منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

عارف عبدالله يكتب : كيلو سكر و دعوة مستجابة… تنقذ المدرعات و المهندسين

0

عارف عبدالله يكتب :

كيلو سكر و دعوة مستجابة… تنقذ المدرعات و المهندسين

في فترة من فترات المدرعات التي أشتد فيها الضيق وبلغ فيها الرقاب ، وكنت مسؤول الإمداد في تلك الفترة ،جاءتني إمرأة كبيرة في السن تنشدُ ” سكراً ” ومن شدت ما رأيت فيها من تعب و إنكسار لم أرد أن أردها خالية الوفاض ، دخلت بسرعة و بدأت أبحث لها عن طلبها ، بعد برهة من الوقت أتيت لها بسكر لا يشفي علة ولا ينقع قُلة وكنا أشد حوجة ولكن قلت في نفسي: عسى أن يكرمنا الله بسببها ، فمددته لها وسألتها الدعاء الدعاء ، ففاض السيل من عينها يجري ورفعت يديها ودعت لنا بدعوات أقشعر بدني بها ، ومضت في سبيلها ،و عدت في حيرتي الأولى ماذا أقدّم لإخواني.

بعد يومين جاءني أحد عيوني في المنطقة وقال لي بأن هناك موقع يظن بأن فيه بعض من المواد ، وكنت جلوساً مع الشهيد النيمة وأمير المجاهدين صدام محمد كركون حفظه الله نفكر في حل للأزمة ، فقلت لهم بأنني سأذهب معه إلى الموقع ، فخرجت ننشد المكان .
وصلنا إلى الموقع وقلت لهم نفتح على بركة الله ، فدخل في الأول أحد أفرادي في الإمداد و أنتظرته في الخارج ، لم يمر وقت طويل حتى جاءنا راكضاً مبشراً لنا ، فسألته ماذا وجدت ؟! فقال لي أدخل و أنظر بنفسك ، دخلت إلى الموقع وذهبت مكان ذهب فيه عقله ، فرأيت صفوفاً من جوالات السكر ٥٠ كيلو يفوق عددها السبعين جوال بجانبها صفوف من جوالات الدقيق و الزيت و مواد أخرى ، في تلك اللحظة فرحتي الداخلية فاقت فرحة الأعرابي الذي ضاعت راحلته في الصحراء فلما أعياه التعب و أيقن بالهلاك ؛نام تحت ظل شجرة فلما كان أن عاد إلى الحياة إذ براحلته جاثية على ركبتيها بالقرب منه ، فقلت لهم أبقوا مكانكم هنا سأذهب و أعود سريعاً ، و أنطلقت لأبشرهم بما وجدنا ، فكان أول من إلتقيت به عند الباب شيخ صدام فقلت له بفرحة غامرة ” أبشر يا شيخ صدام” فقال لي ” لقيتوا حاجة ؟!” وبعدها دخلت للشيخ الشهيد النيمة مبشراً له ،ومن شدت فرحته قام على طوله تاركاً كل شئ وذهبنا ثلاثتنا إلى الموقع ،فرأى بعينه ما رأيت ،فقال لنا جميعاً أبقوا مكانكم سأعود سريعاً، ضحكت في سري هنا ولعلَّ المتابع بدقة سيعرف سبب تلك الضحكة، و أنطلق هو و شيخ صدام ليبشروا السيد القائد نصر الدين عبد الفتاح وبقينا أنا و دكتور المعز و البقية نحصر في المواد الموجودة.

من مآثر الشهيد #النيمة في هذا الموقف ، أنه عندما وجدنا رقم هاتف صاحب البضاعة وقمنا بأرسال ورقة مسجل بها كمية المواد الموجودة على أن يعطينا سعرها ، فقلت للنيمة بأن هذه البضاعة في موقع عمليات لما لا نقول له نأخذها بنصف القيمة؟! ، فقال لي : هذا تعب عمره تركه هنا ولعله الآن في ظرف صعب ويحتاج إلى المال و هذا الفعل سيشعره بأننا نبتزه و وهو سيوافق لكن لن يكون راضياً بالأمر ، ونحن لا نريد أن يأكل مجاهدينا شئ فيه حُرمة ، فما كان منا إلا أن أرسلنا المبلغ كاملاً إلى صاحب البضاعة.

كيلو من السكر منحنا دعوة صادقة لم يكن بينها وبين الله حاجز ، جاءت بالخير على منطقة الشجرة العسكرية و أمتد الخير إلى سلاح المهندسين.

في هذا الموقف أستشعرت عظمة الجبار و أيقنت تماماً بحقيقة الحياة المبنية على مساعدة الآخرين ولما كان النبي يحثنا على صنائع المعروف ، وعندما يشتد يقين الشخص بأن الخزائن كلها بيد الله و أنه قادر على كل شئ وأن ما عند الله خير مما في يده ؛ يأتيه لطف الله الخفي من حيث لا يحتسب ليمسح الدموع من عينيه و يزيل الهم عن قلبه.

#المدرعات سلاح الفرسان و عرين الأبطال

️ عارف عبدالله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.