منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ابراهيم عثمان يكتب : *العدو الجاهل (٢ -٢)*

0

ابراهيم عثمان يكتب :

*العدو الجاهل (٢ -٢)*

من بين كل المهووسين بشيطنة الكيزان يبقى الجمهوريون هم الأقل استخداماً للتقية، والأكثر افتقاداً لحساسية التعرف على محاذير الشيطنة وحدودها، الأمر الذي يحول هجاءهم، في بعض الحالات، إلى مديح خالص للكيزان وهجاء لأنفسهم، وإظهار لبعض باطلهم الذي كان يغيب عن كثير من الناس . يحدث هذا بسبب افتراضهم الخاطيء بأن غالبية الناس يفكرون كما يفكر الجمهوريون، ويعتبرون آراء محمود محمد طه مسلمات فوق الجدل، ويتخذونها كمرجعية وكمعيار لمعرفة الحق والباطل ! الأمثلة التي تدلل على هذا كثيرة، أكتفي منها بمثالين من د. النور حمد ود. عمر القراي :

▪️ في أحد مقالاته التي خصصها لانتقاد منع تعاطي الخمور يقول الدكتور النور حمد : ( عاش السودان منذ انهيار الدولة المهدوية في عام 1898 وإلى سبتمبر 1983 حالة من الاستقرار النسبي. ولم يكن هناك أي جدل حول مسألة تعاطي المشروبات الكحولية. لم تحظ هذه القضية بأي اهتمام، لا من المؤسسة الدينية الرسمية، التي كانت تقف على الدوام إلى جانب مختلف السلطات، ولا من الطرق الصوفية، ولا من عامة المواطنين .. ) .. وبعد استرسال مطول عن كثرة تعاطي الخمور في السودان وفي تاريخ الإسلام وصل إلى أن ( موضوع شرب الخمر في الإسلام موضوعٌ جدليٌّ مختلفٌ عليه. تطبيق الشريعة ومنع الخمور قضية جرها إلى دائرة الجدل السياسي، في السودان، تنظيم الإخوان المسلمين، فهي تمثل في نظرهم وسيلةً سهلة الامتطاء، سريعة الإفضاء إلى كرسي السلطة. ) .
▪️ ويقول عمر القراي إن محمود محمد طه كان قد قال للجنة المناهج : ( في مرحلة الإبتدائي ما تعلموا الأطفال أي حاجة عن الإسلام خالص لا تقروهم قرآن لا حديث لا أي شئ ) ثم علق – القراي – بقوله ( بعكس العمل البتعملوا الحكومة في السودان حكومة الإخوان المسلمين ) .

لا شك أن كثيراً من الأسئلة قد غابت عنهما وهما يهجيان الكيزان بهذه الطريقة
▪️كم نسبة الذين يؤمنون بأن الأفكار الجمهورية تصلح أصلاً لشيطنة أي جهة، كيزان أو غيرهم، بعد محاكمتهم بها ؟
▪️ كم نسبة الذين يضيف إليهم تلخيص النور والقراي لموقفي الإسلاميين والجمهوريين من الخمور وتدريس الدين معلومتين سلبيتين عن الكيزان ومعلومتين إيجابيتين عن الجمهوريين ؟
▪️كم نسبة الذين يعتقدون، مع النور حمد، أن إدانته لمن يؤمنون بتحريم الخمور تخص الإسلاميين ولا تشملهم هم أنفسهم ؟
▪️ كم نسبة الذين يرون، مع النور حمد، بأن الوضع كان أفضل في زمن انتشار تعاطي الخمور بلا ( أي جدل ) حول تحليلها أو تحريمها، وبلا ( أي اهتمام ) من المؤسسات الدينية بالأمر ؟
▪️وكم نسبة الذين يتفقون معه على أن ( موضوع شرب الخمر في الإسلام موضوعٌ جدليٌّ مختلفٌ عليه ) ؟
▪️ وكم نسبة الذين يغيب عنهم التناقض بين الزعم بأنه أصلاً ( موضوع جدلي مختلف عليه ) والزعم بأن الكيزان هم الذين ( جروه ) إلى دائرة الجدل، وأنهم أخطأوا بذلك واستحقوا الإدانة ؟
▪️وكم نسبة الذين يتفقون معه على أن المواضيع الجدلية المختلف على حرمته يجب أن يُترَك أمرها للسائد ما دام قد مال إلى تحليلها ؟
▪️وكم نسبة الذين يغيب عنهم التناقض بين الزعم بأن تعاطي الخمور إرث قديم ومستقر واتهام الإسلاميين بطلب السلطة بمعاكسته، متى كانت معاكسة الإرث المستقر طريقاً سهلاً لكسب الجماهيرية ومن ثم السلطة ؟
▪️وكم نسبة الذين يغيب عنهم التناقض بين استخدام النور حمد موقف الكيزان من الشريعة والخمور لشيطنتهم أمام الناس، وتسليمه بأن موقفهم يجلب لهم الشعبية ومن ثم السلطة ؟
▪️ كم نسبة الذين يؤمنون، مع القراي، بأن الوضع المثالي هو ألا يدرس الطلاب في المرحلة الإبتدائية أي شيء عن الإسلام،؟
▪️ وكم نسبة الذين يدعمون خطته القائمة على التدرج وصولاً إلى هذا الوضع المثالي ؟
▪️وكم نسبة الذين صدقوا زعمه بأن الإسلاميين هم الذين أدخلوا الدين إلى المناهج الدراسية في المرحلة الابتدائية، ويتفقون معه بأنهم قد ارتكبوا بذلك ما يدينهم ؟

قناعتي أن متوسط النسب سيكون أقل من نسبة الجمهويين أنفسهم في المجتمع، فلا بد أن يكون من بينهم من لا تغيب عنهم هذه التناقضات ولا يغيب عنهم خطل طريقة النور حمد وعمر القراي في هجاء الإسلاميين .

إبراهيم عثمان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.