نقطة وفاصلة / الفاضل هواري *عبقرية السودانيين وأربعة ساعات مع مخترع سوداني*
نقطة وفاصلة /
الفاضل هواري
*عبقرية السودانيين وأربعة ساعات مع مخترع سوداني*
كانت أربعة ساعات من البوح قضيتها معه ، وفي حلقة خاصة لتلفزيون السودان القومي منذ فترة ، وفي سهرة إستثنائية مخصصة أجريتها مع ( البروفسور معتصم إبراهيم خليل ) الأستاذ في جامعة الملك سعود قسم الكيمياء بكلية العلوم ، فحدثني عن إختراعه لمادة ( الماقنتايد ) التي بموجبها فاز بجائزة أفضل مخترع عالمي ضمن مؤتمر مخترعي البراءات العالمية في أوروبا وحصوله للمركز الأول وتكريمه من قبل السفارة السودانية في الرياض وبحضور المشير الراحل عبد الرحمن سوار الدهب ممثل لحكومة السودان آنذاك ومجموعة من العلماء والمفكرين في جامعة الملك سعود، وقد أخبرني البروفسور معتصم أنه بصدد تجربة إختراع أخر يحمل أسم ( الصدأ الأخضر) فتجولت داخل معمله في جامعة الملك سعود لعمل بعض التجارب أمام الكاميرا ، ومن ثم ذهبنا والمصور عبد الرحمن البشير لمنزله لتكملة الحديث عن إختراعاته وكأني أسرق الإنثيال وهو الذي رحب بي بلا كلام ليخلد حديثه في تواشيح الفخار بين العلماء ، فتحدث البروفسور معتصم خليل عن خطواته المبعثرة هنا وهناك كأن له جناحان يحلقان في فضاء العلم وقلب من نغم ، فكنت أبحث عنه دوماً ليكون ضيفاً لسهرة ( مراسي الشوق ) تلفزيون السودان ومن ثم كان لي المراد فإستضفته وإستمعت إليه فكراً وأدباً فوجدت هذه الشخصية التي صقلها الزمن قبل العلم والدراسة والبحث فكان متميزاً وغير نمطي أو تقليدي بما يتسم به من ثراء في أبعاد شخصيته وقلبه الحنون فضلاً عما يحمله من رهافة حس وبلاغة وعزة نفس وشجاعة في خوض المعارك وهو الذي رسم شكل برأة إختراعه مادة ( الماقنتايد ) وهو يغفو على صدر العلم ليغوص في قاع الفكر بعدما إشعل الوهج في أحضان الطفولة ممزوجاً بعاطفة الوجدان لينخر في جدار الحب ( في مدينة كوستي مولده ) وفي لحظة من عام جديد تقلد خلالها مسافات الشموع التي لن تنطفي .
ولعل ما يخطر ببال ذاك الشمم البروفسور معتصم إبراهيم خليل الذي تحدث عن إختراعه ما يسمى ب ( الماقنتايد ) بجانب إختراعه الأخر الذي يسمى ( الصدأ الأخضر ) وكثير من الناس عندما يذكر وصف المخترع أن بعض الناس يتصوروا ذاك البروفسور الشارد الذهن الأشعث الأغبر محدودب الظهر الكهل ذو العدسات السميكة والسمكية المقعرة والذي يقبع في معمل يعج بالأنابيب والخراطيم والزجاج المدور والرقائق الإلكترونية أو ذاك الكهل الذي يقف أمام سبورة مليئة بالمعادلات الرياضية المعقدة . والمخترع في نظر الكثيرين شخص ذو تركيب عجيب يجمع في ذاته عالمًا وحالمًا ، لكن الحقيقة أنه ليس للمخترع من صفات محددة ومتطلبات خاصة فالاختراع ليس بالضرورة شيئًا يتميز بالجدية أو يدل على تفكير عميق فحتى أكثر الأفكار بساطة قد تصبح اختراعات ذكية ، وفي حديثه لي البروفسور معتصم خليل أن المخترع السوداني ليصبح مخترعاً هناك عديد من العوامل التي تتطلب سبل الإختراع ومنها الرغبة والجد والمثابرة وطول البال والفكر السليم والإستلهام وتوفير العوامل المتاحة مع الأفكار الجيدة والمواد التي تجعل المخترع السوداني ينجح في إنجاز اختراعه والوصول إلى نتائج المنتج المراد وصولاً إلى الإستفادة من جميع المصادر المتاحة والمتوفرة في السودان ومنها تدوير منتج النفايات المنزلية لتتحول إلى مصدر كبير من مصادر البلاد المتعددة منها ما في باطن الأرض وفوق الأرض ، كما يتطلب من المخترع السوداني أن هناك أساسيات يجب أن تتوفر ومنها إعداد ورشة العمل ، وبناء النماذج للاختراعات ووضع أسماء لها والاحتفاظ بسجل وكيفية وضع الاختراع وفوائده وطريقة استخدامه ، والطريف في الأمر أن البروفسور معتصم إبراهيم خليل لم يتحدث عن الاختراعات المشهورة كالطائرة والمركبة أو القنبلة النووية أو حتى التلفزيون والراديو والهاتف بل عن اختراعات مهمة يستخدمها الإنسان في حياته العادية ولا نكاد نستغني عن بعضها في يومنا مثل لصقة الجروح الجاهزة وورق التغليف والأشياء البلاستيكية وورق الحلوى وقطع الشكولاتة ومناديل ورق الكلينكس والمناشف وأكواب الورق والبلاستيك وخلاف ذلك من الإستعمالات اليومية في حياة الإنسان .