*انقلابات أفريقيا بين طوق النجاة وأمواج الغرق*
بما يزيد على ستة عقود، ظلت أفريقيا واحدة من أكثر القارات في العالم عرضة للاضطرابات السياسية والانقلابات، ولا تزال الساحة تعج بنُذر انقلابات عاصفة ومتلاحقة، فوفقاً لمجموعة بيانات “كولمبوس”، فإن أفريقيا “عانت من نحو 222 محاولة انقلاب ما بين ناجحة وفاشلة منذ عام 1946 أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، بل واعتباراً من عام 2022 عانت 45 دولة من أصل 54 دولة في القارة من محاولة انقلاب واحدة، أو أكثر، فيما واجهت بعض الدول الأفريقية في المتوسط نحو أربع محاولات انقلاب منذ الاستقلال، وكان السودان أكثرها إذ شهد ما يقرب من 17 محاولة، بما في ذلك اثنتان في هذه الفترة فقط”.
على رغم حدوث هذا العدد الكبير من الانقلابات في أفريقيا، إلا أنه لا يمكن الجزم بأنها كلها مرتبطة ببعضها، أو متشابهة، ومع ذلك فإن تأثير المحاولة الانقلابية في دولة واحدة قد يجر معه انقلاباً أقوى في الدولة ذاتها أو في دول الجوار، ومن ذلك حذر رئيس غانا نانا أكوفو أدو، عندما كان رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” بأن “الانقلاب في مالي عام 2020 كان معدياً، وقد أصاب دولاً أخرى في المنطقة، مما أدى إلى تأثير الدومينو للانقلابات، ويجب احتواؤه قبل أن يدمر منطقتنا بأكملها”.
وفي القارة السمراء لا تنتهي المفارقات، فالتركيبة السكانية الشابة تقابلها قيادات متقدمة في السن، وبينما هناك دول وصفت بأنها “جواهر متلألئة في تاج الديمقراطية”، تجاورها دول هشة تركت النزاعات والديكتاتورية ندوباً على نسيجها السياسي وتعاني من عجز إدارة الدولة، كما توجد في الدولة الواحدة ثروات متدفقة، بينما يعاني سكانها من الفقر.
والمفارقة الأبرز هنا هي أن الجيش الذي أُنشأ بعد استقلال هذه الدول كمؤسسة مهمة لحمايتها من التهديدات الخارجية، ونواته من الوطنيين الذين ناضلوا ضد الاستعمار، بات يمثل في عقود ما بعد الاستقلال أخطاراً أمنية على الحكومات الوطنية، لأن المؤسسة العسكرية التي زُودت بالقوة اللازمة للدفاع عن الدولة ومواطنيها، فإنها بدلاً من ذلك توجه قوتها إليهم وإلى قمة الدولة لتصبح هي النظام الجديد، ولا يتنازل عن هذا الدور إلا بانقلاب آخر أو تحول ديمقراطي قصير، لذلك نشأت علاقة عكسية بين السياسة والانقلابات العسكرية.
حزام الانقلابات
عادة ما تسبق الانقلابات العسكرية تحديات سياسية تواجه أداء الدولة وهياكلها القائمة، ويستغل القادة العسكريون خيبة الأمل في القيادة الديمقراطية وسط تدهور الظروف الاقتصادية، وأول صورة تحرص القوات العسكرية المنفذة للانقلاب على إيصالها إلى المواطنين هي صورة قائدها “المخلص” الذي أتى للإصلاح والقضاء على الفساد والفقر، ويُلاحظ ترادف لفظ “الإنقاذ” أو ما يقابله بلهجات عدة في أغلب الدول الأفريقية مع بث بيانها الانقلابي الأول.
وفي القارة السمراء قابلية كبيرة للانقلابات وميل للتمرد سواء أكان من داخل الجيش نفسه أو بتمرد مجموعة منه أو قوات شبه عسكرية تنشأ بالأساس كحركات متمردة، وهي أحد خطوط الدفاع لتبرير الاستيلاء على السلطة بالقوة، ومواجهتها أزمة الشرعية، فتلجأ إلى القمع للحفاظ عليها أو أن تسقط هي الأخرى تحت براثن انقلاب آخر، وغالباً ما تعلن الحكومة الانقلابية أنها حكومة “تصريف أعمال”، وستسلم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة فتُشكل مجالس عسكرية انتقالية للإشراف على عملية التحول الديمقراطي الذي وإن أتى فسيكون قصيراً.
