كتاب ( نجوم وكواكب ) لصلاح التوم من الله ( ١ )
*ليس لها نظير – ليلى المغربي*
نجمة الاذاعة الأولى على مر التاريخ ليلى المغربي اشراقة الصباح ورونق الصبح البديع وبهاء المساء كانت سيدة المايكرفون السوداني الأولى دون منازع وتخطى مجال تخصصها الاذاعة الى التلفزيون والاعلام عامة والعلاقات العامة والادارة وبرزت كناشطة ثقافية واجتماعية وسياسية واصبح اسمها وحده يكفي للدلالة على امرأة مرموقة ليس لها نظير وقلما يجود بها الزمان ..
* والدتها مصرية :
نشأت ليلى المغربي في اسرة مبدعة جدتها زينب عمر السنوسي العمرابية شاعرة مجيدة وعمها مبارك المغربي شاعر معروف واخواتها احسان برامجية وسهام شاعرة ومذيعة وسنية درامية وهيام مذيعة .. والدة ليلى المغربي حجية متولي ابراهيم مصرية ووالدها محمود صالح المغربي سوداني من جذور مغربية انجبت كل هذه النخب المتأصلة والحديثة المبدعة بامتياز ليلى المغربي ..
ولدت ليلى في العرضة ودرست بامدرمان كل المراحل حتى جامعة الاحفاد ثم جامعة الخرطوم و دراسات عليا .. تخصصت في علم النفس وهذا ما قربها الى نفس المتلقي فهي ليست مجرد صوت جميل فقط ..
* مديرة علاقات عامة
اكتسبت ليلى المغربي العمل الاذاعي بالموهبة والخبرة تدرجت من برنامج الاطفال الى جميع اقسام الاذاعة والتلفزيون وارتقت الى وظيفة مديرة العلاقات العامة والدولية للاذاعة السودانية وشاركت في دورات اذاعية في بريطانيا ، أمريكا ، المانيا الغربية ، فرنسا وتمت استضافتها في محطات الشرق الأوسط ..
بدأت شهرتها في الستينات بتقديم برنامج (اشراقة الصباح) الاذاعي مع حمدي بولاد مكتشفها وكان الناس لا تخرج في الصباح من المنازل الا بعد الاستماع الى ليلى المغربي في هذا البرنامج وهو البرنامج الوحيد الذي تم انتاجه في أشرطة كاسيت لتلبية طلبات المستمعين خاصة في دول المهجر وليلى أول من سجل برامج في كاسيت للاسواق العربية حيث ان هذا كان مقتصراً على الغناء والمسرحيات الفكاهية ..
قرأت ليلى الاخبار فكان لصوتها المميز اثر على السامعين وادارت الحوارات بمهنية عالية وثقافة واسعة وكتبت ليلى الشعر مثل باقي اسرتها فاجادت وابدعت ولها قصيدة اهداها عام ۱۹۹۰م قائد الثورة آنذاك عمر البشير الى مدير اليونسيف بعد ترجمتها الى الانجليزية لتكون آخر شعارات منظمة الطفولة في ذلك الوقت حدث ذلك في زيارة البشير لنيويورك لحضور مؤتمر القمة العالمي لحماية الطفولة وكانت ليلى المغربي
ضمن الوفد الاعلامي ..
* مذيعة عالمية
تحدث حمدي بولاد عن بدايات ليلى المغربي فقال :
عرفت لیلی المغربي منذ أوائل الستينات كانت في الخامسة عشرة من عمرها تحضر الى الاذاعة مع شقيقتيها سهام واحسان اللتين كانتا تتعاونان في مجال البرامج وبدات بالاشتراك في التمثيل والقراءة لبرامج الاطفال .. سمعت صوتها فشدني ووجدت فيه عنصرا جيدا لبرنامجي الصباحي ووجدت نفسها فيه ..
يضيف بولاد في مقال بمجلة (فضاءات دولية) يوليو ۱۹۹۹م ليلى المغربي فريدة في شخصيتها الاذاعية فكم من المذيعات حاولن تقليدها والوصول الى مكانتها لكنهن فشلن ليلى تحب ان تقرأ وتنفرد بقراءة مادة الدعوة الدينية التي كنا نبثها خلال البرنامج وكانت لا تدخل الاستديو للتسجيل الا وهي متوضئة وتصر على اداء صلاة المغرب قبل التسجيل الذي يبدأ بعد السادسة مساءً .. ويواصل حمدي بولاد حديثه عن ليلى المغربي قائلا : حدثتني يوما انها رأت نفسها في المنام في ملابس الاحرام تطير فوق اشجار الجنوب تدعو للدين الاسلامي وكانت دائما تردد انها تحلم باليوم الذي تحج فيه وتمسك باستار الكعبة وتزور قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وكان المقابل المادي تعطيه لبعض العاملين في الاذاعة ..
وتطور اداء ليلى لتصبح مذيعة عالمية وظهرت في التلفزيون اكثر بهاء وقدرة فعشق الناس طريقتها في تقديم البرامج التلفزيونية وظهرت كمذيعة مقتدرة في لندن ومونت كارلو وتلفزيون قطر وابو ظبي لكنها رفضت العمل خارج السودان ..
