منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

سبعيني سوداني يكتب أضخم مصحف بخط يده

0

18 شهراً كانت كافية لإنهاء تجربته

ببشرته التي تحمل الملامح السودانية الهادئة، تبعث في النفس الإطمئنان و الراحة لدى من يقابله أول مرة، التقيته دون سابق مواعيد عند مسيد الشيخ أبو سقرة بمنطقة الهلالية شرق الجزيرة، عقب صلاة المغرب، جالساً على كرسي بلاستيكي متاملاً بالذكر و التسبيح، تسارع مقربي “عبدالله ابو” إلى معرفتي به و بتجربته في كتابة المصحف الشريف

مصطفى عبدالمطلب مصطفى (ابوشلة) ابن منطقة الهلالية شرق الجزيرة، من مواليد 1944م، تخرج في معهد إعداد المعلمين بالدلنج، و تعلم فنون الخط العربي، اشتغل بالتعليم حتى تقاعد إلى المعاش، و يعد صاحب تجربة فريدة في كتابة المصحف الشريف بخط اليد بالسودان قاده إلى ذلك شغفه و حبه للقرآن الكريم، وتطلعه إلى صنع إنجاز فريد يحسب له، لم يكن طريقه ممهداً، فقد اعترضته عدة صعوبات تجاوزها بالصبر و مساعدة الأسرة وبعض الإخوة.. في الحوار التالي تتكشف التفاصيل

الهلالية/حوار
بابكر بشير

بداية أهنئك على هذا الإنجاز و أسألك عن السبب من فكرة كتابة المصحف بخط اليد؟

– بعد أن تقاعدت إلى المعاش و أخذت حقوقي المالية، قمت بفتح دكان “كنتين” تجاري ما أجل إعالة أسرتي، فشلت في التجارة نسبة لعدم خبرتي، أكلت رأس المال على ثلاث مرات و أصبحت عاطلاً عن العمل و لدى فراغ كبير، تمعنت في الآية الكريمة (لتسئلن يومئذ عن النعيم) فقد أنعم الله علي بنعمة الخط، سألت نفسي لماذا لا أقوم بعمل شيئ مهم و مميز ينفع المجتمع و يجزيني الله عليه الثواب، من هنا كانت بداية الفكرة.

و كيف إستطعت إكتساب هذه النعمة، نعمة الخط العربي؟

– كنت موهوباً و شغوفاً بالخط العربي و تأثرت في بواكير الدراسة في المرحلة الأولية باستاذي التجاني عصملي، ثم دعمت الموهبة بالدراسة في معهد إعداد المعلمين بالدلنج. و كنت اقوم دائما بتقليد انواع الخطوط، و لا زلت حتى تاريخ اللحظة أمرن نفسي بإستمرار.

إذاً كنت تملك من القدرات ما قادتك للكتابة، متى كانت بدايتك لكتابة المصحف و كم استغرقت من الزمن؟

– بدأت الكتابة في فبراير 2016م و استغرقت عملية الكتابة حوالي 18 شهراً.

زمن وجيز و قياسي هل قدمت لك اي مساعدات من قبل أفراد او أي جهة؟
– على مستوى الأفراد تعاون معي عدد من الإخوة على رأسهم الأخ محمد المأمون صاحب مكتبة الوفاق بالهلالية، اول المساهمين معي في بداية هذه التجربة عند شهورها الأولى، بالورق و الأقلام، و كذلك الجيلي عجيب مدير مطبعة جامعة الجزيرة، ساهم بتوفير الورق بصورة كافية من الحجم الكبير 100 سم/ 70 سم و هو أكبر حجم من الورق على المستوى العالمي، هي التي تم استخدامها، لذا يعتبر المصحف كبيراً من حيث الحجم.

هل للأسرة دور في إنجاز هذا المشروع؟

– الأسرة دورها كان داعماَ و تشجيعي في أن أنجز هذا المشروع، كانت موجودة من خلال تهيئة الأجواء بتقديم خدمات الشاي و القهوة، و تسطير الورق، و المراقبة و المتابعة و الملاحظة لأي خطأ.

إذن يبدو أن هنالك أهداف مرسومة و واضحة من جانبك و الأسرة من رسم المصحف بخط اليد إذا كان الأمر كذلك هل يمكن أن تحدثنا بها ؟

– نعم لدينا أهداف موضوعة من كتابة المصحف، و هي أولاً إشباع رغبتي في أن اعمل شيئاً مميزاً و منفرداً، ثم تحقيق شغفي في كتابة القرآن الكريم بخط يدي و المرور على كل حرف في القرآن الكريم من حيث القراءةً و الكتابةً والمراجعة.

بلا شك ان القرآن الكريم كلام الله لا يحتمل الأخطاء، هل هنالك جهة مصدوقة قامت بالمراجعة؟

– نعم تمت المراجعة، فقد اطلع عليه حفظة لكتاب الله الأخ إبراهيم عبيد سيدو من مدينة كسلا، و حافظ رافع من الهلالية، و الأستاذ /خيرالله عبدالله، و هو معلم بالمدارس المتوسطة مهتم بالقرآن الكريم .

هل إكتشفت من خلال هذه المراجعة أي أخطاء؟

– أخطاء بسيطة تم تصحيحها و هي عبارة عن تنقيط الحروف فقط، بخلاف ذلك لم يظهر أخطاء، كنت حريصاً جداً آلا أقع في أخطاء عند الكتابة.

ما هي أنواع الأدوات التي قمت بإستخدامها في الكتابة؟

– إستخدمت في الكتابة أقلام الشين و المسطرة و أوراق كبيرة مقولة من أجود الأنواع.

كتابة المصحف يعتبر من أصعب أنواع الكتابة هل واجهتك صعوبات أثناء و قبل الكتابة؟

– يعتبر هذا المصحف من الحجم الكبير من حيث الورق و عدد الصفحات، 500 الف، الصفحة فيها 15 سطراً مما يتطلب جهداً كبيراً في التسطير. أعانني في ذلك بناتي حيث كن يقومن بالتسطير، هذا كان أكبر تحدي واجهني تم التغلب عليه. كذلك من الصعوبات التي واجهتني هي توفير الورق.

*بعد الإنتهاء من الكتابة ما هو الإنطباع و ردود الفعل التي وصلتك؟*

– وجدت ثناءً كبيراً من اهلي و جيراني و أصدقائي، و لكن للأسف لم أجد من المسؤولين الرسميين اي إهتمام.

لقد تم إنجاز هذا العمل بتوفيق كبير ماذا تود أن تفعل بهذه النسخة؟

– أولاً أشكر الله الذي اعانني على الإنجاز و أسأله ان يتقبله مني و من جميع الذين ساعدوني، و اتمنى ان يوفقني في نسخه و اهداءه لمكتبة الحرم النبوي الشريف ليكون عملاً أنتفع به.

في ختام هذا اللقاء رسالة لمن توجهها؟

أهدي في ختام هذه المقابلة ثواب هذا المصحف لك و لأسرة موقعكم ” سفير الإنسانية ” الإلكتروني و لمكتبة الآفاق بالهلالية، و للأخ الجيلي عجيب مدير مطبعة جامعة الجزيرة سابقاً، و لأسرة عبيد سيدو، و للأخ الأستاذ عبدالله ابو، و لجميع أهل القرآن، وكل من ساعدني في إتمام هذا المصحف، أسأل الله أن يتقبل هذا العمل و يجعله في ميزان حسناتهم جمعياً، و في الختام اسأل الله ان يحفظ السودان وأهله و يحقق الأمن والأمان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.