منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*لكم الله أبناء القوات المسلحة الباسلة.. أنتم ما بين الاستبطاء والتخوين*

0

لواء ركن (م) أسامة محمد احمد عبد السلام يكتب :

بعد نحوٍ من خمسة أيام تدخل حرب القوات المسلحة الباسلة ضد متمردي ومرتزقة الدعم الصريع ومناصريها وداعميها شهرها السادس (نصف عام) .. وهي الحرب التي كان هدفها المعلن لأول انطلاقة الرصاصة الأولى فيها السيطرة على مقاليد السلطة في البلاد بالقوة واغتيال القائد العام لتحقيق أجندة داخلية لتمكين جهات سياسية من الحكم وأجندة إقليمية مشبوهة ممتلئةً حقداً وغلاً على السودان.. وقد بدا ذلك واضحاً جلياً من حجم الدعم اللوجستي المهول المقدم كوقود للحرب إذكاءً لاستمراريتها ونفخاً في كير حريق البلاد ليمتد ويتسع ولا ينطفئ

بجردٍ سريعٍ متأمل لمواقف الناس في بلدي حيال هذه الحرب وبعد هذه الستة أشهر يكاد المرء أن يميّز وقوفهم على مفترق ثلاث طرق.. فبعضهم وقد تطاولت المدة الزمنية لهذه الحرب الضروس يقف بين الرجاء والخوف.. رجاءً في النصر وخوفاً من الهزيمة وانتصار هذه الفئة الباغية المتمردة.. فهو يدعم القوات المسلحة ما في ذلك شك ومؤمن بأنها على حق وأنها جيش السودان ودرعه الواقي الذي تتكّسر عليه نصال التآمر والكيد.. ويتابع المعارك والأحداث ولكنه يستبطئ النصر وحسم الحرب حسبما يشتهي هو باعتبار أن (يده في الموية) وهو في البر والفي البر (عوااااام) كما يقول المثل الدارج

أبدأ بهؤلاء الذين يتعجّلون النصر والحسم ويريدونه حسبما يشتهون اليوم قبل الغد (والآن قبل بعدين) وهم لا يعلمون حجم هذه المعركة ولا تكتيكاتها ولا حجم التضحيات التي تقدّم من قبل أبناء القوات المسلحة الباسلة لتحقيق النصر (وبأعجل ما تيسر) كما يقال في تقادير الموقف.. ولربما لا يعرفون خريطة انتشار قوات الدعم (الصريع) داخل ولاية الخرطوم وانفتاحها يوم 14 أبريل أي قبل يوم من انطلاقة الحرب أو يعرفون ولكنهم نسوا ذلك في غمرة الاحداث.. ولا يدركون التخطيط المحكم الذي تتبعه القوات المسلحة لضمان انسياب الإمدادات اللوجستية لستة أشهر كاملة.. إن ما حققته القوات المسلحة حتى الآن يعتبر وبكل المقاييس معجزة بحقٍ وحقيقة .. وتوفيقاً ربانياً ما في ذلك أدنى شك ويدل على أن هذا السودان محفوظ من الانزلاق لما هو أسوأ مما يشاهده الناس الآن من قتل واغتصاب وحريق ودمار.. فالمؤامرة كانت كبيرة وأبعادها خطيرة واحتمالات نجاحها لمن خطّط ودعم لم تكن تقل عن 99% على الإطلاق ولكن القوات المسلحة امتصت هذه النسبة وقلبتها لصالحها وتزيدها كلما مر يوم على الحرب

البعض الآخر مشتط في نظرته ويرمي القوات المسلحة بالخيانة (والبيع) ويسوق الشواهد ويربط أحداث بأخرى وينسج القصص والروايات وكيف كان موقف القائد العام للقوات المسلحة وماذا قال وماذا سيقول.. وماذا فعل قائد المهندسين أو المدرعات وماذا قال قال قائد معسكر العيلفون ولماذا تم إرجاع المستنفرين ووووووو .. ليؤكد فرضيّة (الخيانة) هذه وهي كلمة كبيرة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم) لا يمكن أصلاً أن تقال في حق قوات مسلحة ظلت ممسكةً على جمر البنادق وتفترش الخنادق ستة أشهر كاملات أربعاً وعشرين ساعة سبعة أيام ليلاً ونهاراً دون توقف ولا استراحة محارب.. من يستريح فقط هو من يستشهد برصاص هؤلاء الخونة المتمردين أو يجرح فيخلى للمشافي..
كيف بالله عليكم يوصم بالخيانة جيش دُقّ بينه وبين الدعم الصريع أسفين الخلاف الكبير وتجرّع مرارة التآمر والطعن في الظهر بخنجرِ مسموم؟ كيف يمالئ الجيش المتمردين والمرتزقة وهم الذين يقاتلونه بسلاحه وذخيرته التي سلمها لهم من مخازنه ومن مواقعه التي أستأمنهم عليها؟ هذا شعور لا يمكن أن يحس به أحد خلاف أبناء القوات المسلحة.. ولا يمكن شرحه ووصفه مطلقاً لمن لا يتزيا بالكاكي مهما تطاول الشرح واستفاض من يشرح..
كيف تخون القوات المسلحة الباسلة وشهداؤها تترى قوافلهم شهيداً إثر شهيد.. تقدمهم بلا منٍ ولا أذى مهراً لعز السودان وشعبه وصوناً لكيان الدولة من الاختطاف والارتهان؟ لا أعتقد أن عاقلاً منصفاً يمكن أن يقول بأن القوات المسلحة باعت الوطن أو أنها ستبيعه لأجندات خارجية أو داخلية وتريد أن يستمر الحريق ونزيف الدم لتحقيق رؤية سياسية خارجية ترضخ لها.. تضمن بها وضعاً سياسياً لها أو لقائدها العام .. هذه أخلاق الساسة وليست أخلاق العسكريين على الإطلاق .. فالقوات المسلحة هي أول من يدفع فاتورة استمرار الحريق هذا لو يعلمون وهي الأكثر إدراكاً لمعنى الحرب حيث تمارسها عملياً لا نظرياً

