منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

من أعلي المنصة /  ياسر الفادني *أخديني… أبوي بعيشك!*

0

من أعلي المنصة /

 

ياسر الفادني

 

*أخديني… أبوي بعيشك!*

 

فارس النور، وهو يضع رأسه على الوسادة المخملية التي أهدتها له دويلة الشر، لا يغمض له جفن إلا وهو يتخيل الخرطوم جارية تتهادى أمامه، تتعطر به، تزينت له وحده، وتحمل على أكتاف أهلها ابن المهمشين الذي صار والياً… بالريموت كنترول

تخيل فارس الخرطوم كأنها فردوسان، جنتان من أعناب ونخل وزرع، يتلفّت ذات اليمين وذات الشمال يوزع الأحلام مثل بائع أوهام، ويحسب أن الناس ستهتف له لأنهم ظنوا أن السلطة نصيب من “العدالة الاجتماعية”، لا صفقة ليلية في ردهات الخيبات

في الخلفية، يقف بقال، مزمجراً، يتأمل الكرسي الذي جلس عليه فارس، كرسي الوهم ذاته الذي لم يسعفه بقال من قبل، إذ كان يتنقل في الخرطوم كالهارب من ظله، يرتجف من صدى الطائرة ومن صفير الرصاصة، يتعامل مع قمل ملابسه كتعامل السياسي مع الأسئلة: يتجاهلها ويخافها ويهرب منها

كان بقال في الخرطوم جسداً بلا ولاية، فكيف لفارس أن يديرها اليوم عن بعد؟ كيف يحكم من لا مقر له ولا كرسي ثابت؟ كيف يقنع الناس أنه الوالي، بينما لا يستطيع حتى تحديد موقع مكتبه؟ هو والي في الخيال، “بروكسي والي” بنسخة تجريبية

وسادة فارس يقابلها “حلم مبارك سليم” الذي يعيش لحظة حب وهمية على أنغام “عروس البحر يا حورية”، يرقص رقصة مشاترة خارج الحلبة، كمن غيّر تردد المحطة وظن نفسه نجماً في برنامج مواهب، الحلم كبير، لكن الواقع أقرب لرقصة سيف خشبي في شواطئ دبي… أغنية بلا جمهور وسيف لا يقطع حتى الهواء

أما “حكومة تأسيس”، فهي أشبه بجوقة من “عُمد بلا أطيان”، يطلقون التصريحات يميناً وشمالاً بلحية جحا… يقول الواحد منهم: “سوف أفعل”، “سوف أعمل”، “سوف أحقق”، ثم يغفو وهو يمسك بالتصريح وكأنه نائم يحلم بنفسه قائداً

إني من منصتي أنظر…. حيث أرى…. كل شيء عندهم يدخل ضمن “نظرية الوعود الفارغة”، حيث المسؤول يتجمل أمام الكاميرا بعبارة “أنا جايك راجل ملو هدومو”… ثم ينهار المشهد فجأة، ويصرخ في ختام المشهد: أخديني… أبوي بعيشك!.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.