د.إسماعيل الحكيم يكتب.. *تصريحات عبد الرحيم دقلو.. اعتراف خطير أم تهديد جديد؟
د.إسماعيل الحكيم يكتب..
*تصريحات عبد الرحيم دقلو.. اعتراف خطير أم تهديد جديد؟
خرج عبد الرحيم دقلو، القائد الثاني لقوات الدعم السريع، بتصريح صادم يعترف فيه بأنهم “بدأوا الحرب خطأً”، مؤكدًا في ذات الوقت نية التوسع نحو الولايات الشمالية في المرحلة القادمة من الصراع.فيهذا يعد تحول لافت وخطير في مسار الخطاب السياسي والعسكري لقادة التمرد.
إن هذا الاعتراف لا يمكن المرور عليه مرور الكرام؛ فهو بمثابة إدانة علنية وصريحة لكل ما قامت به قوات الدعم السريع من دمار وانتهاكات، كما يؤكد بجلاء أن قرار الحرب كان قرارًا أحمقًا ومتهورًا، اتُّخذ دون حساب لعواقبه على الوطن والشعب. وإنها لحظة نادرة من الاعتراف، ولكنها تأتي متأخرة جدًا بعد أن جُرفت الأرواح، وتفككت المدن، وتبددت مقدرات الدولة.
غير أن التصريح لا يقف عند حدود الاعتراف، بل يمضي نحو ما يمكن وصفه بالتهديد الصريح بنقل ساحة الحرب إلى الولايات الشمالية، في محاولة لتوسيع رقعة الفوضى ونقلها إلى مناطق أكثر استقرارًا. وإن هذا الإعلان لا ينبغي أن يُفهم فقط في سياقه الإعلامي، بل يجب أن يُؤخذ على محمل الجد، باعتباره مؤشرًا على خطط تصعيدية قد تعصف بما تبقى من استقرار في السودان.
ومن هنا، فإنني أوجه نداءً واضحًا إلى الجيش السوداني، قيادة وأفرادًا، بأن تُرفع حالة التأهب القصوى، ويُعاد ترتيب الأولويات الدفاعية، مع تعزيز التنسيق مع الأجهزة الأمنية في الشمال، حتى لا تؤخذ تلك المناطق على حين غرة. فعدونا لا يُخفي نواياه، ولا يتورع عن إعلانها في الهواء الطلق.
ومن زاوية أخرى، قد يقرأ البعض هذا التصريح كرسالة مشفرة تتضمن نية لتغيير قواعد اللعبة، أو للبحث عن مخرج من الورطة التي غرق فيها قادة التمرد، بعد أن فقدوا السيطرة على ما كانوا يظنونه نصرًا مؤزرًا. لكن في ظل تجاربنا مع هذه المليشيا، فإن الحذر واجب، والاستعداد ضرورة، والثقة في قدرة قواتنا المسلحة على ردع أي تحرك مشبوه لا تزال راسخة.
إن السودان اليوم أمام مفترق طرق فإما أن ينتصر للشرعية والدولة، أو أن يسمح باستمرار العبث والانهيار. ولعل تصريحات عبد الرحيم دقلو الأخيرة تضع الجميع أمام الحقيقة أن هذه الحرب، التي اعترف هو نفسه بخطئها، لا تزال تُدار بعقلية المغامرة لا بحكمة الدولة.
*Elhakeem.1973@gmail.com*