ظهر مفهوم جيوسياسي حديث هو “حزام الانقلاب” لوصف منطقة غرب ووسط أفريقيا ومنطقة الساحل التي تشهد انتشاراً مرتفعاً للانقلابات، وقال فيها متخصص الأمن والشؤون الدولية في جامعة سنترال فلوريدا، جوناثان باول، الذي ركزت أبحاثه على تتبع الانقلابات في جميع أنحاء العالم منذ الخمسينيات “من العدل تماماً القول إن هذه المنطقة هي عاصمة الانقلابات في العالم”.
ومع اختلاف الانقلابات الأخيرة في المنطقة إلا أن التشابه يكمن في أن العديد من قادة الانقلابات هم ضباط أصغر سناً من جيل العسكريين الذين نفذوا انقلابات سابقة، أو من حكام بلدانهم الذين أطاحوا بهم، وهو ما أوضحه مؤسس “أماني أفريقيا” الفكرية بأديس أبابا سولومون ديرسو “هؤلاء الضباط إما تلقوا تعليمهم وتدريبهم العسكري في فرنسا، أو انخرطوا في تدريبات مشتركة قامت بها القوات الأميركية والفرنسية في بوركينا فاسو ومالي وغينيا، في شراكة أمنية وتدريبية في الحرب ضد الجماعات الإرهابية”.
وأضاف ديرسو “ما يوحي به هذا، أن هؤلاء الأشخاص تعرضوا لمُثل وتوقعات معينة خاصة، وعندما عادوا إلى قاعدتهم اكتشفوا جميع أنواع الثغرات ونقاط الضعف التي لم تلبِ توقعاتهم وطموحاتهم، فبحثوا عن طرق لتحقيقها بالقوة مع التوقع المفترض بإصلاح الأمور”.
قاسم مشترك
قُسمت الانقلابات في أفريقيا إلى أنواع منها “الانقلاب الخارق” وهو أن تقوم مجموعة معارضة من المدنيين أو العسكريين بالإطاحة بالحاكم وتنصيب أنفسهم كحكام جدد للدولة، و”انقلاب ولي الأمر”، وهو استيلاء مجموعة نخبة على السلطة من مجموعة نخبة أخرى، كأن يقوم جنرال في الجيش بالإطاحة بملك أو رئيس، وكذلك “انقلاب الفيتو” بأن يتدخل الجيش لمنع التغيير السياسي الجذري.
وقال الباحث في مركز ليجون للشؤون الدولية والدبلوماسية بجامعة غانا إي نانا أمواتينغ “الانقلابات العسكرية هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، بخاصة في غرب أفريقيا، وعلى النقيض من الحكومات الديمقراطية ذات الصلاحيات السياسية القائمة على الدساتير ونتائج الانتخابات، من بين أمور أخرى، فإن التفويض السياسي لقادة الانقلابات العسكرية ينبع من فوهة البندقية”.
ومن جهتها، قالت مستشارة شؤون أفريقيا في “معهد الولايات المتحدة للسلام” كاميسا كامارا، لـ”قناة بي بي أس نيوز أور” إن “القاسم المشترك هو أن كل البلدان التي وقعت فيها الانقلابات العسكرية الأخيرة كانت مستعمرات فرنسية سابقة، باستثناء السودان المستعمرة البريطانية السابقة، ومحاولة انقلابية فاشلة في غينيا بيساو وساو تومي وبرينسيبي وهما مستعمرتان برتغاليتان”.
ورأت كامارا أن “السبب وراء ذكر فرنسا مراراً وتكراراً في الانقلابات العسكرية الأخيرة في غرب أفريقيا يعود إلى أن باريس باعتبارها قوة غربية كانت حاضرة بقوة في السياسة الداخلية والمساعدات الأمنية، لذلك أصبحت الجاني السهل”.
