زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة هنيئاً لك يا فارس البطانة ويا أبا الدرداء فالشهادة تشبه مقامك
زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة
هنيئاً لك يا فارس البطانة ويا أبا الدرداء فالشهادة تشبه مقامك
توطدت علاقتي بالشهيد العميد الركن أحمد شاع الدين ، بعد فقدان عمي وزوج خالتي العقيد ركن الفاتح الزبير في شهر مايو الماضي ، في احد محاور القتال لكونهما أبناء جيل واحد ، وأبناء عمومة وابناء مدرسة فكرية واحدة.
حرصت طوال هذه الفترة على التواصل مع الشهيد ، إما بالسؤال عن الجديد في ملف فقدان رفيق دربه ، أو بدلق بعض المعلومات التي تقع في دائرة إختصاصه في محور البطانة ، للتأكد من صحتها وتتبع خيوطها ، وبين الحين والآخر رسائل الصباح والجمعة والسؤال عن الاهل والأسرة.
كلما أجد هاتفه مغلقاً أعود للواتساب ، فأكتب له ما أود أن عكسه في المكالمة ، وعندما يدخل الشبكة كعادته يعود ويرد على استفساراتي.
يوم أن إستسلم المجرم ابوعاقلة كيكل ، أول ما وقعت عليه عيني صورة الشهيد أحمد شاع الدين إلى جانبه ، فهرعت إلى هاتفي وحاولت الإتصال به ، فوجدت هاتفه مغلق فعدت لقواعدي المعهودة ، فأرسلت له مستفسرة عن استسلام كيكل ، فأستلم الرسالة ولم يقرأها ، فأتصلت عليه مكالمة وأتسب وأعدت الكَرة ثلاثاً ولم يستجيب ، فظننت انه مشغول بشواغل الميدان الحربي ، ولكن بيني ونفسي لم أكن مرتاحة لعملية الإستسلام ، والطريقة التي تمت بها ، وصَعدتُ من لهجة الهجوم على كيكل ، لكونه قاتل يجب أن لا يفلت من العقاب.
الثلاثاء وفي تمام التاسعة صباحا ، هاتفني أحدهم ونقل لي خبر أسر أحمد شاع الدين ، فلجأت إلى الواتساب وأرسلت له رسالة من كلمتان ، هما السلام عليكم ، وبين الحين والآخر أراغب معلومات الرسالة ، التي لم يستلمها ولم يقرأها ، فهاتفت المقربين فمنهم من طمأنني ، حتى جائني الخبر الصاعقة يؤكد استشهاد الفارس أحمد شاع الدين أبا الدرداء.
بحثت عمن يكذب الخبر فلم أجد ، حملت نفسي وانا أجرر أقدامي صوب بيته الثاني ، فوجدت الصبر الجميل يزين وجه زوجته ، وأبنائه الصغار وهم المكلومين الصابرين ، فأسرعت الخطى لألحق ومن يرافقني بأسرته وأبنائه من بنت عمه ، فوجدتهم قد غادروا كسلا إلى حيث مهبط الأسرة ، بقرية الرتاجة حلفا الجديدة ، فحدثني أهل الجوار عن الصبر الذي قابلت به الأسرة نبأ إستشهاد والدها ، فتسلل الصبر إلى نفسي ، وأيقنت أن الشهيد أحمد شاع الدين اصطفاه الله ، وهو يدافع عن أرضه وعرضه وشرفه ، فالشهادة شرف يتمناه كل من سلك هذا الدرب ، والشهادة اصطفاء لن ينالها إلا الأخيار ، فهنيئا لأحمد بالشهادة ، وهنيئا للشهادة بأحمد.
سائق الأجرة الذي إصطحباناه في رحلتنا من حي المرغنية بكسلا ، حيث سكن أسرته الصغرى إلى حي العرب مقر سكن أسرته الكبيرة ، لاحظ أننا نتجادل في المربع والشارع الذي يوصلنا إلى البيت ، فسالنا أي بيت تقصدون ، فأخبرناه فأرتفع صوت الرجل لا حول ولاقوة إلا بالله ، أحمد شاع الدين العميد إستشهد ، فذكر لنا أفضال وجمائل الشهيد عليه شخصيا ، وعلى أهل الحي الذين يعرفونه بكبيرهم وصغيرهم ، وأضاف السائق حتى أبرهن لكم ذلك سأسأل من بالشارع عن المنزل ، فأخذ الرجل عينات عشوائية ، فالكل يترحم عليه ويدعو على القتلة من الأوباش ، ومنهم من يدعو على المجرم كيكل ، ويرجع له السبب في استشهاد سمح السجايا ، الشهيد العميد ركن أحمد شاع الدين.
روى البخاري في صحيحه وأحمد والنسائي ، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله” فاليوم الشهيد أحمد شاع تجاوز عدد من شهدوا بفضله ، هذا العدد أضعاف فهنياً لك يا فارس البطانة ، يا أبا الدرداء فالشهادة تشبه مقامك…لنا عودة.