د. أمين محمود محمد عثمان يكتب : *سياحة في أدب الحكم والسياسة : أجهاد أم قتال؟*
د. أمين محمود محمد عثمان يكتب :
*سياحة في أدب الحكم والسياسة : أجهاد أم قتال؟*
سيان أو وصفت قتال بغاة ومحاربي جنجويد الدعم السريع وأشياعهم بالجهاد أو بالقتال ، فالأمر بالجهاد منصوص ، وبالقتال مورود ٠ إلآ أن الجهاد أرجى للتجارة مع الله بمترتبات في عالم الغيب الذي قد لا يؤمن بها كل مقاتل ٠
الحرب كريهة ، ولكن يستحث لها ويحرض عليها ويذم القاعد عنها ٠ فهي وسيلة لدفع الشر ومن ينكرها يجهل حقيقة أن هناك دائمآ حرب عادلة كهذه التي فرضت علينا في السودان بتسليط سفكة دماء جحمانين جبلوا على الإفساد في الأرض وبابشع المظاهر المتخيلة !
تربصوا بشعبنا، فلا يرقبون فيه إلآ ولا ذمة، قضوا على كل مصلحة عامة أو خاصة، مادية او معنوية واستباحوها واهدروها واحرقوها عندما عجزوا من حملها ، فأي حقد وكره هذا ؟ وملأوا القلوب بالرعب ، فخارت قبل الفواق المبارك قوى العديد من المواطنين ، وساءت الظنون حتى بنصر من الله ٠٠
ولكن لئن لا نجد الرسول يمشي بيننا فيدرأ بوجوده عنا العذاب ؛ فإن الله الرحيم قد ارشدنا كيف نصرف عن أنفسنا عذابه بالاستغفار ( وما كان الله معذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ). ودلنا الله كيف نحتجب من ظلم الظالمين بالعمل الصالح ، فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما ٠ وارشدنا كيف ننتصر على العدو ، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ٠٠ فالانتصار على الدعم السريع مفروغ منه وبوعد صادق ٠
فحربنا حرب عادلة ، ولقد نعلم كثرتهم ، وشتات دوافعهم ، وتنويع مظاهر النيل منا ، وقد تعجبون على ماذا أسس الشيطان حلف محاربتنا ؟ ولكن عند النظر المتمعن لكل من حاربنا أو ظاهر على شعبنا في الحرب ؛ فهناك جامع مشترك لكل هؤلاء المتآمرين ٠ ومع ذلك لا يجرؤون الإفصاح عن دافعهم للحرب غير القول الممجوع بأنهم يقاتلون الفلول ! والفلول كلمة بلا مرجعية تحددها ، وبالثابت فبين البغاة إن لم يكن جلهم من كان في أعلى مراقي النظام السابق ثم فل ، لكنهم اليوم يحاربون شعبنا كله بتهمة لا يستطيعون تبرئة نفوسهم منها ٠
لكن للحرب سبب آخر يظل مستورا على شاكلة المثل من يجرأ بالقول أن أم الملك عزباء؟
وما استتارهم بأسباب تبدو مدغدغة لأحلام الاغرار إلا لأنهم مرعوبون بمقولة مستشرق إنجليزي تحدث منذ نحو قرن ، فحذر عن كلمة سر تهيج السودانيين وتدفعهم للتجمع والثورة ! قال إنها الصرخة( الإسلام في خطر ) ٠
فهل بات الإسلام في خطر بهذه الحرب فهيج جموع الشعب لتدافعوا ويتزاحمون بالمناكب منتظمين في مقاومة شعبية وطنية عارمة لإجتثاث جنجويد الدعم السريع ومن يظاهرهم داخليا وخارجيا ؟
الشعب وبوعيه يدرك لم العداوة للسودان؟ ولم سعت الرباعية في استخدام زبونها قحط لفرض الوثيقة الإطارية عنوة على الشعب السوداني وبالحرب ؟ لماذا دسوا سم عداء الإسلام في تلك الوثيقة المأفونة التي دعت للعلمانية المنحطة واجهة الحضارة الغربية ؟
لقد عز عليهم ( الرباعية وقحط والجنجويد ) ان يفهموا كيف ينظر السودانيون للعلمانية كفكرة متصادمة مع الإسلام ، فدعوتها معاداة تلقائية للإسلام ٠
ووقعوا ثانيا في جهل قاتل ؛ حينما رأوا أن إنهاك السودانيين بالإيذاء الشديد في الحرب سيدفعهم للاستسلام والخنوع للحلول السياسية المصنوعة خارجيا والمملاة على أحزاب الخزي العميلة لتطبيقها على الشعب ؛ فساءت تقديراتهم بأن الشعب سيعد مظاهر عدوانهم عليه ، خروجا على الإسلام يستوجب مجاهدتهم ٠ فمن مات دون عرضه وماله وارضه فهو شهيد ٠٠
هكذا أفضى غباء الأعداء في الاعتداء على كل السودانيين إلى الصريخ بأن الإسلام بقيمه وبمعتنقيه في خطر ٠٠ فهب كل الشعب للمنافحة عن عزته وكرامته ٠٠٠
والآن أرى أن التدافع نحو المقاومة الشعبية الوطنية تخدم مواقف جليلة على الصعيدين الداخلي والخارجي ٠ فداخيا هي الوسيلة الانجع لاستئصال البغاة المحاربين ، والعاصم لتحويلهم بعد اخراجهم من المدن إلى قطاع طرق ، وسبيبلا لملاحقتهم وان دخلوا جحر ضب خرب ؛ فلا حرب أهلية كالتي روجوا لها للتخويف من المقاومة الشعبية ٠ كذلك نرى في المقاومة الشعبية مانعا لتطور وتداعي محاربة الجنجويد إلى ظهور تمرد جديد ٠ فكل ذلك سيجهض بحقيقة أن البغاة المحاربين صاروا عدوا لكل قطاعات شعبنا ، وأن كل الشعب يلاحقهم ليستأصلهم لا ليفاوضهم ، طالما استنكفوا التفاوض على شروط استسلامهم قبل القدرة عليهم بالمقاومة الوطنية الشعبية ٠
اما خارجيا فإن المقاومة الشعبية توئس قحط وقوى الاستكبار العالمي من الاقتراب نحو هذا الشعب المبصر لخبثهما ٠٠ فلا تدخل لفرض الوصاية على الشعب بقوة سلاح والبند السابع ، ولا يبقي بعد تجييش الشعب للعدو الخارجي إلا الإستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية ، وتلك نمط حرب عركها شعبنا منذ أيام جعفر النميري رحمه الله ٠
ولكن على قيادتنا الاعتزاز بشعبه والثقة بقدرته على تجاوز الحصار اي كان بما نملك من موارد بشرية وطبيعية ٠ فقط علينا أن نضع مشروع التنمية والنهضة على أساس تفجير الطاقات الوطنية ، والتعاون والتكامل مع من يحترمنا ويعزنا ٠٠
بالهبة والمقاومة الشعبية ينعتق السودان من الاستعمار الحديث ، فلنؤرخ للسودان بهذه الثورة الشعبية للاستقلال الأتم عبر المقاومة الشعبية الوطنية كما أرخنا للاستقلال ولأكتوبر ولكل هباتنا العظيمة ٠٠٠
د. أمين محمود محمد عثمان
٢٩ ديسمبر ٢٠٢٣ م