إطاحات متوالية
خلال الأربع سنوات الأخيرة شهد السودان انقلابين، الأول في الـ11 من أبريل (نيسان) 2019، بعد احتجاجات شعبية طالبت بتنحي الرئيس السابق عمر البشير، وأطاحت القوات المسلحة السودانية التي كان يقودها الجنرال عوض بن عوف بالحكومة والمجلس التشريعي والذي أعلن حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر، ولكنه استمر في الحكم ليوم واحد، والثاني نفذه الجنرال عبدالفتاح البرهان ضد الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وفي مالي انقلابان أيضاً الأول في 18 أغسطس (آب) 2020، بعد أن تمرد بعض جنرالات القوات المسلحة المالية واعتُقل الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، أما الثاني فحدث في 24 مايو (أيار) 2021، حين استولى الجيش المالي بقيادة نائب الرئيس أسيمي غويتا على السلطة واعتقل الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار واني ووزير الدفاع سليمان دوكوري.
وفي غينيا، أسر الجيش الرئيس السابق ألفا كوندي، في الخامس من سبتمبر (أيلول) 2021، وأعلن قائد القوات الخاصة مامادي دومبوي حل الحكومة والدستور.
أما بوركينا فاسو، فأطاحت “الحركة الوطنية للحماية والاستعادة” بقيادة الجنرال بول هنري سانداوغو داميبا بالرئيس روش مارك كريستيان كابوري من منصبه في 24 يناير (كانون الثاني) 2022، وفي 30 سبتمبر من العام نفسه أُطيح بالرئيس المؤقت داميبا وتولى بدلاً منه الجنرال إبراهيم تراوري القيادة كزعيم جديد للحركة.
ووقع انقلاب النيجر في 26 يوليو (تموز) الماضي، إذ احتجز الجيش الرئيس المنتخب محمد بازوم، وتولى قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبدالرحمن تياني السيطرة على المجلس العسكري الجديد وأعلن نفسه رئيس “المجلس الوطني لحماية الوطن”.
وفي الغابون، كانت المحاولة الانقلابية الفاشلة في السابع من يناير 2019، إذ أعلن اللفتنانت كيلي أوندو أوبيانغ عبر الإذاعة الوطنية أن الرئيس علي بونغو لم يعد صالحاً للحكم، ولكن ضباط في الجيش اعتقلوه وأعلنوا السيطرة على مقر الإذاعة، وفي 30 أغسطس الماضي، أعلنت مجموعة جنرالات الاستيلاء على السلطة والإطاحة بالرئيس بونغو بعد إعلانه الفوز بولاية ثالثة ليستمر حكم عائلته لأكثر من نصف قرن، ثم أعلنوا بعد ذلك عن تنصيب رئيس الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما، الذي شارك في الانقلاب، رئيساً للمرحلة الانتقالية.
فشل الديمقراطية
كثيراً ما يدور جدل حول السهولة التي تتم بها الانقلابات في أفريقيا، فبينما تقول بعض الآراء إن العسكريين أنهوا حالات الديمقراطية، يجادل آخرون بأنه لم تكن هناك ديمقراطية حقيقية في القارة وإنما مظاهر فقط، تشتمل على طقوس الانتخابات والتصويت الذي غالباً ما يكون مزوراً، ودللوا على ذلك بالدعم الشعبي للانقلابات العسكرية، ذلك لأن الديمقراطية أصبحت وسيلة للتشبث بالحكم.
أرجع اللواء المتقاعد في الجيش النيجيري والمدير السابق للسياسة في وزارة الدفاع لصحيفة “ذيس داي” النيجيرية جونسون أولاومي، موجة الانقلابات الأخيرة إلى “فشل الديمقراطية الليبرالية الغربية والسياسات القمعية التي اتبعتها فرنسا في مستعمراتها السابقة، وانعدام ثقة الناس في النظام الانتخابي، الذي لم يقضِ على الفساد، ولم يزِل الفقر، وكما كانت العديد من الانقلابات مدفوعة بالانتهازية، فإن السياسة الداخلية، أيضاً كذلك، ولا ينبغي اعتبار نجاحها بمثابة سلطة الشعوب”.
