منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ود البطانة يكتب: *{الرحيل المر}* *الذكرى السنوية لشهيد الظلم اللواء شرطة: مبارك سعيد آدم الصافي.*

0

يصادف هذا اليوم الأول من نوفمبر مرور عام علي استشهاد اللواء شرطة : مبارك سعيد الذي فاضت روحه الطاهرة وهو يتألم من خناجر الظلم ومرارة كاسات الغل والحسد ، توفى بالمستشفى وهو يتوسد أمر إخلاء المنزل الحكومي المخصص له رغم أنف الحكم القضائي الذي أبطل قرارات فصله من الخدمة ،وفتوى وزارة العدل التى اقرت بسلامة حكم المحكمة وامرت وزير الداخلية السابق بتنفيذه ،ونحن في ذكراه السنوية نفسح المجال لمرثية أخيه وصديقه ورفيق دربه في هذه المظلمة العميد شرطة: د/ شنان محمد الخليل. فإلي المرثية:

*سوقني معاك ياعنان !!*

أيام وأيام وأنا أحاول أن أمنع قلمي عن الكتابة عن الشهيد مبارك سعيد آدم الصافي …ولكن الخواطر تزدحم و تأبى المحاجر إلا أن تسيل دماً و دموعاً و أحباراً… أيام وأيام والحروف تتراقص أمام ناظري فتشكل طابوراً يستأذن بالخروج من بين أصابعي رغم الممانعة والصد التي يبديها عقلي …
أيام وأيام وأنا أحاول أن أنسى أو أمسح صورته وهو يحضر إلى المحكمة بلبسته (السفاري) رفقة أحد أبنائه رغم عثرات الخطى وظهره المعطوب غضروفاً وقلبه المثقوب بحثاً عن عدالة بعيدة المنال في (جمهورية وحيد القرن) المنعدمة المثال …
فالكتابة عن الشهداء الأعزاء جميلة ومريحة لأنها تحدث (تفريغاً ) كهربائياً لشحنات الحزن التي يحدثها جلال الموت في النفس البشرية …ولكننا نتجنبها حتى لا يظن الأعداء بنا ضعفاً أو إنكسارا…فالكتابة لعائد من جنازة عزيز راحل يكون مدادها الدموع لا الحبر…إذ يتراءى لك الراحل كلمات ومواقف وذكريات تثير في النفس الشجن يقول حمّيد رحمه الله …
*باغتنا ريح الفجعة ليل…*
*صادنا الذهول…*
*زي التكنو قبل دا ما فارقنا زول بعد الرسول…*
*وللا التقول أول قلوب في الدنيا يغشاها القدر…*
*بعدن تضيع من الفصول !!*
فرحل المبارك سعيد إلى الله بمظلمته وملفه مفتوح أمام الحاكم العادل الواحد الديان الذي لا يموت …رحل المبارك سعيد ولم تتوقف خطاه بحثاً عن العدالة وعن حقٍ سليب طال اللهاث وراءه …وما يؤلم أكثر أن هنالك من الزملاء من يرى أن البحث وراء هذا الحق سوء أدب وعقوق للأم الرؤوم بل وخيانة وعدم وطنية … أولائك الذين إختزلوا الوطن في أشخاصهم ونفوسهم المريضة !!
رحل المبارك سعيد إلى الله بمظلمته بعد أن أرشد أبناءه لطريق العدالة لمواصلة السير والمتابعة في طريق البحث عن العدالة الطويل المثير الخطر!! فطوبى لمن يبحث عن العدالة …ويلقى الله مظلوماً لا ظالماً …ورحم الله أخي المبارك سعيد آدم الصافي الذي شهد له كل من عاشره أو عمل معه أو حتى من قابله ولو لمرةٍ واحدة بأنه كان تواضعاً وسماحةً وطيبةً وخلقاً كريماً يمشي بين الناس … وكان مباركاً كإسمه … سعيداً راضياً بماقسمه الله له … صافي السريرة ولا نزكّيه على الله…
جال المبارك سعيد الوطن وذرع أرضه براً لقسمٍ أقسمه عند مدخله للخدمة …لم يقض إجازة متنقلاً بين ولايةٍ وولاية ولا بين إدارةٍ وإدارة … بل كان يجدد نشاطه ويضخ دماءً جديدة في كل موقع يذهب إليه …تفانياً وإخلاصاً في مهنيةٍ عالية وهمةٍ ونشاط منقطعي النظير … فيخرج من موقعه ذاك وقد ملك قلوب الناس وحبهم …صحيحٌ أنه نذر حياته لله ولخدمة الوطن والشعب كما نص عليه القسم … و صحيحٌ أنه كرس وقته وطاقته طوال مدة خدمته وحتى مماته لتنفيذ الواجبات الملقاة على عاتقه بكل صدقٍ وأمانة .. …و صحيحٌ أيضاً أنه حرث البلد شرقها وغربها يدافع عنها مطبقاً للقانون و حارساً للوطن والشعب …ولكن ذلك كله قوبل بالجحود والنكران !!