* رغبة في التفوق
ليلي المغربي ليست مجرد مذيعة مع احترامنا الشديد للعمل الاذاعي – بل كان لها دور واضح واسهام كبير في العمل العام ووضعت بصماتها في المشهد السياسي في المؤتمرات والمشاركة في حوار الاديان وكانت عضوا في جولات التفاوض في ابوجا وكينيا واديس ابابا وشاركت بفعالية في قطاع الاعلام ونفرات الجهاد ومشروع جبل الذهب وزاد المجاهد ومثلث المرأة في المؤتمرات الخارجية عبر مجلس الصداقة الشعبية واتحاد المرأة ..
قال البروف صلاح الدين الفاضل عن ليلى المغربي: رأيت وعايشت الكم الهائل من الاذاعيين منذ الستينات ولكن ليلى لون وطعم ومذاق خاص يسندها صوت رفيع الاداء وثقافة متكاملة الجوانب ورغبة ملحاحة في التفوق الدائم وشد المستمع والمشاهد ..
قال عنها الشاعر سعد الدين ابراهیم : لیلی قارورة عطر كانت حبيبة تقرأ الشعر وتجمل زي الكشافة بارتدائه وهي صغيرة السن .. بعد نظرها جعل وجهة نظرها تطابق وجهة نظر الدكتور الحبر يوسف نور الدائم ..
* يارب ده كمان
كتب سعد الدين ابراهيم شعرا في لیلی المغربي في تلك الازمان قال فيها :
الموجة الكم
في ياتو زمان
في ياتو مكان
الصوت بهيج
يارب ده كمان
ولا صوت انسان
ولا عصفور جنة
مرسل من طرف الفردوس
يمسح آهاتنا ويروينا
ويرسم في عمرنا المهووس
لوحات من حارة تنهيدنا
والكلمة تداعب في وريدنا
والشعر غنا
والنثر غنا
لو شفتو أنا
يتساءل واقف حيران
الصوت ده بهيج
يارب ده كمان
ولا صوت انسان
يقول سعد الدين ابراهیم : انه كتب هذه القصيدة لليلى المغربي وقرائها عليها وهي تبتسم وتقول في غرور متواضع : ما جبت شئ جديد ..
ومن القصائد التي كتبتها ليلى المغربي قصيدة (حدقة عيني) .. تقول في بعض ابياتها :
بلدي.. بلدي..
بلدي.. بلدي..
حدقة عيني
علقة كبري
موثق ديني
موئل جلدي
وبه اوصى
جدي ولدي
*****
عبق الامشاج لدي المورد
الق الاعراق من المولد
ينداح كهالات المسجد
ومطالع نبل الاكرومة
تنهل على نبل المقصد
*****
من فجر الزنج الريان
للصبح البيجاري النوبي
لضحى قحطان وعدنان
ينبلج يوم لا يمسى
فالسؤدد صنو السودان
* أتنفس شعرا
قالت ليلى المغربي عن نفسها في حديث لمجلة
(الوطن العربي) ١٩٩٠/٨/٣١م :
انا شخص ناعم جدا، نفسي راضية امشي على الارض كوقع الندي، تهزني رعشات سعف النخيل وتقض مضاجعي انات مجروح وتسعدني افتراءات شفاه طفل وتملأ جوفي طربا اغنية للمودة المقيمة، انسان بسيط يخلق من لحظات الصدق والاحساس الجميل طريقا مع الناس ، يسعدني التسامح والالفة والصدق والابقاء على نبض الحياة صاحيا أنا ليلى المغربي .. اتعامل مع برامج المنوعات بمتعة وحب واجد نفسي فيها وهناك علاقة حميمة نشأت بيني وبين مستمعي من خلال تلك البرامج فكانني أهدهد وادلل مستمعي وانا اتحدث اليه ..اتنفس شعرا واذوب شعراً واقول شعراً على الرغم من انني اكتب نثرا احلى من الشعر ولكن للشعر عندي مكانة خاصة فهو مكتوب بالوجع ..
* وفاة ليلى المغربي
في موسم الحج كانت السيارة تنطلق بسرعة شديدة قبل الدخول الى مكة المكرمة اصطدمت بترتوار الشارع مما ادي الى انقلابها توفيت ليلى المغربي عند وصولها الى مستشفى النور واجريت عملية لهيام المغربي لأن الضلوع ضاغطة على القلب واثناء ذلك توفيت بعد صلاة المغرب ودفنت هناك ..
*هل غير حب الناس عندك
الشاعر عبد المجيد حاج الامين كتب رثاء جميل يوم
٣١ مارس ۱۹۹۹م بعنوان (ليلى المغربي هل غير حب الناس عندك) فقال في بعض ابياتها :
عشت الحياة بكل جهدك
هل غير حب الناس عندك
هل غير هاتيك المواجع
تستثير بنبل قصدك
هل سر بسمتك الوضيئة
في العيون نداء سعدك
أم هاتف من وادي عبقر
يا بنت هذا الاسم المعطاء
يا وعدا خرافي
التعلق بالخلود ، صدقت وعدك
يا أخت كل الناس
يا عذب ماء النيل
يا طين الحضارة
من تراث الشعب نبضك
يا ليلة الدنيا
ويا ليلة الدنيا
ويا وجع القوافي
التاكلات على بحور الشعر
هل توفيك حقك؟
كثير من القصائد كتبت في رثاء ليلى المغربي منها قصيدة روضة الحاج بعنوان «الآن ينكسر القصيد» في ديوان (للحلم جناح واحد) ..
تزوجت ليلى المغربي الدكتور عبد العزيز محمد فرح ولها ثلاثة ابناء : صبوح، وضاح، زازان .
صلاح التوم من الله
صحيفة الصحافة
٢٠١٤/٣/٨
