منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د.ليلى الضو أبوشمال تكتب لكل زمان دولة ورجال

0

د.ليلى الضو أبوشمال تكتب

لكل زمان دولة ورجال

قال الشاعر ذياب بن غانم
تعال يا ذاك الزمان بخيرك
فلكل عصر دولة ورجال
وحيث أن ( لكل زمان دولة ورجال) هي مقولة عربية قديمة جرت على ألسنة العرب، ويقصد بها تبدل أقدار الزعامات ومصائر القيادات ، وتجدني بهذه المقولة أراجع التاريخ واشاهد فيه رجال خلدهم التاريخ بماء من ذهب،، صاروا يمثلون لنا كما يقول عمر الجزلي( اسماء في حياتنا) نحسبهم ذوي رؤية وبعد نظر أرادوا أن يذكرهم التاريخ بالخير ويكونوا من الذين ينسأ لهم في عمرهم،، لا أذكر الأنبياء ، فهم في حل من أن أذكرهم ويذكرهم من عاشوا عصرنا العجيب هذا،، فيكفي أن الله سبحانه وتعالى قد ذكرهم في كتابه المقدس وحضروا في دواخل المؤمنين حقا والذين يحرصون على حمل هذا الكتاب في قلوبهم،، أما الصحابة فكانوا تاريخا نذكره بما قدموه من مواقف شهد لهم بها الأعداء قبل الأصدقاء ،، فعلى سبيل المثال مقولة سيدنا عمر بن الخطاب الشهيرة حين كان لا ينام خوفا من مسؤوليته التي حمل بها ويتفقد رعيته،، والناس نيام وحين عاتبوه على ما يفعل بنفسه قال ( لو عثرت بغلة في العراق لخفت أن يسألني الله عنها لما لم تصلح لها الطريق يا عمر) ،،وجاء من بعده حفيده والذي لقب بالخليفة الخامس من شده ورعه وتقواه (عمر بن عبد العزيز) ليضرب مثالا آخر في الحكم العدل، وما ذكر في الأثر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم تنبأ بهذا الرجل حين قال( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)،، فقد قام هذا الرجل بعزل الولاة الظالمين، وكان من زهده لا يسرج سراجا من بيت مال المسلمين، فاذا فرغ من حوائج حكمه سرج سراجه الذي من ماله الخاص ليصلي الليل ويقضيه باكيا خوفا من حساب الخالق .
وكذلك تلك الشخصية القائد (صلاح الدين الايوبي) الذي شغل نفسه بالجهاد وكان داعما للمذهب السني وكان محاربا قويا للصليبيين واستطاع تحرير المسجد الأقصى من قبضتهم ، ولعل هؤلاء وغيرهم من شخصيات حتى وإن لم تكن مسلمة أرادت أن تفعل فعلا ايجابيا يذكرهم به التاريخ كالمهاتما غاندي واسحاق نيوتن وتوماس اديسون .
لعل هناك صفات مشتركة يمتلكها القادة العظماء الذين لا تكفي مساحة الحديث لتناولهم تفصيلا ، فمن تلك الصفات القدرة على الحسم وإحداث التأثير الإيجابي والتكيف الاستباقي والموثوقية في تحقيق الأهداف ، امثال هؤلاء يموتون رجالا ويبقون تاريخا يحكى للأجيال ، واستشهد في ذلك بمقولة لجمال الدين الأفغاني (ملعون في دين الرحمن من يسجن شعبا، من يخنق فكرا ، من يسكت رأيا من يبني سجنا ، من يرفع رايات الطغيان ملعون في كل الأديان من يهدد حق الإنسان حتى لو صلى أو زكى وعاش العمر مع القرآن)
والحكمة تؤخذ من أفواه العقلاء وأصحاب الفكر والرأي ولادوارد غاليانو مقولة تحكي واقع حالنا حين قال( نحن نعيش في عصر التفاهة حيث حفل الزفاف أهم من الحب، ومراسم الدفن أهم من الميت، واللباس أهم من الجسد،، والمعبد أهم من الله) أليس هذا حالنا تكثر المساجد ولا تجد المصلين ،، والإسلام عندنا مظهر وليس جوهر، انشغلنا حقا بتفاهات الأمور وتركنا كل ما يحيي الروح، وأصبحت التفاهة نظاما يمشي بين الناس.
إن حالنا نستحي أن يكتبه التاريخ ويتعلمه القادمون نزاع وصراع وعدم وعي وفشل في أن نكون فلا وجدنا انفسنا ولا وجدنا لنا وطن.
إن حالنا أجاد وصفه جورج اورويل حين قال ( السياسيون في العالم كالقرود في الغابة، اذا تشاجروا أفسدوا الزرع ، واذا تصالحوا أكلوا المحصول ) وأحق ما قاله الرجل أيضا ( أن الشعب الذي ينتخب سياسيين فاسدين وانتهازيين ولصوص وخونة ليس ضحية بل شريكا )،،
( وما بفسر وأنت ما بتقصر عزيزي القارئ)
وأختمها بمثل عالمي
( *في دولة العميان يكون الأعور ملكا).*

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.