الصنف الأخير في مفترق طرق من ينظرون إلى الحرب أعداء القوات المسلحة والذين لم يغيّروا مواقفهم منذ التغيير في 2019م .. هؤلاء حزب معليش ما عندنا جيش والجيش للثكنات وحكم العسكر ما بتشكر وغيرها من الشعارات الجوفاء.. ظلوا يلمزون القوات المسلحة بساقط القول ويتهمونها بشتى الاتهامات وهي منها براء.. في قناعتهم أنها لن تسلم أمانة السلطة إلا لمن ينتخبه الشعب وهذا واجبها الذي ظلت تقوم به متى ما انحازت للشعب في مختلف الحقب التي شهدت تغييرات سياسية .. يريدونها خاضعةً لهم كسلطة مدنية (غير منتخبة) فيهيكلونها كيفما أرادوا ويدجنونها كيفما اشتهوا ويطيحوا بكفاءاتها ويدمجوا فيها حركات المسخ المسلح والملايش وباشمرقة أمراء الحرب وأثرياءها مدعى التهميش وشعارات التضليل والإفك.. المحايدون في زمن الرصاص والقلة في زمن القصاص لأهليهم الكثيرون عند الترتيبات الأمنية وتوزيع المناصب .. هؤلاء مواقفهم واضحة وعداءهم سافر لكنهم يخصمون من رصيد الجيش ومن يقفون مع القوات المسلحة عزفاً على نغمة (الاستبطاء) في الحسم أحياناً ونغمة التخوين أحياناً أخرى متخفين خلفها.. وبث شعار نعم للسلام لا للحرب وهو شعار حق أريد به باطل.. وتلوّن في المواقف لا أكثر في حين يظل موقفهم المبدئي بلا تغيير وينتهوا بألا حسم لأيٍ من الطرفين في هذه الحرب وأن كل حرب لابد لها من الانتهاء بتفاوض.. وهذا دجل وخداع وهراء فهل تفاوضت الارجنتين مع بريطانيا بعد سحق بريطانيا للجيش الأرجنتيني في جزيرة الفوكلاند؟؟؟؟

أخيراً يسأل سائل وهو ممسك بالهاتف المحمول عبر رسالة واتس أيام معارك المدرعات وهجوماتها الشرسة ومعاركها القوية وقد بلغت القلوب الحناجر.. (أها كيف الوضع في المدرعات) .. يقرأ الرد في قروب أو في رسالة من صديق (تمام تم صد الهجوم) .. فقط أربعة كلمات لا غير يقرأها وهو متكئ على شقه الأيمن أو على ظهره في وسادة (مريحة) وربما أمامه كوب من العصير أو الشاي أو القهوة.. وهو لا يعلم أن هذه الأربع كلمات ورائها كم هائل من ذخائر الكلاشنكوف والثنائي والرباعي والرشاشات المتوسطة ودانات المدفعية من هاونات بمختلف العيارات والكاتيوشا ونسور الجو.. لا يعلم كبف أديرت المعركة وتحركت قوة من أقصى الشرق لأقصى الغرب ومن أقصى الشمال لأقصى الجنوب .. كيف سقطت الدانات داخل معسكر الشجرة وحوله وكم كان عددها .. كيف جرح من جرح ومتى تم اسعافه وكيف استشهد من استشهد وهل كان الاستشهاد قنصاً أم بدانة مدفعية أم أربجي ومتى دفن وأين وكيف ؟؟ وراءها رجال لم يتزحزحوا قيد أنملة ظلوا راكزين صامدين يتلقون الرصاص بصدورهم.. لا يدرك متى تناول المقاتلون ذلك اليوم أول وجبة لهم ومم كانت تتكون؟ كل هذا ملخصه تلك الكلمات الأربع فقط لا غير .. وقس على ذلك أي موقع تم الهجوم عليه أكثر من عشرات المرات في جبل أولياء والإشارة والذخيرة ووادي سيدنا والأبيض ونيالا والمهندسين والفاشر ..
ثم الآن وبعد أن استتبت الأمور في المدرعات ولم يعد هناك هجوم بعد هلاك قرابة السبعة ألف قتيل على أسوار المدرعات.. هل سأل أحدهم ما هو وضع المقاتلين المرابطين بالشجرة الآن؟ هل هناك كهرباء بالمعسكر أم أن المعسكر بلا كهرباء منذ أبريل الماضي؟ ماذا يأكلون وهل هناك صعوبات في إمدادهم بالوجبات؟ متى كان آخر لقاء لهؤلاء المقاتلين المرابطين لستة أشهر بأسرهم وفلذات أكبادهم؟؟

أخيراً جداً لكم الله أخوتي في القوات المسلحة..
فأنتم ما بين الاستبطاء والتخوين والعداء..
ولكني على ثقة أنه لن يثني القوات المسلحة الباسلة عن المضي في طريقها المحفوف بالأشواك والمخاطر المزروع بالألغام والآلام شيئاً ..
فلا استبطاء يفت في عزيمتها وصبرها..
ولا تخوين يؤثر في مضائها وجلدها..
ولا عداء من يعاديها يجعلها تتنكب الطريق..
فطريقها واضح فإما نصراً وإما شهادة.

النصر المؤزر للقوات المسلحة الباسلة

لواء ركن (م) أسامة محمد احمد عبد السلام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.