منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. محمد بشير عبادي يكتب : *تحرر المثقف السوداني من عقلية الضحية*

0

د. محمد بشير عبادي يكتب :

*تحرر المثقف السوداني من عقلية الضحية*

المثقف السوداني والعالم ثالثي بصفة عامة، ماهر في شرح وتفسير نظريات الغرب السياسية والاجتماعية وتحليل أحابيله وأحاييله للاستحواذ والسيطرة على موارد الدول غنية الموارد فقيرة المكاسب.. ولكن بالمقابل نجد هذا المثقف فاشل في تقديم الترياق والعلاج لهذه الأزمة القديمة المتجددة، أزمة استعمار الشعوب الفقيرة من قبل الدول الكبرى، ذلك لسيطرة عقلية (الضحية) وتحكمها في تفكيره، تلكم العقلية المكتسبة، التي يميل فيها المرء إلى النظر لنفسه كضحية لتصرفات سلبية تصدر عن الآخرين، والتفكير والتحدث والتعامل كما لو كان الوضع كذلك،لم تتبلور هذه العقلية هكذا خبط عشواء أو بالصدفة ولكن نتيجة عمل دؤوب استمر لعقود طويلة لهندسة هذه العقلية، فقد كرست لها الدول الكبرى من خلال مناهج التعليم والواجهات الوظيفية المتنوعة، كالمنظمات الإنسانية والثقافية والأعمال الفنية والأدبية والإعلامية وغيرها ، كل ذلك في شكل حزم يؤدي تطبيقها آخر المطاف لخلق طبقة من (الأفندية) أصحاب الياقات البيضاء أو ما عرف بطبقة النخب، هذه الطبقة التي فرضت نفسها على المشهد العام سياسياََ وثقافياََ، دون أن يقدمها أحد أو يطلب منها تمثيل عامة الشعب، فرضت نفسها بذات الأدوات التي صنعتها، لتقوم بدور “الحوار” لشيخه أو التلميذ لمعلمه أو الطبال للمغني.
إن ما تمر به بلادنا من أزمة عظيمة تهدد كيانها، يتطلب دوراََ إيجابياََ من المتعلم والمثقف السوداني وذلك بتقديم الأفكار والحلول المختلفة لكافة القضايا المطروحة في الساحة والمشكلات التي تعترض نهضة البلاد، من أجل المجتمع وحرياته وإستقلاله وتقدمه، فالحضارة لا تقوم على الجهلاء، وإنما على المثقفين الأذكياء وذلك بنقل التجارب الناجحة للناس ودفعهم الى العمل بها وفق ظروفهم.
نريد أن تنداح في بلادنا، خاصة في المناطق الآمنة، الندوات والمؤتمرات والورش المتخصصة، في إطار مشروع وطني لنهضة كبرى، السودان يملك كافة مقوماتها، نود أن نرى كتاب الأعمدة والصحفيين والإعلاميين كافة في حملة واسعة لأجل المراجعات وتقويم المسار وتقديم الأفكار الخلاقة، التي تبث الروح في شرايين الأمة وتستنهض الهمم.. كفانا جلداََ للذات وكفانا إنكفاءاََ و”تقزم” بفعل القبلية وإثارة العنصرية البغيضة والجري وراء المصالح الضيقة،فالناس في بلادي اليوم، ليسو في حاجة إلى من يثير النزاعات، فكرية كانت أو سياسية او عقدية ومن غير المفيد البحث عن موضوعات تؤدي إلى التصادم الثقافي في المجتمع وليس الوقت الحالي بظروفه الصعبة التي تحيط بنا، هو الوقت المناسب للشد والجذب، وإثارة المشكلات التي تؤدي إلى تهييج المجتمع مما يؤدي إلى فتنته ومن يفعل ذلك، بقصد أو من غير قصد، فهو من دون شك عنصر ضار في المجتمع، حتى لو امتلك في ذاته قناعة شخصية بأنه عكس ذلك،فشروط النهضة كما بينها المؤرخون وأهل العلم في هذا المجال بإنها هي الروح الدافعة والاعتزاز بالنفس والتاريخ ووضوح الفكرة والغاية والإيمان بقدرة الأمة التي تسعى للنهوض والأمل بإمكانية النهضة والعمل الجاد الدؤوب لتحقيقها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.