أصداء وطنية *خطاب بوتين في فالداي فلسطين في قلب الرؤية الروسية للعالم* بقلم برمة أبوسعادة
أصداء وطنية
*خطاب بوتين في فالداي فلسطين في قلب الرؤية الروسية للعالم*
بقلم برمة أبوسعادة
خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتدى فالداي سوتشي 2 أكتوبر 2025 لم يكن حديثاً عابراً بل كان أشبه بجرس إنذار يقرع في وجه الغرب وإعلان أن العالم يدخل طوراً جديداً روسيا فيه قطب لا يمكن تجاوزه ولا تجاهله.
القضية الفلسطينية احتلت صدارة خطابه إذ وصف ما يجري في غزة بأنه حدث مروع في تاريخ البشرية الحديثة مؤكداً أن الغرب عجز عن تقديم حل عادل وأن حل الدولتين هو الطريق الوحيد للتسوية النهائية والأهم أنه شدد على أن الفلسطينيين أنفسهم بما فيهم حماس هم أصحاب الحق في تقرير مصيرهم هنا كان بوتين يسحب البساط من تحت أقدام الوصاية الغربية ويعيد الاعتبار لصوت الفلسطينيين بكل أطيافهم.
وفي موازاة ذلك وجّه بوتين صفعة فكرية وسياسية إلى الغرب معلناً أن انهيار الهيمنة مسألة وقت وأن أي قوة مهما بلغت لا تستطيع الانفراد بالسيطرة على العالم أو احتكاره وأكد أن الجيش الروسي في أوج قوته وأن موسكو لن تهزم استراتيجياً مهما عظمت الضغوط محذراً الأوروبيين من الارتهان الأعمى لواشنطن التي تدفعهم إلى الهاوية.
لم ينس بوتين أن يبرز البدائل الحضارية التي تمثلها تحالفات روسيا مع الصين والهند معتبراً أن هذه القوى لن تكون أدوات طيعة بيد أمريكا بل شركاء حقيقيين في صياغة عالم متعدد الأقطاب وأشار بسخرية مبطنة إلى أن الولايات المتحدة نفسها رغم عقوباتها لا تستطيع الاستغناء عن روسيا إذ تشتري منها اليورانيوم لتشغيل محطاتها النووية.
رسالة فالداي كانت واضحة روسيا ترى نفسها ركناً أساسياً في ميزان العالم وأي نظام دولي عادل لا بد أن يقوم على التوازن والاحترام المتبادل لا على أوهام الهيمنة وهنا تتخذ فلسطين بعداً جديداً فهي ليست تفصيلاً إنسانياً بل ميزاناً يختبر صدقية النظام العالمي القادم العدالة في فلسطين تعني عدالة في العالم بأسره.
وبالنسبة للعرب فإن الخطاب يفتح نافذة تاريخية فزمن الأحادية قد ولى ومجال التحرك بات أوسع لإعادة صياغة التحالفات وبناء مواقف وطنية وقومية أكثر استقلالاً لكن هذه النافذة لن تبقى مفتوحة طويلاً والفرصة لن تُستثمر إلا إذا امتلكنا إرادة سياسية ورؤية استراتيجية تحولنا من موقع المتفرج إلى موقع الشريك.
خلاصة فالداي أن العالم يتغير وأن الغرب لم يعد سيد الموقف وأن فلسطين هي الاختبار الأول لعدالة النظام الجديد فإذا كان ثمة معيار للمستقبل فإنه يبدأ من غزة ومن صوت شعبها المظلوم ومن هنا يظل السؤال للعرب هل نملك شجاعة أن نكون جزءاً من هذا التحول أم نظل أسرى للانتظار؟.