منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. السر احمد سليمان يكتب: *لماذا الحض على طعام المسكين؟*

السر احمد سليمان
0

وردت كلمة الحض في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع فقط، وبالصيغ الفعلية (يحض، يحض، تحاضون). والحض في اللغة يعني الحث والتحريض على الفعل، وفي مجال العلوم النفسية والاجتماعية يدل الحض على التوجيه والإرشاد الموجه للآخرين لحثهم على الفعل، ويتم ذلك باستخدام كل ما يمكن تطبيقه من أدوات الإرشاد وفنياته، واستخدام فنيات الاتصال والتواصل الاجتماعي من أجل القيام بالمهمة التي يتم الحض عليها.

ولكن اللافت للنظر أنّ الحض ورد في القرآن الكريم في المواضع الثلاث مرتبطا بطعام المسكين، قال الله عزّ وجلّ: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين}[الحاقة:34]. وقال الله عزّ وجلّ: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين}[الماعون:3]. وقال الله عزّ وجلّ: {وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين}[الفجر:18].
وقد جاءت هذه الآيات منبهة على خطورة عقوبات ومآلات الذين لا يحضون على طعام المسكين، وهي مآلات شديدة الصعوبة، قال الله عزّ وجلّ في سورة الحاقة:
{خُذُوهُ فَغُلُّوه (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوه (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوه (32) إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيم (33) وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيم (35) وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِين (36)}.
فإذا كان عدم الحض على طعام المسكين مع عدم الإيمان بالله العظيم يستحق صاحبه هذه العقوبات، فما بالك بعدم الإطعام نفسه؟

والسؤال كيف يمكن أن تنمو لدى الإنسان دافعية الحض على إطعام المسكين وسلوك الإطعام؟
أرى أنه يمكن الاستفادة من تلك الآيات نفسها ومن سياقاتها في الإجابة عن هذا التساؤل وتقديم الموجهات التالية لتنمية دافعية الحض على إطعام المسكين وتنمية سلوك إطعام المساكين وذلك كما يلي:

1. تعظيم الله سبحانه وتعالى وتعليم الإيمان بصورة تؤدي لإدراك عظمة الله سبحانه وتعالى.

2. تعليم الدين كممارسة سلوكية وعملية من خلال التدريب عليها في الأسرة والمؤسسات التعليمية والاجتماعية، والتأكيد على أنّ المصداقية في التدين تتم من خلال تقبل اليتامي والحض على طعام المساكين؛ وذلك بناء على قوله سبحانه وتعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين}[الماعون: 1- 3].

3. تفعيل النشاطات المجتمعية والجمعيات والروابط التي تقوم بالخدمة الاجتماعية في مجال الحض على طعام المساكين، ومما يؤكد ذلك أنّ إحدى الآيات التي ورد فيها الحض على طعام المسكين جاءت مخاطبة الجماعة ومفردة المسكين، مما يدل على أهمية التعاون الجماعي في القيام بالمهمة ولو كانت تلك الخدمة مقدمة لمسكين واحد، فكيف إذا كان هناك مساكين كثر؟ قال الله سبحانه وتعالى: {كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيم * وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين}[الفجر:17 – 18].

4. تعزيز دافعية الإطعام من خلال عرض الثواب المترتب على ذلك مما تمّ ذكره في الآيات القرآنية نفسها ومن القصص الواقعي من خلال مآلات الذين يحضون والذين يطعمون المساكين.

5. علاج الذين لا يحضون على إطعام المساكين سلوكيا من خلال عمليات الكف والانطفاء بذكر العقوبات والمآلات المتعلقة بعدم الحض على الإطعام.

والله أعلم

د. السر أحمد سليمان

أستاذ علم النفس بجامعة حائل
السعودية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.