منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

السفير محمد حسن بعشوم يكتب : *العلاقات القنصلية وفقا لأحكام القانون الدولي*

0

السفير محمد حسن بعشوم يكتب :

*العلاقات القنصلية وفقا لأحكام القانون الدولي*

نسبة لأهمية العمل القنصلي وحماية مصالح رعايا الدولة المرسلة في الدولة المضيفة أكدت المادة (٣) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية ١٩٦١ على حق البعثات الدبلوماسية (السفارات) في ممارسة الأعمال القنصلية بل نصت المادة نفسها على ان حماية مصالح رعايا الدولة المرسلة في الدولة المضيفة هي من ضمن الوظائف والمهام التي تضطلع بها السفارات، ووفقا لذلك جرى العرف على إنشاء قسم في السفارات يسمى ب(القسم القنصلي) لتولي مهام العمل القنصلي ويتم تكليف احد الدبلوماسيين العاملين في السفارة بالإشراف على ذلك القسم ويسمى ذلك الدبلوماسي ب(*القنصل*) .
مع تطور العلاقات الدولية وازدياد معدلات الهجرة بين الدول ازدادت الحوجة لتعزيز المهام القنصلية التي تقوم بها السفارات الشئ الذي أدى لاعتماد اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية في العام ١٩٦٣ والتي بعد ان أكدت على حق السفارات في ممارسة الأعمال القنصلية سمحت للدولة التي لديها اعداد كبيرة من الرعايا الذين يعيشون في دولة أخرى وترتبط معها بعلاقات تجارية وثقافية وعلمية… الخ، ان تقيم معها علاقات قنصلية وذلك من خلال إنشاء بعثة قنصلية (قنصلية عامة).
*كيف يتم إنشاء العلاقات القنصلية*؟
نصت المادة ٢ من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ١٩٦٣ على ان
إنشاء العلاقات القنصلية يتم بالرضا المتبادل بين الدول.
واشترطت الاتفاقية موافقة الدولة المضيفة على الشخص الذي رشحته الدولة المرسلة للعمل كرئيس للبعثة القنصلية (*القنصل العام*) في الدولة المستضيفة، وبعد اكتمال اجراءات الترشيح والموافقة والتي تتم عبر الطرق الدبلوماسية المعروفة يحمل القنصل العام مايسمى ب(*البراءة القنصلية*) بتوقيع وزير خارجية الدولة المرسلة ويقوم القنصل العام عند وصوله بتسليمها الي وزارة خارجية الدولة المضيفة والتي تقوم بدورها بتسليم القنصل العام مايسمى ب (*الاجازة القنصلية*) والتي بموجبها تكتمل اجراءات اعتماد القنصل العام في الدولة المضيفة.

*وظائف البعثات القنصلية*
تناولت المادة ٥ من اتفاقية فيينا للعلاقات
القنصلية ١٩٦٣ وظائف البعثات القنصلية حيث ذكرت ان
الأعمال القنصلية تشتمل على ما يلي:
أ/ حماية مصالح ورعايا الدولة المرسلة لدى الدولة المضيفة.
ب/ تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية وتعزيز العلاقات الودية بين الدولة المرسلة والدولة المضيفة وفقاً لنصوص اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية.
جـ/ الاستطلاع بسائر الوسائل المشروعة على الأحوال السائدة والتطورات الاقتصادية والثقافية والعلمية في الدولة المضيفة وكتابة التقارير عنها لحكومة الدولة المرسلة.
د/ منح الجوازات ووثائق السفر لرعايا الدولة المرسلة، والوثائق اللازمة (التأشيرات) للأجانب الذين يودون زيارة الدولة المرسلة .
هـ- مساعدة وإعانة رعايا الدولة المرسلة من أفراد ومؤسسات.
و- القيام بأعمال كاتب العدل (التوكيل والاقرار… الخ) والمسجل المدني( شهادات الميلاد الزواج والطلاق الرقم الوطني… الخ) وما يشابهها.
ز- حماية مصالح رعايا الدولة المرسلة من أفراد ومؤسسات في قضايا التركات في اقليم الدولة المضيفة وفق أحكام قوانينها وأنظمتها.
ح- حماية مصالح القاصرين وناقصي الأهلية والولاية عليهم، وذلك ضمن حدود وقوانين الدولة المضيفة.
ط- تمثيل أو ضمان تمثيل رعايا الدولة المرسلة أمام المحاكم في الدولة المضيفة وفقا لقوانين وأنظمة الدولة المضيفة.
ي- تصديق الوثائق العدلية والوكالات واوراق التفويض (التوثيق) .

م- القيام بأي عمل آخر كلفت به البعثة القنصلية من الدولة المرسلة شرط أن لا يكون مخالفاً لقوانين وأنظمة الدولة المضيفة .

