الصادق ساتي يكتب: *إستمتع بالرحلة*
من ألطف الأقوال المشهورة (إستمتع بالرحلة ، لا تنتظر محطة الوصول)
▪️أغلبنا ينتظر ويترقب أن تنجلي الحرب ، وتخرج الجنجويد وألفاظهم الممجوجة القبيحة عن حياتنا، ونعود لديارنا نعمرها من جديد، وننشد النشيد، ونطرب للتغريد، بعد فناء الجنجويد بأخلاقهم الصديد.
▪️أذكر نفسي والأمة السودانية الوطنية الحرّة بأن يستمتعوا بالحال الذي هم عليه مهما كان سيئا في ظننا، فلا نزيده سوءا بحالة الإنتظار، الأعمار تمضي، والأيام يتقلب ليلها ونهارها خصما على العمر لا تنتظر كما ننتظر نحن .
▪️الله تعالى قال في كتابه ﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِی كَبَدٍ﴾ [البلد ٤]
الإنسان في كبد حتى من يعيش في القصور وينام على الحرير ويشرب لبن العصفور.
والدنيا هي في الأصل دار إمتحان
﴿كُلُّ نَفۡسࣲ ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَیۡرِ فِتۡنَةࣰۖ وَإِلَیۡنَا تُرۡجَعُونَ﴾ [الأنبياء ٣٥]
﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِینَ وَنَبۡلُوَا۟ أَخۡبَارَكُمۡ﴾ [محمد ٣١]
▪️الدنيا دار إمتحان لنا، كيف يكون الإمتحان؟ ومتي ينتهي؟ وكيف ينتهي؟
كل ذلك من أمر الله، قد نعيش ونحضر عودة البلاد للأمن والإستقرار، وقد تنتهي أيامنا ونحن نعيش في هذه الحالة التي نظنها طارئة، وهي ليست بطارئة بل قدر الله لنا ولأعمارنا ولبيئة حياتنا.
▪️نبي الله نوحا عليه السلام عاش ما يقارب الالف سنة يدعوا قوَمه للإيمان
﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَلَبِثَ فِیهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمۡسِینَ عَامࣰا فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمۡ ظَـٰلِمُونَ﴾ [العنكبوت ١٤]
والنتيجة أنه لم تسعفه السنين الطويلة التي عاشها يدعوا قومه بهمة ونشاط ،لم تسعفه أن يشهد التغير فيهم.
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّی دَعَوۡتُ قَوۡمِی لَیۡلࣰا وَنَهَارࣰا﴾ [نوح ٥]
﴿فَلَمۡ یَزِدۡهُمۡ دُعَاۤءِیۤ إِلَّا فِرَارࣰا﴾ [نوح ٦]
﴿وَإِنِّی كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوۤا۟ أَصَـٰبِعَهُمۡ فِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡا۟ ثِیَابَهُمۡ وَأَصَرُّوا۟ وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ ٱسۡتِكۡبَارࣰا﴾ [نوح ٧]
﴿ثُمَّ إِنِّی دَعَوۡتُهُمۡ جِهَارࣰا﴾ [نوح ٨]
﴿ثُمَّ إِنِّیۤ أَعۡلَنتُ لَهُمۡ وَأَسۡرَرۡتُ لَهُمۡ إِسۡرَارࣰا﴾ [نوح ٩]
جهد جهيد من سيدنا نوح عليه السلام ليصل إلى الغاية والنتيجة الطيبة بدخول قومه للإيمان بالله وعبادة الله وحده،
ولكن…….
النتيجة كانت
﴿وَقَالَ نُوحࣱ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ دَیَّارًا﴾ [نوح ٢٦]
﴿إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ یُضِلُّوا۟ عِبَادَكَ وَلَا یَلِدُوۤا۟ إِلَّا فَاجِرࣰا كَفَّارࣰا﴾ [نوح ٢٧]
فهل فشل سيدنا نوح عليه السلام في تبليغ الرسالة؟
حاشا وكلّا
بل نجح نجاحا عظيما فكان بجده وصبره على الدعوة سنين طويلة كان من أولى العزم من الرسل
﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡۚ كَأَنَّهُمۡ یَوۡمَ یَرَوۡنَ مَا یُوعَدُونَ لَمۡ یَلۡبَثُوۤا۟ إِلَّا سَاعَةࣰ مِّن نَّهَارِۭۚ بَلَـٰغࣱۚ فَهَلۡ یُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ﴾ [الأحقاف ٣٥]
أعلى البشر درجة عند الله هم أولوا العزم من الرسل، وسيدنا نوح عليه السلام منهم.
ومن هنا ندرك أن محطة الوصول التي ننشدها ليست الأمن والاستقرار والسلام والعودة للديار في الخرطوم والجزيرة، بل هي جدنا وكسبنا وتحصيلنا في أعمارنا ونحن نحياها كما قدّر الله أن نعيشها
*(إستمتع بالرحلة)*
▪️وفتية الكهف يئسوا من صلاح قوَهم ففروا بدينهم يتبعهم من متاع الدنيا كلبهم فقط .
فأحدث الله التغير في قومهم دون أن يبذل فتية الكهف أي جهد في ذلك
وأكرمهم الله لصدق إيمانهم أكرمهم برضاه والجنة
﴿وَلَبِثُوا۟ فِی كَهۡفِهِمۡ ثَلَـٰثَ مِا۟ئَةࣲ سِنِینَ وَٱزۡدَادُوا۟ تِسۡعࣰا﴾ [الكهف ٢٥]
ثم عادوا من نومهم يشهدوا التغير في قومهم ويعلموا أن بيئة الإمتحان للبشر هي من صنع الله وقدر الله، وأن على البشر فقط إحسان التحصيل في أعمارهم حتى ينالوا قبول الله ورضاه.
﴿وَكَذَ ٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَیۡهِمۡ لِیَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَیۡبَ فِیهَاۤ إِذۡ یَتَنَـٰزَعُونَ بَیۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُوا۟ ٱبۡنُوا۟ عَلَیۡهِم بُنۡیَـٰنࣰاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِینَ غَلَبُوا۟ عَلَىٰۤ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیۡهِم مَّسۡجِدࣰا﴾ [الكهف ٢١]
*(إستمتع بالرحلة)*
▪️والرجل الصالح من بني إسرائيل عزير رضي الله عنه يشهد فناء مدينة، وديار مهدومة ، وجثث ملقية في الطرقات فيقول
﴿أَوۡ كَٱلَّذِی مَرَّ عَلَىٰ قَرۡیَةࣲ وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِا۟ئَةَ عَامࣲ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ یَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ یَوۡمࣲۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِا۟ئَةَ عَامࣲ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ یَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَیۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمࣰاۚ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [البقرة ٢٥٩]
الرسالة…..
أن التغير في الأحوال من أمر الله تعالى يقدره متى شاء وكيف يشاء،
فقط علينا أن نجتهد في التحصيل في أعمارنا التي نحياها كيف شاء الله، طالت بأمر الله أو قصرت.
*(إستمتع بالرحلة)*
*يا معين*
…..
#منصة_اشواق_السودان