منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

م.صلاح غريبة يكتب: *مشروع وطني يضيء درب المستقبل في القاهرة*

0

شئ للوطن
تحليل معمّق ومناقشة شاملة
يواجه الوطن منذُ عقودٍ طويلةً تحدّياتٍ جمةً سياسيةً واقتصاديةً واجتماعيةً، زادَت حدّتها عقب تمرد مليشيات الدعم السريع المحلول، و حرب القوات المسلحة ضد الانتهاكات والخروقات اللا أخلاقية.
ولكنْ، برزَ بصيصُ أملٍ جديدٍ مع توقيعِ 48 حزباً وتكتلاً سياسياً على ميثاقِ “المشروعِ الوطنيّ السودانيّ” في القاهرة الأربعاء الماضي، يُمثّلُ هذا الميثاقُ خارطةَ طريقٍ سياسيةً مُفصلةً لمرحلةِ ما بعد الحرب، ببروز نقاطٌ مضيئةٌ، تمثلت في التأكيد على ضرورةِ فترةٍ انتقاليةٍ تُدارُ من قبلِ حكومةِ كفاءاتٍ ونُخبٍ وطنيةٍ تُشرفُ على كتابةِ دستورٍ جديدٍ وإجراءِ انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهةٍ، وتشكيلَ لجنةٍ من حكماءِ السودان لاختيارِ رئيسِ الوزراءِ بعدَ انعقادِ مؤتمرِ الحوارِ الوطنيّ الذي يضمّ ممثلين عن كافةِ فئاتِ المجتمعِ، والتركيز على معالجةِ الاختلالاتِ الأمنيةِ ومحاربةِ الفسادِ وضمانِ سيادةِ القانونِ وتحقيقِ العدالةِ الانتقاليةِ، والمطالبة بمصادرةِ شركاتِ ميليشيا الدعمِ السريعِ المتمردةِ وضمّها لوزارةِ الماليةِ، ومنعِ تدخلِها في السياسةِ أو الاقتصادِ، والتأكيد على مواصلةِ الجهودِ في مفاوضاتِ جدةَ لتحقيقِ وقفٍ دائمٍ لإطلاقِ النارِ وتوصيلِ المساعداتِ الإنسانيةِ وتوافقٍ عادلٍ على تمثيلِ جميعِ السودانيين في الحكومةِ.
يدعو الميثاقُ إلى تبنّي مشروعٍ وطنيٍّ جامعٍ يجمعُ عليه كافةُ القوى الوطنيةِ السودانيةِ ويُمثّلُ تطلعاتِ الشعبِ في الحريةِ والديمقراطيةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ، والمناشدة على تأسيسَ نظامٍ فيدراليٍّ في السودانِ يُتيحُ المزيدَ من الحكمِ الذاتيّ للمناطقِ المختلفةِ ويُعزّزُ الوحدةَ الوطنيةَ، والتركيزعلى تعزيزِ السلمِ الاجتماعيّ في إقليمِ دارفورَ وعلاجِ جذورِ الصراعِ المُسلّحِ من خلالِ حوارٍ شاملٍ ومشاركةٍ فعّالةٍ من أهالي الإقليمِ، والتأكيد على ضرورةِ إشراكِ الشبابِ في بناءِ الوطنِ وتحقيقِ السلامِ الشاملِ وتوفيرِ فرصٍ لهم للمشاركةِ في الحياةِ السياسيةِ والاقتصاديةِ.
يُمثّلُ توقيعُ ميثاقِ المشروعِ الوطنيّ السودانيّ خطوةً مُهمّةً في اتّجاهِ توحيدِ القوى السياسيةِ السودانيةِ وتحديدِ مسارٍ واضحٍ للمرحلةِ القادمةِ، ولكن أرى أن بعض التحديات ستواجهه ومنها على المسار التوافق الداخلي، ستواجه القوى السياسية صعوبة في التوافق على تفاصيل الميثاق، خاصةً مع اختلاف رؤيتهم لأولويات المرحلة القادمة واستراتيجيات تحقيقها، ويتضح من الحضور أن الميثاق لا يمثل جميع الفئات والمكونات الاجتماعية في السودان، مما قد يُثير شعورًا بالتهميش بين بعض الجهات.
في مسار السياق السياسي، تُعاني العلاقات بين بعض القوى السياسية انعدام الثقة بينها، مما قد يُعيق عملية التنسيق والعمل المشترك.
وفي مسار التدخلات الخارجية، ستواجه الجهود المبذولة لتوحيد الصف السوداني ضغوطًا وتدخلات من جهات خارجية تسعى لمصالحها الخاصة.
أما عن التحديات العملية على أرض الواقع فتتمثل في نقص الموارد، وستواجه القوى السياسية صعوبة في توفير الموارد اللازمة لتنفيذ بنود الميثاق وتحقيق أهدافه على أرض الواقع.
وفي مسار الآليات التنفيذية، تحتاج عملية تنفيذ الميثاق إلى آليات واضحة وفعالة لضمان التزام جميع الأطراف ببنوده ومتابعة التقدم المحرز.
تحديات الواقع واضحة في صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في السودان، وبالتالي تعثر قدرة القوى السياسية على تحقيق أهداف الميثاق وتحسين حياة المواطنين.
تشكل النزاعات القبلية في بعض مناطق السودان عقبة أمام تحقيق الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي المنشود في الميثاق.
مع ذلك، تُمثل إرادة التغيير والوحدة لدى الشعب السوداني دافعًا قويًا لتجاوز هذه التحديات وتحقيق أهداف ميثاق المشروع الوطني، من خلال أن تعمل جميع القوى السياسية السودانية بجدٍ وتعاونٍ لتجاوز هذه التحديات وتحقيق تطلعات الشعب في الوحدة والحرية والديمقراطية، وإعمار الوطن بعد وقف الحرب.
…..

#منصة_اشواق_السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.