وقال المحاضر في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة “النيل” بنيجيريا حكيم أوناباجو بموقع “ذا كونفرسيشن” إنه “بعد الحرب الباردة، تم تدشين برنامج ديمقراطي نيوليبرالي في أفريقيا، وعد بتحرير القارة من الاستبداد والاستيلاء العسكري على السلطة، لمصلحة التعددية السياسية وسيادة القانون وهكذا، وبعد عقود عدة، كان من المفترض أن تكون الانقلابات نادرة، إن لم تكن شيئاً من الماضي، وكان من المفترض أن تكون الديكتاتوريات في طريقها إلى الاندثار”.
وأضاف أوناباجو “القول بعودة أفريقيا للانقلابات، يعني أنه لا بد وأن تكون الديمقراطية في أفريقيا خطت خطوة إلى الأمام بما يكفي لمنع الانقلابات أو الحد منها، كما أن القول بأن الديمقراطيات الأفريقية تحتضر، فهذا يعني الاعتراف بأنها كانت على قيد الحياة، وفي كلتا الحالتين نادراً ما تكون الانقلابات حلاً للحكم السيئ، لذلك هذا يدعو إلى إعادة تقييم المشروع الديمقراطي الليبرالي الجديد في أفريقيا”.
وأشار المحاضر النيجيري إلى ضرورة “النظر إلى الداخل في الديمقراطية والحكم على رغم الإنجازات المتواضعة، فإن الصورة الأكثر دقة للديمقراطية في غرب أفريقيا هي أنها سطحية، إذ تُجرى الانتخابات بشكل دوري ولكن من دون وجود مكونات أساسية لها مثل المشاركة المستنيرة والنشطة واحترام سيادة القانون، واستقلال القضاء، والحريات المدنية”.
بيئة الأخطار
تشكل المحاولات الانقلابية التحدي الأكثر شيوعاً لاستمرارية الأنظمة السياسية في أفريقيا، وإذا كانت ناجحة أو فاشلة، فإن لديها عوامل تسهم مجتمعة أو منفردة في حدوثها منها الفجوة بين الأجيال، فمع أن 60 في المئة من سكان أفريقيا من فئة الشباب إلا أن السلطة محتكرة لحكام قضوا فترات طويلة، وأحياناً يرغبون في توريثها بدلاً من التنافس عليها ديمقراطياً، وعندما يتعرضون لانتقادات يقومون بقطع فترات حكمهم بانتخابات شكلية، والتلاعب بالدستور وتغييره للبقاء لفترة أطول في السلطة، وكذلك تفاقم مجموعة من المظالم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتتمثل في سوء إدارة التنوع والفرص، والهيمنة الإثنية أو التهميش، وانتهاك حقوق الإنسان والقيود المفروضة على حرية التعبير، وانخفاض الدخل وقلة النمو.
بالنظر إلى معضلة ولاء الجيش نجد الفجوة أيضاً، فيمكن أن يحدث تغيير النظام من داخل الجيش للإحساس بأن الحكومة غير شرعية ويُبرر ذلك بالصالح العام الوطني، أو عن طريق استقطاب الجيش من حزب أو مجموعة سياسية، أو بتظلمه من تفضيل مجموعة مهيمنة في الجيش، خصوصاً أن الجيش في أفريقيا عادةً ما يكون جزءاً أساساً من الدولة.
إذا حدثت محاولة انقلابية سابقة سواء كانت ناجحة أم لا، فإنها تظهر أنه من الممكن حدوث انقلاب بنسبة تتراوح بين 25 و40 في المئة، وفي ذلك قال جوناثان باول إن “محاولة الانقلاب قد تبدو جذابة في الظروف التي قد يُنظر فيها إلى الحكومة على أنها توفر قيادة غير فعالة أو لا تمنح الجيش الأدوات والموارد التي يحتاجها ليكون قادراً على مكافحة التمرد بنجاح”.
وأضاف باول “يمكن أن يلهم ذلك أيضاً مدبري الانقلاب في دول أخرى قد تواجه تحديات أو سياقات مماثلة”، فبعض الدول بعد تجنبها أي مؤامرة انقلابية، تصبح تدريجاً قادرة على تجنبها بصورة أسهل من غيرها، على عكس البلدان التي لديها مستويات عالية من أن تكون عرضة للانقلابات، بسبب وجودها في قمة بيئة الأخطار التي تسود في أعقاب المؤامرة الأخيرة.
