*واقعة الإسكندرية .. إحتيال لا يغتفر في زمن التضحيات* ..بقلم د.إسماعيل الحكيم..
*واقعة الإسكندرية .. إحتيال لا يغتفر في زمن التضحيات*
..بقلم د.إسماعيل الحكيم..

_Elhakeem.1973@gmail.com_
وقع أكثر من ألف شخص يوم أمس في فخ النصب والاحتيال بطريقة إحترافية.. إذ قام أحد المجرمين بالنصب على عشرات الأسر السودانية وتحصيل مبالغ مالية مقابل توفير خدمة عودتهم إلى السودان ضمن برامج العودة الطوعية ..ففي زمن تتقدم فيه الأرواح الطاهرة صفوف الدفاع عن الوطن، وتختلط فيه دماء الشهداء بتراب الكرامة، وتتعالى فيه صيحات الدعاء من قلوب أمهاتٍ لا يزلن صابرات مرابطات، يظهر بيننا من لا خلاق له ولا ضمير، يخون وطنه وأهله في رابعة النهار .. فيطعنهم بخنجر مسموم بالغش والخديعة في خاصرتهم لا بسلاح أو رصاص بل بخداع وكذب واحتيال.
واقعة الإسكندرية، التي راح ضحيتها مئات الأسر السودانية، تمثل جريمة مكتملة الأركان، بطلها شخص يُدعى عمر نصر، سوداني الجنسية يقيم بالقاهرة ، ادعى زورًا وبهتانًا خدمة المتضررين من الحرب، بينما كان ينسج خيوط احتياله في الخفاء ليمتص دماء الضعفاء، ويستغل جراحهم ومآسيهم لبناء وهم شخصي قذر.
في الوقت الذي أثبت فيه المغترب السوداني أنه أيقونة كرم ونبل، وقدّم الغالي والنفيس دعماً لأهله في الداخل والخارج ، وفي الوقت الذي وعى فيه السودانيون الدرس، وعادوا إلى الله، وتكاتفوا في وجه المأساة، يخرج هذا المحتال ليخون كل معاني الوطنية والشهامة.
هؤلاء الأسر لم تكن مشكلتهم في الغربة وحدها ، بل في الثقة التي وضعوها في من لا يستحق. ذهبوا إليه وهم يظنون أن له قلبًا ينبض بمعاناتهم وحب الوطن، فإذا به ينهش ضعفهم، وينهب ما تبقى لهم من أمل ويتركهم في العراء ..
هذه الجريمة لا يجب أن تمر مرور الكرام. هناك مسؤوليات واضحة يجب أن تتحملها عدة جهات:
– السفارة السودانية في القاهرة مطالبة بمراجعة دورها الحقيقي في حماية مواطنيها، لا أن تتركهم نهبًا للنصابين والدخلاء، وعليها أن تتصدر جهود العودة الطوعية وتنسقها، لا أن تراقب من بعيد.
– الأسر السودانية مدعوة للتثبت والتأني والتعامل بمسؤولية، وألا تترك مشاعرها ومآسيها فريسة لكل من يرفع شعارات زائفة. فالثقة لا تُمنح لمن لا يُعرف.
– السلطات الأمنية المصرية مطالبة بتكثيف جهودها للقبض على هذا النصاب وتقديمه للعدالة، فلا يمكن أن تبقى سمعة مدينة مثل الإسكندرية ساحة لنشاط المحتالين، خصوصًا من يستغلون ظروف اللاجئين والنازحين.
– وعلى وسائل الإعلام السودانية والمصرية أن تؤدي دورها في فضح هذه الجرائم، والتحذير منها، وكشف من يقف خلفها أو يغض الطرف عنها.
إن ما جرى في الإسكندرية ما كانت حادثة عابرة، بل هو جرس إنذار، بأن معاناة السودانيين لم تعد فقط مع الحرب والقصف، بل أصبحت مع ثلة من المتسلقين والانتهازيين الذين يتاجرون بدماء الشهداء وآهات الأرامل ودموع اليتامى.
فليُفتح هذا الملف على مصراعيه، وليكن “عمر نصر” ومن على شاكلته، عبرةً لكل من تسوّل له نفسه أن ينهب آلام شعب، وأن يستغل محنته في لحظة تاريخية من التضحيات والملاحم ..