*أزمة عابرة للحدود* كتبت ✍ د.ايناس محمداحمد
*أزمة عابرة للحدود*
كتبت ✍ د.ايناس محمداحمد

شارك السودان منذ سنوات طويلة في الكثير من الجهود الاقليمية والدولية لمكافحة الهجرة غير النظامية ، وفي سبيل انجاح هذة الجهود قدمت المنظمة الدولية للهجرة والتي تأسست في العام 1951م ، قدمت دعما للسودان في العديد من المجالات مثل بناء القدرات ، مكافحة الاتجار بالبشر ، وتطوير التشريعات والقوانين، وتدريب الكوادر الوطنية ،لكن ظل تنظيم الهجرة في حد ذاتها محل بحث ودراسة في القانون الدولي مع تزايد الحاجة الدائمة للتعاون الدولي لمواجهة التحديات المتزايدة .
يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام يوم المهاجرين للوقوف علي حقوقهم حول العالم وهو اليوم الذي اعتمدتة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4 ديسمبر عام 2000 م، للاهتمام والاحتفاء وتعزيز حقوق المهاجرين ، والذي يأتي هذا العام وسط أزمة الحرب في السودان والتي تشكل تهديد قوي لتفاقم مشكلة الهجرة غير النظامية وزيادة عدد الضحايا الذين يفقدون حياتهم أثناء المحاولة للوصول للضفة الأخري بحثا عن حياة افضل .
الهجرة معروف انها ظاهرة بشرية متنامية وقديمة ترتبط بسعي الإنسان نحو تحسين وضعه وظروفه المعيشية ، والهجرة القانونية التي تتم باجراءات قانونية محددة وفق لاتفاقيات دولية تنظم انتقال الأفراد بين الدول والمجتمعات الإنسانية تأخذ وقتا في الاجراءات، نتيجة لذلك ظل لجؤ الكثيرين للهجرة غير النظامية وهو قرار شديد الخطورة الا أنه الأسرع في التنفيذ .
أضف الي ذلك شبكات التهريب المنظمة التي تلعب دورا محوريا في ذيادة عمليات الهجرة غير النظامية بكل ما فيها من مخاطر وانتهاكات بشكل اوسع ومستمر .
الحرب جعلت الهجرة غير النظامية خيار استراتيجي للكثيرين بحثا عن حياة امنة وظروف معيشية افضل ، لذلك كانت اغلب الاراء الفقهية للحد من الهجرة غير النظامية هي إيقاف الحروب ،وتوفير حياة افضل بسلام وأمان ، وتوفير فرص عمل واصلاح الاقتصاد ، محاربة الفساد وتنمية التعليم كل هذة النقاط تقلل الهجرة غير النظامية .
السودان في مسألة الهجرة غير النظامية يمثل الان دولة منشأ ودولة عبور نسبة لمساحته الجغرافية الشاسعة وحدوده المفتوحة واضطراباته الأمنية التي جعلت منه نقطة عبور رئيسية للهجرة غير النظامية ، وزادت عمليات الاستغلال والعنف والاحتجاز وعدد من صور الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها المهاجرين، لذا كان سعي القانون لمواجهة تحدي شبكات التهريب المنظمة، بدلا من استهداف المهاجرين انفسهم ،والذين يحتاجون في أغلب الأحيان الي حلولا انسانية وحماية قانونية.
في المقابل لابد أن تراعي دول المقصد سياسات لجوء عادلة وسريعة وعدم استخدام التعسف والإجراءات القاسية لمن يقصدها لاجئا او مهاجرا بما يتوافق مع حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي والحريات الاساسية .