يسهم استمرار ضعف الحكومات في أفريقيا في مواجهة المهددات الأمنية وفي مقدمتها الجماعات الإرهابية وهو السبب المعلن للانقلابات في مالي وبوركينا فاسو، وعلى رغم أن فرنسا أنفقت نحو مليار دولار لمكافحة التمرد في منطقة الساحل في عملية برخان منذ عام 2014، إلا أنها انسحبت من مالي تاركة فراغاً للقوى غير الديمقراطية التي يمكن أن ترعى الانقلابات وتدعم أنظمة ما بعد الانقلاب.
النفوذ الأجنبي والمنافسة الاستراتيجية والحصول على المزايا في أفريقيا تزيد من احتمالية حدوث الانقلابات، فقد استفادت موسكو من هذا الموقف ونشرت الدعاية المناهضة للغرب في المنطقة، كما نشرت مقاتلي مجموعة “فاغنر” في بعض الدول في أفريقيا الوسطى ومالي والسودان، واستخدمت روسيا والصين الفيتو لمنع فرنسا من الحصول على دعم مجلس الأمن بإصدار قرار فرض عقوبات اقتصادية وحدودية على مالي.
وباء مستمر
لا شك أن عدد الانقلابات في غرب أفريقيا آخذ في الارتفاع، فعادةً ما يعِد قادة الانقلاب بأن تدخلهم سيكون قصير الأمد، لكن هذا نادراً ما يحدث، إلا إذا تمت إزاحتهم هم أنفسهم من السلطة عن طريق تدخل عسكري آخر، ويمكن أن يستمر شبح الانقلابات يطارد دول القارة وتمتد عدواه إلى دول أخرى.
بعد انقلاب السودان في أكتوبر2021، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “وباء” الانقلابات، بما في ذلك الأحداث في أفريقيا. ووصفها بـ “البيئة التي يشعر فيها بعض القادة العسكريين بأن لديهم حصانة كاملة من العقاب، ويمكنهم أن يفعلوا ما يريدون لأنه لن يحدث لهم شيء”.
بعد الانقلابات المتلاحقة الأخيرة أجرت عدد من الدول الأفريقية تعديلات في صفوف الجيش، فبعد يومين من انقلاب النيجر، جرى في سيراليون اعتقال مجموعة من ضباط الجيش بتهمة التخطيط لتنفيذ انقلاب على النظام الحاكم، وجرت توقيفات عدة بحق من وصفتهم السلطات بأنهم كانوا يعتزمون استغلال تظاهرات سلمية على نتائج الانتخابات التي فاز فيها الرئيس جوليوس ما دا بيو بولاية رئاسية ثانية، وطعنت فيها المعارضة.
وبعد يوم من انقلاب الغابون، أجرى الرئيس بول بيا الذي يحكم الكاميرون منذ عام 1982، والذي من المفترض أن تنتهي ولايته السابعة عام 2025 تعديلات في وزارة الدفاع بأن أقال قادة عسكريين وعين آخرين، كما قام الرئيس الرواندي بول كاغامي الذي حصل على تفويض للحكم حتى عام 2034 بإجراءات عدة بعد يومين من استيلاء الجيش في الغابون على السلطة، إذ أقال 12 جنرالاً عسكرياً وأكثر من ألف ضابط إلى التقاعد.
وذكر المحاضر في العلاقات الدولية، بجامعة “كيرتن” بأستراليا محمد دان سليمان لصحيفة “ذا كونفرسيشن” أن “الظروف التي تحدث فيها الانقلابات دينامية، ولتجنب الانقلابات المستقبلية والرد على الانقلابات الحالية، يجب أن يكون هناك تغيير جذري في هذا الاتجاه. ويتعين على البلدان، بمساعدة الشركاء الإقليميين والدوليين، أن تعالج أوجه القصور في الحكم والتي تتمثل في عدم الوفاء باستحقاقات المواطنة، والإحباط الاجتماعي والاقتصادي وانعدام الأمن المتزايد”.