منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

علي احمد دقاش يكتب : *الهوية القاتلة*

0

حينما ينغلق الانسان في قبيلته أو عرقه اوثقافته يكون في الحقيقة قد سجن نفسه ووضعها في زنزانة ضيقة الجدران وفقد رحابة الانسانية وسعتها وتشابك العلاقات فيها وتداخلها .
قد تتحول الهوية من مصدر ثراء في العلاقات الي سبب صراع دموي كما حدث في الدلنج ويحدث في مناطق عديدة داخل السودان وخارجه . الصراعات القبلية تحدث دمار شامل لشبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .
الهوية قد تجعل جماعتين متجاورتين متعايشتين تتحولان الي جماعتين متقاتلين متصارعتين ؟
قد تجعلنا ننسي ايات المساواة في القران ونتجاهل الحديث النبويالكريم :
{أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى}
ننسي ارث التراث الانساني الغني بامثلة التعايش والانصهار . يقول الروائي النجليزي اوسكاروايلد في رواياته التي قراناها في المدارس :
( كل انسان هو إنسان آخر) .
هي كلمة شديدة العمق تعني من بين ما تعني ان الموثرات في سلوك الانسان عديدة فلا انسان يسلم من تأثير الاخرين الذين يعايشهم في محيطه الاجتماعي.
الاستعلاء العرقي والثقافي واحتقار الاخرين والتقوقع حول هوية احادية لا ترضي بالاخرين هو مشكلة وقنبلة موقوتة.
دعنا نبدأ بتعريف الهوية .
كلمة «هوية» منسوبة إلى الضمير «هُوَ».
تعني مجمل السمات التي تميز شخصا ما او مجموعة عرقية معينة عن الغير والهُوِيَّةُ كمصطلح كلمة تستخدم لوصف مفهوم الشخص او مفهوم الجماعة .
كل انسان يحمل عدة عناصر في هويته تميزه عن غيره .
عندما نتحدث عن الهوية الشخصية فاننا نقصد بطاقة تعريف الشخص بشكله واسمه وصفاته وجنسيته وعمره وتاريخ ميلاده.
اما الهوية الجمعية فتتعلق بالميزات المشتركة لمجموعة من البشر، تميزهم عن مجموعات أخرى هذه المجموعات هي ما نصطلح علي تسميتها بالقبائل .
أفراد المجموعة العرقية ( القبيلة) يتشابهون في الميزات الأساسية التي كونتهم كمجموعة كالعرق والثقافة والسكن في منطقة واحدة والتشابه في العادات والتقاليد وحتي لو كانوا يختلفون في عناصر أخرى لكنها بالطبع لا تؤثر على كونهم مجموعة عرقية واحدة متشابهة.
القبائل تتكون بثلاث طرق وحدة العرق او التحالف او بالضم بان ينضم عرق الي عرق اخر .
قبائل السودان معظمها قبائل تكوينية تتكون بالتصاهر والتساكن او التحالف والضم ويندر ما تكون القبيلة نقية العرق .
نحن السودانيين مثلا ما يجمع بيننا هو وجودنا في وطن واحد وامتلاكنا لتاريخ طويل مشترك، وتدين معظمنا بدين واحد والتحدث بلغة مشتركة اضف لذلك وجودنا في ولاية واحدة و دولة واحدة .
هذا ما يجعل من الشعب السوداني شعبا متمايز لكن متحد وحتي لو وجد اختلاف في ما بيننا في الأديان واللهجات والعادات والتقاليد وأمور أخرى.
العناصر التي يمكن عن طريقها بلورة هوية جمعية كثيرة، أهمها الاشتراك في: الأرض، اللغة، التاريخ، الحضارة، الثقافة، الطموح وغيرها.
اختلاف الهويات وتعددها ينبغي ان يكون مصدر ثراء للمجتمع السوداني لا سبب للصراعات الدموية المميتة.
لا انكر ان هناك تيارات عنصرية تنادي بنظرة احادية في الهوية وتدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية أو الهويات الاخري والاستعلاء عليها وهذا هو منبع الصراعات والنزاعات .
المفكر الهندي الحاصل علي جائزة نوبل امارتايا سين يقول:-
(كلّما صارت الهويَّات أكثر تأطيراً زاد التَّعصب حولها، وكلّما زاد التعصُّب زاد العنف والاضطهاد؛ فالهويَّات المتعدّدة في مقابلها تصنع الإنسان بشكل مختلف عن الآخر، وهذا ما يجعلها أفضل من الهويَّات المغلقة والجامدة التي تعمل جاهدة على تشتيت فكر الإنسان وحصره في التَّبعية والتّعصُّب الأعمى، فقولبة الإنسان في هويَّة واحدة إنَّما هو إفقار له وقطع له عن التَّواصل مع الآخرين، وينشأ هذا الانحصار من التَّعامي عن حقيقة أنَّ الإنسان يعيش في شبكة هائلة من العلاقات مع الآخرين في محيطه الصَّغير والمحيطات الأكبر على السَّواء، وتزيده كلُّ علاقة من هذه العلاقات ترابطاً بالآخرين، وتزيد حياته كذلك غنًى، وعلاقته مع الآخرين توثُّقاً ) .
انا اتفق معه فيجب ان لا نغلق انفسنا في عرق واحد وندعي انه هوالعرق الافضل.
يمكن ان تكون من عرق معين لكنك تقاسم الاخرين في السكن والمهنة و زمالة العمل و الدراسة او اللون السياسي و فريق الكرة او قد تتصاهر مع قبيلة اخري وتتزوج منهم وهذه الحقائق جميعها توكد ان الانسان في الحقيقة يعيش في شبكة هائلة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ويجب مراعاتها .
لقد احزنني بوست قراته اليوم كتبه عبدالله حسن عبدالله العشا تعليقا علي احداث الدلنج حيث قال:
انا عبدالله حسن
الوالد : حسن عبدالله العشا حازمي (بخوتي) والوالده:
أم جمعه فندامه كربيش من النيمانج
(النتل+سلارا)
بربكم ضعوا نفسكم في مكاني واخبروني بشعوركم عندما يتقاتل طرفان احدهم ابناء اعمامك والثاني ابناء اخوالك !!!
انه امر محزن
علي احمد دقاش
الجمعة 27/10/2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.