منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د.إسماعيل الحكيم يكتب : تنصيب ترامب وتأثيره على المشهد السوداني ..

0

د.إسماعيل الحكيم يكتب :

تنصيب ترامب وتأثيره على المشهد السوداني ..

شهد العالم يوم أمس 20 يناير 2025 حدثًا سياسيًا هامًا بتولي دونالد ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة للمرة الثانية في ضوء سياق سياسي واقتصادي عالمي مليء بالتحديات والتغيرات . وجاء هذا التنصيب ليحمل في طياته انعكاسات عميقة على الأوضاع الإقليمية والدولية ، ومن ضمنها المشهد السوداني، الذي يمر بمرحلة حساسة نتيجة للحرب المستعرة بين الجيش السوداني والمليشيات المتمردة.
ومعروف عن ترامب مواقفه الحادة والعملية تجاه الحروب والنزاعات ، فهو يفضل التعامل مع الأزمات الدولية من منظور البراغماتية التي تخدم المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى. ففي خطاب التنصيب أمس ، أشار ترامب إلى ضرورة استعادة “العظمة الأمريكية” من خلال إعادة توجيه السياسة الخارجية نحو التركيز على “مصالح الشعب الأمريكي” وتقليل التدخلات العسكرية المباشرة إلا إذا كانت تخدم أهدافًا استراتيجية واضحة.
إحدى النقاط البارزة في خطابه كانت تأكيده على أهمية مواجهة الإرهاب والمليشيات المسلحة التي تهدد استقرار الدول، وهو ما قد يرتبط بشكل مباشر بالمشهد السوداني. فالسودان الذي يعاني من صراع مدمر بين الجيش النظامي وقوى متمردة مدعومة أحيانًا من قوى إقليمية ودولية . وهذا قد يجعل السودان محور اهتمام إدارة ترامب الجديدة، خاصة أن استقرار المنطقة الإفريقية يؤثر بشكل مباشر على المصالح الأمريكية وأهمها مكافحة الإرهاب وضمان أمن الممرات المائية الحيوية مثل البحر الأحمر.
ولما كان السودان يحتل موقعًا استراتيجيًا في قلب القارة الإفريقية فضلاً عن مساحة زراعية تعتبر بوراً أراضيها وموارد وثروات مختلفة ، مما يجعله لاعبًا أساسيًا في أمن البحر الأحمر ، كما يُعتبر شريانًا حيويًا للتجارة العالمية . وأحد المصالح الأمريكية الهامة وهذا كاف بجعل الإدارة الأمريكية الجديدة أن تكون مهتمة بالتطورات في السودان . غير أن هنالك جوانب أخرى تجعل إدارة ترامب مهتمة بالسودان منها :
– مكافحة الإرهاب فالمليشيات المسلحة تُعتبر تهديدًا محتملاً للاستقرار الإقليمي، وبالتالي للأمن الدولي.
– الموارد الطبيعية فالسودان يمتلك احتياطات كبيرة من الذهب والمعادن الأخرى، وهذا عامل جذب واهتمام للشركات الأمريكية وهذه إحدي سياسات ترامب الاقتصادية.
– التنافس الدولي فإن تزايد النفوذ الروسي والصيني في إفريقيا، يجعل إدارة ترامب تسعى لتوسيع نفوذها في السودان وذلك لايجاد توازن استراتيجي في المنطقة.
إذن تنصيب ترامب قد يحمل سيناريوهات متعددة للسودان ، تعتمد على عدة عوامل نوجزها في الآتي :
– دعم الجيش السوداني فإذا تبنت الإدارة الأمريكية موقفًا داعمًا للجيش ضد المليشيات المتمردة، فقد يشهد السودان تحولًا في ميزان القوى لصالح الدولة.
– الضغط على المليشيات فأمريكا قد تمارس ضغوطًا دولية وإقليمية لوقف الدعم الخارجي الذي تتلقاه المليشيات، وهذا يُضعف من قوتها.
– التدخل الاقتصادي فقد تُقدم الولايات المتحدة مبادرات اقتصادية لدعم استقرار السودان ، مما يساعد في تخفيف آثار الحرب.
على كل ٍ إن تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة يفتح صفحة جديدة في السياسة الدولية ، وقد تكون مليئة بالمفاجآت والتغيرات بالنسبة للسودان ، فإن هذه المرحلة تتطلب قراءة واعية للسياسات الأمريكية الجديدة واستثمار أي فرصة لتحقيق الاستقرار وإنهاء النزاع. فإدارة ترامب قد تُظهر براغماتية واضحة تجاه الصراعات ، لكنها أيضًا قد تحمل أجندة تخدم المصالح الأمريكية أولًا. ويبقى على القيادة السودانية التحلي بالحكمة والمرونة في التعامل مع هذا المتغير الدولي الجديد بما يخدم مصلحة الوطن وأمنه .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.