منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ابراهيم عثمان يكتب *عن توازن الضعف*

0

ابراهيم عثمان يكتب

*عن توازن الضعف*

▪️ في ٣/ ٦/ ٢٠٢٣ غرد خالد عمر يوسف ( هنالك فرضية ساذجة يروج لها أدعياء الحرب تقول بأن الحرية والتغيير تتبنى موقف لا للحرب لأنها تريد الحفاظ على” توازن ضعف” وتوفير غطاء للدعم السريع من أجل العودة للاتفاق الاطاري!!)
وقبل أيام قال ماهر أبو الجوخ : ( نحن ما عندنا مصلحة في انتصار أي طرف، نحن مصلحتنا إنهاء الحرب بتوازن الضعف )

▪️ السؤال الذي يهرب قادة قحت المركزي من إجابته بنعم صريحة أو بلا صريحة هو سؤال تحالفهم مع الدعم السريع، يمنعهم من نعم الحرج الشديد أمام الشعب، ويمنعهم من لا الخشية الشديدة من غضب المتمردين، والإجابة الوحيدة الصريحة التي تؤخذ من هذه المراوغة هي أن هذا التحالف عارٌ لن يقروا به، وحاجةٌ لن يستغنوا عنها !
▪️يقهم أغلب الشعب السوداني الحرب بأنها نتيجة لمحاولة انقلابية اعترف قائدها منذ اليوم الأول بأنه يريد الاستيلاء على السلطة . ولهذا فإن انتصار الجيش يعني للشعب هزيمة المتمردين ومؤامرتهم، ولا صلة لهزيمتهم بهزيمة الديمقراطية .
▪️ أما قحت المركزي فهي لا تستطيع أن تغطي الحقيقة، وهي أن خشيتها من انتصار الجيش تأتي من يقينها بأن دورها في دعم المتمردين سينعكس عليها سلباً في حال هزيمتهم لا من خشيتها على المدنية والديمقراطية، فلا الدعم السريع هو حامي الديمقراطية، ولا تفضيله لحكم البلاد بواسطة قحت المركزي يأتي من إيمانه بأنها أحزاب ديمقراطية، ولا الشعب غافل عن أنه يفضلها لأنها مطيته المتاحة لتحقيق مطامعه !
▪️ التكتيكي والسطحي والعابر، بل الاضطراري، عند قحت المركزي هو إدانة جرائم المتمردين المستمرة والمتزايدة ، بينما الاستراتيجي والجوهري والعميق والفاعل عندها هو النظر إلى المناطق المستباحة كـ “مناطق سيطرة” تقوي موقف المستبيحين في أي عملية تفاوضية، ومن كان هذا حالهم طبيعي أن يرفضوا هزيمة المتمردين لأنها بمثابة هزيمة للاستراتيجي عندهم !
▪️مقولة إنه لا مصلحة لهم في انتصار “أي طرف” غير صحيحة، والمعني بها الجيش تحديداً، فهم يراهنون على “الانتصارات” الجزئية للمتمردين لتقوي موقفهم في التفاوض، بما فيها من إجرام واستباحة وحرج وسوء سمعة، فما بالكم بالانتصار الكامل النهائي للدعم السريع، الانتصار الذي تتغير به الموازين، ويزول الحرج، ويكثر الانتهازيين الملتحقين بالمنتصر، ويكون قادة قحت “أهل السبق” الذين لا يخالط ولاءهم للدعم السريع شبهة التحاق متأخر بلا خدمات وقت العسرة !
▪️ الحفاظ على “التوازن” يعني رفض هزيمة الدعم السريع، وهذا يعني حتماً الترحيب بكل ما يساعده في منع أو تصعيب الهزيمة : تحقيقه لانتصارات عسكرية تسهم في إضعاف الجيش، المدد الذي يأتيه من الخارج، دور المرتزقة الأجانب، نجاح خطة التدرع بالمدنيين، إفشال استنفار الجيش، اتهامه بالعمل ضد الديمقراطية .. إلخ . فمن يضعون هدفاً استراتيجياً يتمثل في منع انتصار الجيش لا يسهل تصور رفضهم لكل أو معظم الوسائل التي تحقق هذا المنع . هذه الحقيقة ليست صحيحة نظريا ومنطقياً فقط، بل أيضاً ثبتت صحتها عملياً عن طريق مواقف قحت المركزي .
▪️توازن الضعف وعدم انتصار الجيش يعني أن يتوازن الأمن والنظام مع الفوضى والاستباحة والإجرام، ويعني عدم إمكانية الحفاظ على دولة قوية مستقلة ذات سيادة ما دام حارسها ضعيف يسهل ابتزازه ولي ذراعه ! والديمقراطية التي تأتي من توازن كهذا لا شك ستكون ديمقراطية مزيفة مبنية على الابتزاز . إذ لا توجد طريقة شريفة تترجم الإجرام والاستباحة والحرب على المدنيين إلى ديمقراطية حقيقية !
▪️ لا يمكن اتهام ماهر أبو الجوخ بالتجني على قحت المركزي، ولا بالجهل بحقيقة مواقفها، ولهذا فإنه، في جزئية توازن الضعف، أصدق تعبيراً عن حقيقة مواقفها من خالد عمر .
▪️ المفارقة أن تجريب مختلف الحيل للدفاع عن قوات الدعم السريع كان قد قاد محمد الفكي سليمان لتجربة الدفاع عنها بحجة إنها عنصر “قوة” للجيش لا غنى عنه، ولهذا فإنهم يعتبرون الحديث عن تدميرها ( حديث غير مسؤول، ونحن “بصفتنا السياسية والقيادية لهذا الوطن” لا نسمح به ) !
▪️خالد عمر نفسه كان قد غرد في ٣٠/ ٤/ ٢٠٢٣ محذراً من عواقب ( فرض ميزان قوى عسكري جديد )، وهذه صياغة مختلفة لمقولة “توازن الضعف” الذي يبقي الدعم السريع كطرف مقابل للجيش يخصم من قوته، ولا يضيف إليها كما يقول اسمه وقانونه وسبب إنشائه، وكما تقول حيلة محمد الفكي !
▪️أما تعجب خالد عمر من الحديث عن توفيرهم لغطاء للمتمردين فهو أمر عجيب، لأنهم منذ بداية التمرد قد فعلوا كل الممكن لتوفير هذا الغطاء، لكن الذي حدث فعلاً هو أنهم تعروا ولم يوفروا الغطاء للمتمردين، لأن الحرب على المدنيين أكبر من أن تُغطَّى خاصةً بواسطة أحزاب ضعيفة الرصيد الجماهيري والسياسي .
▪️أما العودة للإطاري ببندقية الدعم السريع، فهي ليست “فرضية ساذجة” يروج لها خصوم قحت، فإعلان أديس أبابا قد حمل عناوين الإطاري، وهذا استقواء واضح ببندقية المتمردين جعل حزب الأمة القومي يتحفظ عليه وإن كان على استحياء، فالدعم السريع عند قحت المركزي هو الحليف الذي تصرح بأنها ستنهمش بهزيمته، ولا يُتصَوَّر أنها تعتقد أنها ستنهمش أيضاً بانتصاره ! .
▪️ تُرَى ما مقدار الغيبوبة التي تعتقد قحت المركزي أنها متوفرة عند الشعب، وأنها كافية للتغطية على تحالف متين واضح المعالم، يهندس طرفاه مواقفهما للحفاظ عليه ؟

إبراهيم عثمان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.