منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة هنيئاً لك يا فارس البطانة ويا أبا الدرداء فالشهادة تشبه مقامك

0

زاوية خاصة

نايلة علي محمد الخليفة

هنيئاً لك يا فارس البطانة ويا أبا الدرداء فالشهادة تشبه مقامك

توطدت علاقتي بالشهيد العميد الركن أحمد شاع الدين ، بعد فقدان عمي وزوج خالتي العقيد ركن الفاتح الزبير في شهر مايو الماضي ، في احد محاور القتال لكونهما أبناء جيل واحد ، وأبناء عمومة وابناء مدرسة فكرية واحدة.

حرصت طوال هذه الفترة على التواصل مع الشهيد ، إما بالسؤال عن الجديد في ملف فقدان رفيق دربه ، أو بدلق بعض المعلومات التي تقع في دائرة إختصاصه في محور البطانة ، للتأكد من صحتها وتتبع خيوطها ، وبين الحين والآخر رسائل الصباح والجمعة والسؤال عن الاهل والأسرة.

كلما أجد هاتفه مغلقاً أعود للواتساب ، فأكتب له ما أود أن عكسه في المكالمة ، وعندما يدخل الشبكة كعادته يعود ويرد على استفساراتي.

يوم أن إستسلم المجرم ابوعاقلة كيكل ، أول ما وقعت عليه عيني صورة الشهيد أحمد شاع الدين إلى جانبه ، فهرعت إلى هاتفي وحاولت الإتصال به ، فوجدت هاتفه مغلق فعدت لقواعدي المعهودة ، فأرسلت له مستفسرة عن استسلام كيكل ، فأستلم الرسالة ولم يقرأها ، فأتصلت عليه مكالمة وأتسب وأعدت الكَرة ثلاثاً ولم يستجيب ، فظننت انه مشغول بشواغل الميدان الحربي ، ولكن بيني ونفسي لم أكن مرتاحة لعملية الإستسلام ، والطريقة التي تمت بها ، وصَعدتُ من لهجة الهجوم على كيكل ، لكونه قاتل يجب أن لا يفلت من العقاب.

الثلاثاء وفي تمام التاسعة صباحا ، هاتفني أحدهم ونقل لي خبر أسر أحمد شاع الدين ، فلجأت إلى الواتساب وأرسلت له رسالة من كلمتان ، هما السلام عليكم ، وبين الحين والآخر أراغب معلومات الرسالة ، التي لم يستلمها ولم يقرأها ، فهاتفت المقربين فمنهم من طمأنني ، حتى جائني الخبر الصاعقة يؤكد استشهاد الفارس أحمد شاع الدين أبا الدرداء.

بحثت عمن يكذب الخبر فلم أجد ، حملت نفسي وانا أجرر أقدامي صوب بيته الثاني ، فوجدت الصبر الجميل يزين وجه زوجته ، وأبنائه الصغار وهم المكلومين الصابرين ، فأسرعت الخطى لألحق ومن يرافقني بأسرته وأبنائه من بنت عمه ، فوجدتهم قد غادروا كسلا إلى حيث مهبط الأسرة ، بقرية الرتاجة حلفا الجديدة ، فحدثني أهل الجوار عن الصبر الذي قابلت به الأسرة نبأ إستشهاد والدها ، فتسلل الصبر إلى نفسي ، وأيقنت أن الشهيد أحمد شاع الدين اصطفاه الله ، وهو يدافع عن أرضه وعرضه وشرفه ، فالشهادة شرف يتمناه كل من سلك هذا الدرب ، والشهادة اصطفاء لن ينالها إلا الأخيار ، فهنيئا لأحمد بالشهادة ، وهنيئا للشهادة بأحمد.

سائق الأجرة الذي إصطحباناه في رحلتنا من حي المرغنية بكسلا ، حيث سكن أسرته الصغرى إلى حي العرب مقر سكن أسرته الكبيرة ، لاحظ أننا نتجادل في المربع والشارع الذي يوصلنا إلى البيت ، فسالنا أي بيت تقصدون ، فأخبرناه فأرتفع صوت الرجل لا حول ولاقوة إلا بالله ، أحمد شاع الدين العميد إستشهد ، فذكر لنا أفضال وجمائل الشهيد عليه شخصيا ، وعلى أهل الحي الذين يعرفونه بكبيرهم وصغيرهم ، وأضاف السائق حتى أبرهن لكم ذلك سأسأل من بالشارع عن المنزل ، فأخذ الرجل عينات عشوائية ، فالكل يترحم عليه ويدعو على القتلة من الأوباش ، ومنهم من يدعو على المجرم كيكل ، ويرجع له السبب في استشهاد سمح السجايا ، الشهيد العميد ركن أحمد شاع الدين.

روى البخاري في صحيحه وأحمد والنسائي ، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله” فاليوم الشهيد أحمد شاع تجاوز عدد من شهدوا بفضله ، هذا العدد أضعاف فهنياً لك يا فارس البطانة ، يا أبا الدرداء فالشهادة تشبه مقامك…لنا عودة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.