*حق الدولة المضيفة في اعلان الموظف القنصلي شخصا غير مرغوب فيه*

سمت اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ١٩٦٣ الدبلوماسيين الذين يعملون في القنصليات العامة *بالموظفين القنصليين* حيث ذكرت الاتفاقية في المادة الأولى منها بأن الموظف القنصلي يقصد به كل شخص، بما في ذلك رئيس البعثة، يكلف بالقيام بالأعمال القنصلية ،
ووفقا لنص المادة ٢٣ من الاتفاقية للدولة المضيفة متى شاءت الحق في أن تبلغ الدولة المرسلة أن القنصل العام او اي موظف قنصلي آخر أصبح شخصا غير مرغوب فيه، ويجب على الدولة المرسلة في مثل هذه الحالة استدعاء ذلك الشخص المشار اليه ، و إذا لم تقم الدولة المرسلة خلال مدة كافية باستدعائه، يجوز للدولة المضيفة ان توقف اعتباره من موظفي البعثة القنصلية وبالتالي تسحب منه الحصانات والامتيازات الممنوحة له ويخضع لقوانين الدولة المضيفة كغيره من الأجانب الآخرين .

*إنتهاء العلاقات القنصلية*
نصت المادة ٢٥ من الاتفاقية على ان أعمال الموظف القنصلي في البعثة القنصلية تنتهي في الحالات التالية:
أ- عند تبليغ الدولة المضيفة من قبل الدولة المرسلة بانتهاء أعمال ذلك الموظف.
ب- عند سحب الاجازة القنصلية (من القنصل العام) من قبل الدولة المضيفة.
جـ- عند تبليغ الدولة المرسلة توقف الدولة المضيفة عن اعتبار الموظف القنصلي في عداد موظفي البعثة القنصلية.

*قطع العلاقات القنصلية بين الدول*

رغم ان قطع العلاقات القنصلية هو من الحقوق السيادية التي تتمتع بها الدول إلا الممارسة الدولية تثبت أنها نادرة الحدوث بين الدول وذلك بسبب مراعاة الدولة لمصالح رعاياها في الدولة المضيفة هذا فضلا عن ان إستمرار العلاقات القنصلية حتى عند قطع العلاقات الدبلوماسية يمكن الدولة من القيام بجميع الوظائف القنصلية المنصوص عليها في المادة ٥ من الاتفاقية لاسيما تلك المتعلقة بالاستطلاع بسائر الوسائل المشروعة على الأحوال السائدة في الدولة المضيفة وكتابة التقارير عنها لحكومة الدولة المرسلة هذا بالإضافة الي ان إستمرار العلاقات القنصلية يعني إستمرار العلاقات مع البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأخرى المعتمدة لدى الدولة المضيفة.
تأكيدا لذلك وللحفاظ على العلاقات القنصلية بين الدول نصت المادة الثانية من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ١٩٦٣ صراحة في الفقرة الثالثة منها على ان قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول لا يتضمن بصورة حكمية قطع العلاقات القنصلية بين تلك الدول.

*الحصانات الممنوحة للموظفين القنصليين*

تلزم المادة ٥٥ من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ١٩٦٣ الموظفين القنصليين باحترام قوانين وأنظمة الدولة المضيفة وبعدم التدخل في شئونها الداخلية وفي المقابل تلزم المادة ٤٠ من الاتفاقية الدولة المضيفة بحماية الموظفين القنصليين ومعاملتهم بالاحترام الواجب واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع أي اعتداء على شخصهم او وحريتهم اوكرامتهم.
كما تلزم المادة ٤١ من الاتفاقية نفسها الدولة المضيفة بعدم اخضاع
الموظفين القنصليين للاعتقال أو التوقيف الاحتياطي إلا في حالة ارتكابهم لجرائم خطيرة وتنفيذاً لقرار السلطة العدلية المختصة.
كما لا يجوز للدولة المضيفة سجن الموظفين القنصليين ولا فرض أي نوع من أنواع القيود على حرياتهم الشخصية إلا في حالة تنفيذ قرار محكمة اكتسب الدرجة القطعية.
أيضا تلزم المادة ٢٦ من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ١٩٦٣ الدولة المضيفة حتى في حالة النزاع المسلح، منح موظفي البعثة القنصلية وأفراد عائلاتهم الوقت الضروري والتسهيلات اللازمة التي تمكنهم مغادرة الدولة في أول فرصة ممكنة بعد انهاء أعمال الموظفين وأن تضع تحت تصرفهم وسائل النقل الضرورية لهم ولأمتعتهم .
ختاما يمكن القول أن هنالك تداخل كبير بين العلاقات القنصلية والعلاقات الدبلوماسية بل نصت المادة ١٧ من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ١٩٦٣ على انه
يجوز للموظف القنصلي بموافقة الدولة المضيفة
القيام بالوظائف الدبلوماسية عندما لا يوجد للدولة المرسلة بعثة دبلوماسية لدى الدولة المضيفة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.