وما أفدح أن تنطلق رصاصة من زميل لتصيب قلب زميل آخر في مهنة أصبحت لا تحترم الزمالة ولا تقدرها…لقد ذهب المرحوم يدافع عن وطن كانت مساحته مليون ميل مربع … ولكنهم ضنّوا عليه بشقة مساحتها 120 متر مربع … إستكتروا عليه شقة في أبراج البشير مساحتها 120 متر وهو يستحقها خدمةً ورتبةً واداءً وتميزاً!!
كانت واقعة طرده من القوة مؤلمة …وكانت واقعة طرده من الشقة اشد إيلاماً وهو الذي لازال -بحكم القانون – ضابطاً بقوات شرطة (جمهورية وحيد القرن) !!
حاربوه في رزقه حين فصلوه جوراً وبهتانا… وحاربوه مرة اخرى حين حرموا أبناءه الإستقرار والتعليم حين طاردوه بأوامر الإخلاء…وأخيراً أطلقوا عليه رصاصة الغدر …فانفجر القلب فداحةً وهو يحلم بالإنصاف والعدالة من زملاء الأمس أعداء اليوم … لبئس ما سولت لهم أنفسهم ولبئس ما فعلوا…
*(بطانة الشيطان قديييمة…*
*وبعد دا منو العرشو دام …*
*إذا الإنسان ماليهو قيمة…*
*علي ايش خلّفوا سام وحام !!)*
ومبارك سعيد ليس بدعاً من الزملاء الاماجد… يظل ضابط الشرطة يرمي همومه الخاصة وراء ظهره ويحمل هم الوطن وأمنه واستقراره وهم قوته حتى إذا انتبه لرحلة الحياة القصيرة يجد نفسه بلا مال وبلا مأوى لعياله لتطارده الشرطة ليبحث له عن مأوي حت يصرف (ملاليم) سنوات عمره الضائعة والتي لا تشتري له قطعة عشوائية في الضواحي وطرف المداين !!…
*(غلابا…*
*غلابا أمان مو طيابا…*
*ضكارى بصارى وكِرام…*
*حباب الحِبّان في بابا…*
*تدخلوا “علي الحرام” …*
*فقارى ولكن غنايا…*
*غنايا بهذا الغمام !!)*
ورحل المبارك سعيد وتزامناً مع هذا الرحيل المر فقد كنت طريح الفراش أعاني حزمة من الأمراض التي دهمتني ومنعتني النظرة الأخيرة والصلاة وتعزية أبنائه ..وعلمت أن السيد الوزير أيضاً لم يذهب دافناً ولا معزياً …ولكني منتظر لعودة اسرة المرحوم من الأبيض لأرافقه وأعتذر لهم …
رجاءً سوقني معاك يا سيادة الوزير…
سأقول لهم …
أن السيد الوزير يتمتع بأخلاق وشجاعة الفرسان وقد جاءكم معزياً ومواسياً فاقبلوا عذره…
سأقول لهم …
إنه برئٌ من دم أبيكم …
فهو لم يشارك في قرار الإحالة مع عادل بشاير و عثمان يونس ولم يبصم عليه مع الطريفي…كما انه لم يجلس مع الذين جلسوا في فندق الزهرة ولا تحت كبري كوبر من سفهاء قحت والذين يشايعونهم!!
كما أنه لم يعطل أو يمنع تنفيذ قرارات المحكمة القاضية بإعادة أبيكم للخدمة …فتلك قرارات وتوجيهات من جهات عليا وجهته بعدم التنفيذ … فهو *(عبد المأمور)!!*
سأقول لهم …إنه لا علاقة له بالقرار القاضي بإخلاء الشقة بالقوة الجبرية _ ذلك القرار الذي تسبب في الأزمة القلبية التي أودت يحياة ابيكم _ فذلك القرار قد أصدرته إدارة الشئون القانونية وإدارة عقارات الشرطة…براً لقسم طلاق سابق الا يعود مبارك واخوته للخدمة… !!
سأقول لهم …معتذراً إن السيد الوزير قد تخلف عن الحضور للمقابر لأن السيد الوزير كانت لديه زيارة مبرمجة لجهة رسمية وهي إدارة (حيّة) وتنتظره امامها الكاميرات والفضائيات والبث (الحي) وأن أبوكم قد (مات)… والحي أبقى من الميت …
فأقبلوا عذره …و
الفاااااتحة.
*عميد شرطة د.شنان محمد الخليل*
الأحد 6 نوفمبر 2022 م.

شكرا السيد العميد د/ شنان
اللهم تقبل الشهيد وكل شهداء الوطن و انصر الحق عاجلا غير آجل. الله اكبر والعزة لله ورسوله ثم للوطن الغالي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.