنية.
▪️وباعتبار أن إثيوبيا أحد اللاعبين المحوريين في الاتحاد الإفريقي، فإن تحسين العلاقة معها قد يُسهم في إعادة إدماج السودان تدريجيًا في محيطه القاري، خاصة في ظل الجمود الذي لازم المواقف الإفريقية الرسمية طيلة الأشهر الماضية.
*السودان… عامل توازن لا يمكن تجاوزه*
▪️مهما بلغت درجة التحديات الداخلية، فإن السودان يبقى رقمًا مؤثرًا في استقرار شرق إفريقيا، لا سيما بالنسبة لإثيوبيا. فالجوار الجغرافي العميق، والتشابك السكاني والثقافي، إلى جانب تشابه المصالح، يجعل من التعاون السوداني الإثيوبي حاجة استراتيجية للطرفين.
▪️ويُحسب لإثيوبيا أنها كانت من أوائل الدول التي بعثت برسائل دعم للسودان بعد اندلاع الحرب، عبر زيارة مبكرة لرئيس وزرائها، الدكتور أبي أحمد، في موقف يجب أن يُستثمر لبناء شراكة مستدامة لا مجاملات ظرفية.
*خلاصـة القـول ومنتهـاه : مصلحة البلدين تفرض طريق الشراكة*
▪️في ضوء هذه المؤشرات، فإن المنطق الواقعي يُشير إلى أن الخرطوم وأديس أبابا أمام فرصة نادرة لتجاوز الرواسب السابقة، وبناء علاقة قوامها المصالح المتبادلة والاحترام المشترك والتنسيق القاري.
▪️فالعلاقات بين الدول لا تُبنى على اللحظة، بل على التراكم الذكي، والمطلوب الآن هو مأسسة هذا الانفتاح عبر خطوة سياسية سيادية واضحة، تُتوج هذا الحراك ببيان مشترك أو زيارة رفيعة تعيد رسم مسار العلاقة في الاتجاه الصحيح.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.