عبدالبديع المكابرابي يكتب السودانيون بين طيبة القلوب وغياب الحقوق
عبدالبديع المكابرابي يكتب
السودانيون بين طيبة القلوب
وغياب الحقوق
الشعب السوداني معروف بطيبته الفطرية التي تُميزه عن شعوب العالم هذه الطيبة التي تعتبر قيمة إنسانية نبيلة أصبحت في كثير من الأحيان سببًا في ضياع حقوقنا على مختلف المستويات سواء على الصعيد المحلي أو في تعاملنا مع الدول الأخرى
من أبرز سمات طيبة السودانيين تعاملهم مع كل الأجانب كأنهم جزء من هذا الوطن فلا نطالبهم بإقامات ولا زيارات ولا أوراق ثبوتية وكأن السودان أرض مفتوحة للجميع دون قيود أو قوانين هذه السجية جعلت منا نموذجًا في حسن الضيافة لكن بالمقابل أضاعت علينا الكثير من حقوقنا وأفقدتنا القدرة على تطبيق الأنظمة التي تحفظ كرامتنا كدولة وشعب
في المقابل نجد أن الدول التي عاملناها بكرم وسخاء تعاملنا بنظام صارم فتطالبنا إقامات وضرائب ورسوم مرتفعة تستفيد منها حكوماتها
هذا التناقض يكشف عن ضعف إداري وقانوني لدينا يجعلنا عاجزين عن فرض قوانين عادلة تضمن المساواة في التعامل مع الآخرين
على سبيل المثال رفضت دولة تشاد مؤخرًا السماح لطلاب الشهادة السودانية النازحين إليها بأداء امتحاناتهم رغم أن السودان يقدم لطلاب تشاد منحًا تعليمية في جامعة أفريقيا العالمية تشمل السكن والتعليم المجاني وحتى الدراسات العليا هذه الحادثة تكشف عن غياب رؤيتنا لقيمة ما نقدمه للآخرين وعدم مطالبتنا بمعاملة بالمثل
السودان بموارده الهائلة من أراضٍ زراعية خصبة ومعادن وثروات طبيعية، يمتلك كل المقومات ليصبح من بين الدول القوية اقتصاديًا وسياسيًا لكن ضعف النظام الإداري وعدم استغلال الموارد بشكل فعّال جعلنا نعاني في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة رغم توفر كل الاحتياجات الأساسية لتحقيق النجاح
حان الوقت لأن نراجع أنفسنا ونعيد تقييم مواقفنا نحن بحاجة إلى قوانين تُنظم العلاقة مع الآخرين وأنظمة تحمي حقوقنا وسياسات تُعزز قيمة السودان وشعبه يجب أن ندرك أن طيبة القلب وحدها لا تكفي لبناء وطن قوي، وأن كرامة الدولة تبدأ باحترام شعبها لذاته ومعرفته لقيمته
السودان وشعبه يستحقان الأفضل. فلنكن أمة تعرف كيف توازن بين الكرم والعدالة، وبين الطيبة والأنظمة التي تحفظ الحقوق بذلك فقط نستطيع أن نصنع مستقبلًا مشرقًا يُحافظ على كرامتنا وهويتنا