واحدة من اخطر تأثيرات الحرب في السودان قضية (الهجرة غير النظامية ) هذا ما قصده الدبلوماسي الأميركي (كاميرون هيدسون) حينما تحدث عن الحرب في السودان ضمن مداخلته في جلسة مجلس الامن التي خصصت للحرب في السودان يوم الاثنين الماضي ، (كاميرون هيدسون ) الباحث الاميركي المختص في الشؤون الافريقية و المسؤول السابق بالمخابرات المركزية الأميركية (CIA) وهو كذلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية الأميركية ومدير مكتب المبعوث الأميركي الخاص الي السودان ،الي جانب عمله كمدير للشؤون الافريقية في مجلس الامن القومي بالبيت الابيض منذ العام 2005 الي العام 2009 م ، بالتالي الرجل يمتلك خلفية سياسية وبحثية وأمنية ثرة عن السودان تمكنه من الحديث بواقعية ووضوح .
(هيدسون ) تحدث عن خطورة الحرب في السودان واثارها علي العالم ، كما اشار الي تورط جهات خارجية وشركات أسلحة تمول المليشيا وتمدها بالسلاح والعتاد مطالبا مجلس الأمن بالتحرك العاجل لوقف التدخلات الخارجية.
اشار هيدسون الي “الامارات” التي استخدمت ثروتها ونفوذها السياسي عبر القرن الافريقي خلال العامين السابقين لنقل الاسلحة للمليشيا عبر اكبر عملية جسر جوي عسكري وأكثرها اتساعا ، حيث شاركت فيها ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطي وجنوب السودان ومنطقة بورتلاند الصومالية، وكذلك جلب مئات المرتزقة الكولومبيين عبر شبكة معقدة من الشركات الوهمية لتكون غطاء رقيقا يسهل انكارها فيما بعد ، مما اسهم في تطوير أسلحة وعتاد المليشيا وتمكينها من ارتكاب فظائع وانتهاكات “، اتهم المليشيا بارتكاب جرائم حرب في الفاشر مثل التطهير العرقي وقتل المدنيين وحرق جثث البعض منهم ” كما دعا الي إتخاذ إجراءات قانونية حاسمة ضد المتورطين ، ونبه الي الأوضاع الانسانية القاسية في المدن المحاصرة الان ، مما ادي الي زيادة معدلات الهجرة غير النظامية من السودان ومن دول مجاورة له “، انتهي حديث هيدسون.
تورط (ابوظبي) في دعم وتمويل المليشيا الإرهابية لتأجيج الحرب في السودان لا جدال حوله بل كثرت الادلة والبراهين وشهود العيان وتحليلات السياسيين والاعلاميين والقانونيين من كل مكان ، ونقلت وسائل الإعلام عالمية ووطنية ومنصات التواصل الاجتماعي احداث ووقائع حقيقية وجرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية من ارض الميدان للعالم اجمع ، لم يتبق الا ان ينطق الحجر بأنها مليشيا ارهابية مجرمة قاتلة ، فماذا ينتظر العالم لتصنيف المليشيا جماعة ارهابية؟؟؟؟ ، متي يتحرك المجتمع الدولي لتجريم (ابوظبي) لدعمها الارهاب وتأجيج الحرب في السودان وما ترتب عليها من جرائم بشعة وفظائع وحشية وانتهاكات صارخة للقانون الدولي ؟؟؟
هل الحديث عن الهجرة غير النظامية سيحرك أوروبا خوفا من المهاجرين الذين يقطعون البحر نحوها فرارا من الحرب؟ !!!!!
للحرب في السودان انعكاسات وتأثيرات طويلة الاجل سيكتشف العالم ان المماطلة و التسكع في ايقافها والبحث عن انصاف الحلول والمواقف الدبلوماسية الرمادية وبيانات الشجب الباردة ، كانت جريمة في حد ذاتها ، و ان ارتدادات الحرب (الكارثية) لن تتوقف علي السودان وحده او دول جواره او حتي علي افريقيا ، بل ستؤثر علي العالم اجمع .
اللهم انصر القوات المسلحة نصرا عزيزا يا الله سبحانك لا ناصر لنا الا انت .
الخميس 25 ديسمبر 2025م .
