آبي أحمد مطمئنا الجوار الإقليمي: لن نلجأ للحرب للوصول إلى البحر الأحمر
القدرات العسكرية الاثيوبية أنهكتها حرب تيغراي، بينما تخضع مساحات شاسعة من البلاد لسيطرة حركات التمرد المسلحة المناوئة للحكومة المركزية.
آيي أحمد يدرك جيدا حجم قواته وإمكانياته العسكريةأبيي أحمد يدرك جيدا حجم قواته وإمكانياته العسكرية
اديس ابابا – أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آيي أحمد الخميس أن بلاده لا تنوي غزو أي بلد و”لن تلجأ أبدا للحرب لخدمة مصالحها”، بعد خطاب له قبل أيام أثار مخاوف حول مطالب محتملة لأديس أبابا في البحر الأحمر، لاسيما أنه يدرك أن إمكانياته الحالية لا تسمح بالدخول في صراع.
ويرى متابعون للشأن الأفريقي أن آبيي لجأ إلى تطمين دول الجوار وبعث رسائل دبلوماسية، لأنه يدرك أن وضع بلاده وقدراتها الحالية على كافة المستويات خصوصا العسكرية لا تسمح له بالدخول في أي صراع جديد، وذلك بعد أن أنهكتها حرب تيغراي، كما أن مساحات شاسعة من البلاد تقع تحت سيطرة حركات التمرد المسلحة، المناوئة للحكومة المركزية، سواء في إقليم أمهرة أو أروميا وغيرهما.
وقال أحمد في خطاب بث على التلفزيون في 13 أكتوبر تشرين الأول أن “وجود إثيوبيا كأمة مرتبط بالبحر الأحمر”، وأن بلاده محتاجة لميناء، مضيفا أن “السلام” في المنطقة رهن “بتقاسم متبادل ومتوازن” بين إثيوبيا المعزولة عن البحر وجيرانها.
وطرح هذا الخطاب تساؤلات حول دوافع ونوايا الحملة التي أطلقها أمام المشرعين، حيث استنكر “فكرة تحريم الحديث عن أحقية بلاده في ضمان موطئ قدم على مياه البحر الأحمر، في حين لا تكف كل من السودان ومصر عن مناقشة قضايا مياه النيل”.
ووجد الخطاب تجاوباً كبيراً في الإعلام الإثيوبي والأوساط السياسية، بينما أثار المخاوف لدى دول الجوار، لا سيما في إريتريا وجيبوتي والصومال، وهي الدول التي تناولها الخطاب كوجهات محتملة لضمان المنفذ البحري.
وإثيوبيا هي ثان أكبر بلد إفريقي ديموغرافيا مع حوالي 120 مليون نسمة، لكن ليس لديها أي منفذ مباشر الى البحر الأحمر، الذي يعد أحد أكبر مسالك التجارة العالمية، خلافا لجارتيها إريتريا وجيبوتي.
وزاد من قلق الجيران وجود توترات مع إريتريا، على الرغم من تأكيد أحمد أنه “لا يريد التدخل في شؤون” بلدان أخرى والعمل “سلميا” لخدمة طلبه بالحصول على ميناء في البحر الأحمر.
ورأى متابعون أن حديث أبيي يشير إلى وجود أزمة صامتة بين أثيوبيا وحليفها السابق في حرب تيغراي، أرتيريا، إذ إن اعتبروا أن اللغة المستخدمة في الخطاب والمطالبات تنتقص من السيادة الإريترية على الأراضي والمسطحات المائية كافة، فضلاً عن قوله “إن المزاج الشعبي الذي أفضى إلى استقلال إريتريا عن إثيوبيا لم يعد قائماً الآن”، ما فسرها هؤلاء باعتبارها “إشارة واضحة إلى فشل حليفه السابق في إقامة دولة وطنية تحافظ على استقرارها وسيادتها الوطنية وكرامة شعبها”.
وأوضح رئيس الوزراء الإثيوبي الخميس “لم يسبق لإثيوبيا غزو أي بلد آخر ولن تفعل ذلك في المستقبل”، في خطاب ألقاه وسط أديس أبابا بمناسبة الاحتفال السنوي بـ”يوم قوات الدفاع”.
وأضاف “أثار طلبنا بالحصول على منفذ للبحر مخاوف من أن تقوم إثيوبيا بغزو. أريد أن أطمئن أن إثيوبيا لن تقوم بخدمة مصالحها عن طريق الحرب”.
وذكرت تقارير أن هناك 17 دولة أفريقية تتمتع بضمانات استخدام الموانئ المجاورة عبر اتفاقيات ثنائية، وإثيوبيا من بينها وبإمكانها الاستفادة من أكثر من ميناء مطل على البحر الأحمر والمحيط الهندي، بإبرام جملة من الاتفاقيات الثنائية والجماعية المرتكزة على احترام السيادة لكل دولة وتعميق المصالح المشتركة، من دون الحاجة إلى الدخول في حرب، بخاصة وأن هناك تاريخاً طويلاً قد خاضته الدولة الإثيوبية خلال قرن من الزمن للحصول على منفذ بحري، من دون أن تكلل كل تلك الجهود العسكرية والدبلوماسية بالنجاح.
وكان أحمد حصل العام 2019 على جائزة نوبل للسلام بفضل تقاربه مع إريتريا، لكن سمعته تضررت عندما قام بإرسال القوات الفدرالية لقمع تمرد السلطات الجهوية لأقليم تيغراي. وخلفت هذه الحرب، التي استمرت بين خريف 2020 إلى خريف 2022، مئات الآلاف من القتلى.
وسبق لأثيوبيا أن حصلت على منفذ على البحر الأحمر عندما ضمت إليها بشكل تدريجي إريتريا، المستعمرة الإيطالية سابقا في سنوات التسعينات. لكنها فقدت هذا المنفذ منذ اندلاع نزاع بين البلدين بين عامي 1998 و2000، بعيد استقلال اريتريا العام 1993. وتعتمد اثيوبيا حاليا على ميناء جيبوتي لنقل صادراتها واستقبال وارداتها.