منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. محمد بشير عبادي يكتب : الشوق

0

د. محمد بشير عبادي يكتب :
الشوق

هو نزوع النفس إلى شئ أو تعلقها به.. الشوق شعور جميل وقوي ورغبة في رؤية شخص ما أو التواصل معه عندما يكون بعيداََ، أما الحنين فهو الشعور بالحزن أو الشوق للأشياء أو الأشخاص الذين كانوا معك في الماضي.
من أمارات الشوق، الحنين المستمر للشخص أو الأماكن، الرغبة القوية في رؤية الشخص المفتقد والشعور بالفراغ أو الحزن عندما يكون الشخص بعيداََ.. الشوق عاطفة قوية وعميقة تعكس الرابطة الإنسانية والتواصل العاطفي بين الناس.
الشوق هو لحن يتردد في الروح دون توقف..الشوق هو لغة القلوب التي لا تعرف الكلمات.. الشوق له مكانة كبيرة في الأدب العربي، تظهر في الشعر والقصص والروايات كموضوع رئيس يعبر عن الحب والفقدان والحنين،كقول المتنبي وهو يصف لوعة الشوق وتعب الهجر:
أُغالِبُ فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ
وَأَعجَبُ مِن ذا الهَجرِ وَالوَصلُ أَعجَبُ
أَما تَغلَطُ الأَيّامُ فيَّ بِأَن أَرى
بَغيضًا تُنائي أَو حَبيبًا تُقَرِّبُ
وَيَومٍ كَلَيلِ العاشِقينَ كَمَنتُهُ
أُراقِبُ فيهِ الشَمسَ أَيّانَ تَغرُبُ
الشوق من المشاعر الرائعة في الحب والعلاقات العاطفية، وكتب عنه الكثير من الشعراء والكتاب السودانيين،كقول الشاعرة “روضة الحاج”:
دعني أقبل في سبيلك يا أنا
قلباً يحاذر أن يجوب
ولأن هذا الشوق بات الآن أعتى ما أخاف
رجعت ليلاً كالغريب
وحدي أنا أدري
بأن الشوق حين تكون سيده
ووجهته…. عجيب
شوق يصادر هذه الدنيا
ويختصر المسافة
ويشعل الأنحاء بركاناً

ومن أعظم وأنبل الأشواق، هو الشوق إلى الله تعالى، مما يحصل للعبد في الدنيا ، فإن من أقبل على الله وعبادته، حصل سبل الحياة الطيبة وكان شوقه لله عز وجل،فالشوق من مراتب المحبة والمحبة على درجات، منها الشوق.
قال ابن القيم : ” ثم الشوق وهو سفر القلب إلى المحبوب وقال بعض أهل البصائر في قوله تعالى:” من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت” (العنكبوت: 5)، قيل أن هذه تعزية للمشتاقين وتسلية لهم، أي أنا أعلم أن من كان يرجو لقائي فهو مشتاق إلى، فقد أجلت له أجلاََ يكون عن قريب، فإنه آت لا محالة وكل آتٍ قريب..الشوق إلى الله تعالى ينبع من المحبة، فإن محبة الله إذا تمكنت من القلب ظهرت آثارها على الجوارح من الجد في طاعته والنشاط لخدمته والحرص على مرضاته والتلذذ بمناجاته والرضا بقضائه والشوق إلى لقائه والأنس بذكره والاستيحاش من غيره والفرار من الناس والانفراد في الخلوات وخروج الدنيا من القلب ومحبة كل من يحبه الله..ومن منازل “إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ” منزلة الشوق.
قال ابن رجب رحمه الله: “وأما الشوق إِلَى لقاء اللَّه في الدُّنْيَا فهو أعظم لذّة تحصل للعارفين في الدُّنْيَا، فمن أنس باللَّه في الدُّنْيَا واشتاق إِلَى لقائه، فقد فاز بأعظم لذّة يمكن لبشر الوصول إليها في هذه الدار”..كان أبو الدرداء يقول:”أَحبّ الموت اشتياقاََ إِلَى ربي عز وجل” ..ما أعظمه من حب أن يكون الموت شوقاََ إلى لقاء الله عز.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.