منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*المخطط الكبير توطين عرب الشتات في غرب السودان بدعم خارجي* كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

0

*المخطط الكبير توطين عرب الشتات في غرب السودان بدعم خارجي*

 

كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

كودا

 

بدأت ملامح المشروع تتكشف بلا مواربة وبات ما كان يقال همساً يُنفذ اليوم جهاراً هناك خطة منظّمة لإعادة تشكيل غرب السودان سكانياً .
تقوم على إدخال جماعات وافدة عبر الحدود وطرد أصحاب الأرض الأصليين وصناعة واقع ديموغرافي جديد يُفرض بقوة السلاح ويُحمى بالغطاء الخارجي.
ولم تعد سيطرة التمرد على معظم دارفور وكردفان مجرد نتائج لمعركة داخلية بل أصبحت دليلاً دامغاً على أن البلاد تواجه مشروعاً عابراً للحدود تقوده مصالح دولية وإقليمية وتستخدم قوات الدعم السريع أداة طيّعة لتنفيذه.

لقد شهدنا خلال الأشهر الماضية تدفق مقاتلين لا يعرفون لهجات أهل دارفور ولا تاريخهم ينتشرون في مدن أُفرغت من سكانها ويستولون على قرى دفعت ثمن هويتها قتلاً وتهجيراً.
وما جرى في الجنينة وزالنجي وكتم وسرف عمرة لم يكن أحداثاً عشوائية بل عملية مدروسة تهدف إلى صناعة “سكان جدد” مكان أهل المنطقة الذين عاشوا عليها قروناً. وتكاملت هذه التحركات مع اختراق منظم لحدود السودان الغربية ومعابر مفتوحة من تشاد والنيجر ومالي تشرف عليها جهات سياسية وعسكرية أصبحت تعتبر دارفور امتداداً لمجال نفوذها الطبيعي.

وفي الوقت الذي تخترق فيه الجماعات الوافدة أرض السودان ويُعاد رسم التركيبة السكانية على مرأى العالم تنشغل قطاعات واسعة من السودانيين بجدل عقيم حول من أطلق الطلقة الأولى ومن حكم قبل من ومن انتمى لأي حزب، ومن تراثه أليق ومن تاريخه أوسخ.
وهكذا يتحول الشعب إلى كتل متصارعة على الماضي بينما المستقبل يُسلب منه شبراً شبراً.
والأسوأ من ذلك أن بعض أبناء الوطن أصبحوا يبررون هذا التمرد ويمنحونه غطاءً سياسياً وأخلاقياً ويصفون جريمة تغيير السكان بأنها “ثورة” و”مطلب إصلاح في الوقت الذي تُهدم فيه البيوت على رؤوس أصحابها ويُمسح تاريخ الناس من جذوره.

وما كان لهذا المشروع أن يتقدم لولا تهاون الداخل وتواطؤ الخارج.
فهناك دول تبحث عن نفوذ ضائع في الساحل وترى في دارفور فرصة لتعويض خساراتها، فتمد التمرد بالسلاح والغطاء السياسي وتدير حملات ضغط تستهدف تفكيك الجيش السوداني وتشويه صورته لإبقائه ضعيفاً لا يقوى على حماية حدوده ولا منع تفكيك أرضه.
وهناك شبكات ذهب دولية تمول العمليات الميدانية وشركات ومجموعات تهريب تتولى إيصال الطائرات المسيّرة والأسلحة الحديثة عبر ممرات معروفة تتقاطع فيها مصالح السياسيين والمهربين والمغامرين.

إن الخطر اليوم لم يعد في سقوط مدينة أو سيطرة مليشيا على موقع بل في تغيّر ملامح السودان نفسه.
فثمة من يريد خلق كيان غربي منفصل تُرسم حدوده بدماء أهل المنطقة وتُحكمه قيادة مرتبطة بالخارج ويُبرَّر وجوده مستقبلاً عبر دعاوى “الحماية الدولية وأمن المدنيين وصولاً إلى فرض إدارة أجنبية تتحكم في الإقليم بحكم الأمر الواقع.
وهذا السيناريو ليس خيالاً فقد حدث في دول أخرى وبدأ يتشكل في السودان بالطريقة ذاتها.

أمام هذا الخطر لا تكفي العبارات الناعمة ولا البيانات المترددة.
المطلوب ليس حكومة توافق ولا حكومة محاصصات بل سلطة وطنية قوية تمتلك القرار، وتفرض سيادتها، وتغلق الثغرات التي تدخل منها المشاريع الأجنبية، وتعيد بناء الجيش على أساس واحد بلا مليشيات ولا ولاءات موازية، وتضع خطة شاملة لعودة النازحين وضمان حقهم في أرضهم التي تُسلب اليوم أمام أعين العالم. فوجود هؤلاء الناس في أرضهم هو السد الأخير الذي يحمي السودان من التلاشي.

إنّ التاريخ لن يرحم من يرى وطنه يُستبدل بأرض أخرى وسكان آخرين ثم يبقى مشغولاً بالسباب السياسي والجدل الصغير.
واللحظة الآن لا تشبه أي لحظة مرّت على السودان منذ استقلاله فمن يظن أنها مجرد حرب عابرة مخطئ، ومن يتعامل معها كصراع سلطة واهم ومن يجمّل التمرد أو يمنحه الشرعية شريكٌ في الجريمة.
نحن أمام حرب وجود ومعركة هوية وتحدٍّ يستهدف روح البلاد قبل أرضها.
إما أن ننهض بدولة قوية توقف هذا الانهيار أو نكون آخر جيل يرى السودان بصورته التي نعرفها .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.