عبد الله اسماعيل يكتب : *تحرير الرهد.. ضربة استراتيجية تزلزل معاقل التمرد* قراءة عسكرية
عبد الله اسماعيل يكتب :
*تحرير الرهد.. ضربة استراتيجية تزلزل معاقل التمرد*
قراءة عسكرية
في تحول استراتيجي لافت ضمن مسار الحرب السودانية، نجح الجيش السوداني في استعادة مدينة الرهد بعد معركة شرسة خاضها ضمن عمليات متحرك *“الصياد”*، تحت لواء القيادة العسكرية العليا، وإشراف *الفريق أول شمس الدين كباشي،* نائب القائد العام للقوات المسلحة، إلى جانب *نخبة من القادة الميدانيين* الذين لعبوا دورًا بارزًا في تحقيق هذا الإنجاز. لم يكن هذا الانتصار مجرد مكسب ميداني، بل شكّل *اختراقًا استراتيجيًا قلب موازين المعركة في كردفان،* فاتحًا الباب أمام مرحلة جديدة من العمليات العسكرية تهدف إلى اجتثاث التمرد من جذوره.
*الرهد.. حجر الزاوية في استراتيجية الحسم*
لطالما كانت الرهد *نقطة ارتكاز رئيسية في كردفان،* نظرًا لموقعها الاستراتيجي الذي يربط شمال الإقليم بجنوبه، ويشكل عقدة مواصلات بين النيل الأبيض وكردفان الكبرى. هذه الأهمية جعلت المدينة مركزًا لوجستيًا بالغ الحيوية، حيث اعتمدت عليها المليشيا كمصدر للإمداد ومخزن للذخائر، فضلًا عن كونها قاعدة رئيسية للقيادة والتحكم في عملياتها بالمنطقة.
استعادة الرهد وجهت ضربة قاصمة للبنية العسكرية للمليشيا في كردفان، ومهدت الطريق أمام الجيش لمواصلة تقدمه نحو *جبل كردفان، الدبيبات، أبو زيد، والفولة، تمهيدًا لفك الحصار عن الفرقة 22 في بابنوسة.* كما أن هذا الانتصار أدى إلى تجفيف مصادر الإمداد، وقطع خطوط الدعم القادمة للتمرد، مما يسرّع بانهياره في الإقليم بأكمله.
*كيف تحقق النصر في الرهد؟*
لم يكن تحرير الرهد عملية عسكرية معزولة، بل جاء ضمن خطة محكمة وضعها ونسقها القادة العسكريون، حيث *لعب الفريق أول شمس الدين كباشي، إلى جانب عدد من قادة الكتائب والوحدات، دورًا رئيسيًا في التخطيط والتنفيذ.*
اعتمدت الاستراتيجية العسكرية على تكتيك مزدوج، إذ تم عزل المدينة باستخدام سلاح الجو والمدفعية، مما جعل العدو محاصرًا وغير قادر على المناورة أو تلقي التعزيزات.
الهجوم تم وفق تكتيك متزامن ومنسق، حيث شنت القوات المسلحة ضربات جوية دقيقة استهدفت مراكز القيادة والسيطرة للمليشيا داخل المدينة، مما أدى إلى إضعاف دفاعاتها. في ذات الوقت، نفذت الوحدات البرية هجومًا من عدة محاور، ما أجبر العدو على تشتيت قواته، وخلق ثغرات استغلتها القوات المهاجمة لتنفيذ عملية خاطفة وحاسمة. كان للتنسيق العالي بين مختلف أفرع الجيش، *بقيادة ضباط ميدانيين متمرسين،* دور حاسم في تحقيق النصر خلال فترة وجيزة، ودون خسائر كبيرة في صفوف القوات.
*القيادة العسكرية.. عمل جماعي وحسم استراتيجي*
أدارت القيادة العسكرية المعركة بذكاء استراتيجي، ونفّذ القادة الميدانيون العمليات بدقة وكفاءة. لعب الفريق أول شمس الدين كباشي دورًا بارزًا في رسم الاستراتيجية العسكرية لتحرير كردفان، وكان إلى جانبه قادة من مختلف التشكيلات والوحدات، الذين أسهموا في التخطيط والإشراف والتنفيذ.
تحرير الرهد لم يكن مجرد معركة منفصلة، بل جزء من رؤية أوسع وضعتها القيادة العسكرية لاستعادة السيطرة على كردفان بالكامل، وتهيئة المسرح العسكري لعمليات الحسم في دارفور. بفضل هذا العمل الجماعي المنظم، بات الطريق مفتوحًا لمتحرك “الصياد” لمواصلة التقدم العسكري نحو معاقل التمرد الأخرى.
*تداعيات تحرير الرهد على مسار الحرب*
فقدان المليشيا للرهد يعدّ ضربة قاصمة لتركيبتها العسكرية في كردفان، حيث فقدت أحد أهم معاقلها، مما سيؤدي إلى تفكك خطوطها الدفاعية في المناطق الأخرى، ويمهد الطريق أمام الجيش لمواصلة تقدمه. كما أن تحرير المدينة يمهّد الطريق نحو الأبيض، ما يضع المليشيا في موقف صعب، حيث باتت أمام خيارين أحلاهما مر: إما الانسحاب نحو دارفور تحت ضغط العمليات العسكرية، أو *خوض مواجهة خاسرة تُنذر بتلاشي وجودها.*
*الخطوة التالية.. اجتثاث التمرد بالكامل*
بعد سقوط الرهد، أصبح الجيش في موقع متقدم يسمح له باستكمال عمليات التطهير لما تبقى من مناطق تحت سيطرة المليشيا في كردفان. ستشكل جبل كردفان، الدبيبات وبعض المناطق في غرب كردفان المحطة التالية في سلسلة العمليات العسكرية، ومن ثم يتكامل متحرك *“الصياد”* مع متحركات *“الصحراء”* و”*السماء ذات البروج*” لفرض السيطرة على المناطق المفتوحة، في حين تضطلع القوة الجوية بدور أساسي في استهداف بقايا المليشيا ومراكزها الحيوية حتى التحرير الكامل لدارفور.
*الرهد تحررت.. والبقية تأتي*
لم يعد الجيش السوداني في موقع الدفاع، بل تحول إلى قوة هجومية ضاربة، تفرض إيقاع المعركة وتجبر العدو على التراجع المستمر. *القيادة العسكرية* أدارت المعركة بحنكة، *والقادة الميدانيون* نفذوا المهام بكفاءة عالية، *والجنود* أثبتوا شجاعة نادرة في الميدان. *المليشيا الآن في موقف لا تحسد عليه،* تفقد مواقعها بسرعة، وتقترب من لحظة الانهيار التام. تحرير الرهد كان خطوة حاسمة، *والمراحل القادمة ستكون أكثر حسماً،* حتى يتم اجتثاث التمرد بالكامل، واستعادة الأمن والاستقرار في السودان.
*عبدالله اسماعيل*
18فبراير2025