منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*جنوب كردفان وتراجيديا المناطق المقفولة (١ -٢)*  علي احمد دقاش

0

*جنوب كردفان وتراجيديا المناطق المقفولة (١ -٢)*

علي احمد دقاش

✒️✒️✒️

في عام ١٩٢٢ وفي اطار السياسة الاستعمارية الرامية الي عزل بعض مناطق السودان ومنعها من التواصل والتفاعل مع بقية السودان , تم سن قانون حدد سبع مناطق يمنع دخول الشماليين والاجانب اليها
“سمي القانون بقانون المناطق المقفولة.”
حدد القانون مناطق في في دارفور، وبحر الغزال، ومنقلا، والسوباط، والبيبور ، بالإضافة إلى بعض المناطق في كردفان هي جبال النوبة كمناطق يمنع دخولها الا بترخيص من الحكومة الاستعمارية .
ملخص القانون هو :
[ تنظيم دخول الأجانب والسودانيين إلى المناطق المقفولة ومنعهم من الإقامة فيها أو ممارسة أنشطة معينة دون تصاريح من الحكومة]
وضعت عدد من القيود على الأجانب والسودانيين الشماليين الذين يرخص لهم الدخول الي المناطق المقفولة بما في ذلك حظر إنشاء المدارس، والحرمان من النشاط التجاري ومنعهم من أخذ أطفالهم معهم عند العودة إلى مناطقهم الأصلية في حالة الزواج من نساء المناطق المقفولة.
مشرعي القانون يقولون ان هدف هذا القانون هو الحفاظ على الخصوصية الثقافية والاجتماعية لتلك المناطق، ومنع التمدد الثقافي والاقتصادي من مناطق السودان الاخري .
استمر العمل بقانون المناطق المقفولة حتي نهاية الحرب العالمية الثانية نهاية عام ١٩٤٦م .
مهندس هذه السياسات في الجنوب هو “مستر مقي” اما في جبال النوبة فهو:
” انجس جيلان” الذي يقال عنه انه حجة في معرفة النوبة .
قدم انجس جيلان الي السكرتير الادارى مقترح سياسات سماها : “سياسة النوبة” Nuba Policy .
وهي السياسات التي تم بموجبها تشريع قانون المناطق المقفولة في جبال النوبة بدعوي الحفاظ خصوصية النوبة.
منع القانون الشمالين والاجانب خاصة المسلمين من دخول مناطق جبال النوبة او خروج النوبة الا باذن ومنع
التجار الجلابة الشمالين من التجارة واستثني بعض الشوام والاقباط المسيحيين كما تم ترحيل بعض القبائل العربية الي شرق الجبال .
بلغ المستعمر حدا من التعسف والتضييق علي الحريات الخاصة ان منع بعض مظاهر الثقافة الاسلامية والعربية في المنطقة مثل لبس الجلابية والعمامة السودانية ومنع النوبة من الزواج خارج أهلهم الا باذن من ضابط مختص .
أوكل التعليم في المنطقة الي الارساليات ومنع ابناء النوبة من تعلم اللغة العربية والتربية الاسلامية .
هذه السياسات عزلت النوبة من التعليم القومي و كان لها اثر سالب عليهم حيث لم يرصد دخول اي من ابناء النوبة كلية غردون التذكارية رغم القدرات العقلية المعتبرة التي يتميزون بها.
لمعرفة أعمق بالنوبة استدعي سيردوقلاس نيوبولد بروفسير اف. اس. نادل من نيجيريا لاجراء دراسة انثروبلوجية شاملة عن النوبة قام الاستاذ العالم احمد دقاش بترجمتها ترجمة دقيقة صدرت قبل سنوات.
قال انجس جيلان معلقا عن الدراسة التي اعدها نادل ليتها كانت حاضرة عند وضع سياسة النوبة
“Nuba policy”
سأستكمل بعض التفاصيل عن السياسات التعليمية في الجزء الثاني من هذا المقال لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح شديد هو ما هو الهدف من سياسة العزل التي يتكرر سنها في جبال النوبة من وقت لآخر ومن يقف وراءها… !!
للمستعمر بالطبع نظرته واهدافه لكن لماذا يكرر ذلك ابناء السودان ….!!
طيلة أيام التمرد الذي تقوده الحركة الشعبية ظلت هناك مناطق في جبال النوبة تخضع حركة المواضنين فيها الي قيود , تسمي بالمناطق المحررة. حتي بعد اتفاقية السلام الشامل وبروتوكول المنطقتين ٢٠٠٥ والذي شاركت الحركة الشعبية بموجبه في السلطة ظلت هناك اماكن مقفولة لا يسمح دخولها ….!!
حاولت الحركة تكرار نفس تجربة العزل التعليمي الذي طبق ايام الاستعمار حيث اعتمدت. المنهج الكيني بدلا عن المنهج السوداني القومي. وحتي كتابة هذا المقال هناك مناطق في جبال النوبة معزولة عن التفاعل مع بقية السودان بل وصل الحد الي المطالبة بتقرير المصير من قبل الحركة الشعبية .
هذه الايام تحاول الحركة الشعبية بالتعاون مع حليفها الجديد مليشيا الدعم السريع فرض حصار علي كادقلي والدلنج والقوز وبعض المناطق الاخري .
كسر هذا الحصار وفتح الطريق من كادقلي الي الابيض ليس عملية فك حصار فحسب بل هو هزيمة لسياسات عزل قديمة تم تجديدها بواسطة الحركة الشعبية والمليشيا الآن . وربما دون وعي منها وإلا فما هو مغزي منع طلاب تلك المناطق من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية…!!
احي ابناء الولاية الذين أطلقوا نداء جنوب كردفان ونعلن إنضمامنا بقوة اليهم ومناداتنا بتوسيع هذا النداء واهدافه لفك عزلة المناطق المعزولة جميعا .
اناشد عبد العزيز الحلو التخلي عن هذه السياسات التي تضر باهل جنوب كردفان وأناشده الجنوح للسلم ومفاوضة الحكومة وتسوية المشكلة التي استمرت اكثر من اربعين سنة ولم تجني منها الولاية الا القتل والخراب والتخلف التنموي.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.