نبض القلم
كثير من الناس قضى معظم شبابه في التحصيل و العلم و العمل و الترقي في الوظائف ثم رفع رأسه فجأة فوجد نفسه فوق الأربعين أو الخمسين من العمر و قد فاته الكثير المثير في عالم الفكر و الأدب و الفن و السياسية و حتى الرياضة ..
خلع نظارته و مسح على زجاجها بالمنديل مرتين او ثلاثا و قام بتركيب سماعة الأذن فسمع الناس يتحدثون عن أمور غريبة و مصطلحات أغرب لا يفهمها مثل النضال السلمي و التحول الديمقراطي و الحكم الشمولي و الدولة المدنية و غيرها فدارت به الأرض أحس أن الكثير جدا قد فاته و أنه قد حرم نفسه من زوايا و مجالات أخرى مهمة في الحياة و انه سيتحول إلى جاهل في نظر الآخرين إن لم يتدارك نفسه فماذا يفعل…؟؟؟؟؟…؟؟
قرر صاحبنا الآتي :
١/ أن يساير الموضة و يقول مثل ما يقول الناس .
٢/ أن يكون له ورد يومي من الإطلاع في النت للتنور و البحث عن معاني بعض المصطلحات السياسية ..
المشكلة ان صاحبنا مستجد سياسية و لذلك يصدق اول نتيجة بحث أعطاها له محرك قوقل .. و لا يعيد الفحص في معمل آخر معروف بالجودة لأنه ( طبيب امتياز أو طالب طب سياسي) .. !!!
النتيجة :
أصبح صاحبنا مثل من تعلم ركوب العجلة( الدراجة) بعد سن الخمسين ..مظهره يدعو للرثاء و تصرفاته خرقاء مضحكة و يهبل بنفسه… يستخدم مصطلحات سياسية لا يعرف معناها .. و المضحك أكثر .. يغالط في *حقائق تاريخية معروفة للجميع*.. مثلا كون حكومة البشير هي من أسس الدعم السريع هذه *حقيقة تاريخية* مثبتة و القرار كان معلن رسميا في التلفاز و قانون الدعم السريع أجيز رسميا في البرلمان.. يأتي صاحبنا ليقول أن حكومة البشير لم تؤسس الدعم السريع مثلا أو أن النميري لم يقم بتأميم الشركات الأجنبية الكبرى ولم يحل الأندية بقرار الرياضة الجماهيرية أو أن حكومة قحت لم تقم بتوقيع الوثيقة الدستورية مع المجلس العسكري و بعدها تم تعيين البرهان رئيسا لمجلس السيادة و حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة..و هكذا ..
كل القرارات الفعاليات أعلاه كانت معلنة عبر الفضائيات و شاهدها العالم كله عبر الشاشات البلورية..
يأتي صاحبنا الذي تعلم ركوب العجلة بعد الخمسين ليقول لك أن البشير أو النميري أو حكومة قحت لم تفعل كذا و كذا و عندما تبدي دهشتك لأن هذا تاريخ قريب شهدناه كلنا يقوم بوصفك بأحد الإستيكرات الجاهزة لديه التي حفظها من (علف) الفيسبوك ( انت طابور خامس – انت قحاطي – انت كوز – انت دعامي – انت خاين عميل – انت ضد الثورة و التحول الديمقراطي. الخ)..
على وزن فروقات نوم .. هذا الشخص يشعر ب ( فروقات نضال ) و يحاول أن يدرك او يتدارك ما فاته أيام الجامعة و الشباب ناسيا احكام السن و العمر و ناسيا أن ممارسة السياسة شيء و النقاش و التنظير حولها من بعيد شيء آخر .. و متناسيا قول الشاعر :
*إذا المرء أعيته المروءة ناشئا ..*
*فمطلبها كهلا عليه عسير.. !!*
اذا صادفت أحد هؤلاء فلا تسترسل معه في النقاش و خذه على قدر عقله و حاول ألا تخسره .. أما لو أصر فيمكنك أن تجيب عليه بنكتة أو اغنية ✋✋✋.. ولو أصر للمرة الثالثة فعليك بأسلوب الهزل و الدعابة و سيتجنب نقاشك بعدها . …
سألني احد هؤلاء في قروب الدفعة و كان نائما لخمسة و ثلاثين عاما.. و لم يصحو إلا بعد سقوط ود مدني و نهب منزله و نزوح أسرته لإحدى الولايات الآمنة و هو في ديار الغربة .. سألني قبل فترة في القروب ( على الملأ يعني ) :
_ انت البرهان اول ما طلع من حصار القيادة ما زار مدني ليه ..؟؟
قلت ليهو :
-أسأل مدير مكتبو..
-انا بسالك انت..
-ما عارف..
-لا لازم تعرف انت مش مؤيد للجيش.
-ايوة مؤيد للجيش لكن ما مدير مكتب البرهان.
-طيب من تحليلاتك يكون السبب شنو؟
-السبب في شنو ؟
-في إنو البرهان ما زار مدني من ما طلع من القيادة لحدي ما سقطت.
-داير رايي؟
-ايوة
-لأنو مدني ما فيها ست شاي اسمها ملاك يشرب عندها قهوة و لقيمات
انتهى الجزء الأول من الحوار..و ظننت أنني تخلصت منه..
و لكن ..
انتو قايلينو خلاني ..
بعد شوية دور تاني
هو : -مدني مليانة ستات شاي و وقريب جمب قيادة الفرقة هم العساكر عندهم شنو غير شراب القهوة..
انا : -لكن البرهان بشرب قهوة ملاك بس.
-طيب دا البرهان عرفناهو .. الباقين مالهم ما جوا مدني ناس كباشي و العطا .. ؟
-ديل ما بشربوا قهوة باللقيمات .. ديل ناس شاي و شيريا( كركديه ) ساااي ..
أخيرا فهم صاحبنا الرسالة و ختم هذا النقاش الظريف و المعاط و الممل و الطريف في نفس الوقت بالعبارة التالية :
-انت بتتكلم معاي بي فوقية و استاذية و استخفاف تاني ما بناقشك…
قلت له في سري :
#وهو_المطلوب_إثباته
✋✋✋✋
#مراهقة_سياسية
#فروقات_نضال
#سنة_أولى_سياسة
#ستموت_في_الستين
…..
#منصة_اشواق_السودان
